مواضيع اليوم

السلفية الحركية في تونس :ديمقراطية بطعم الشريعة

منير مصطفي

2012-10-06 14:12:51

0

ا يمكن الحديث عن السلفية الحركية دون الحديث عن مدرسة الصحوة وهي الموضة التي برزت بقوة خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين في الجزيرة العربية هذا التيار السلفي العقيدة الاخواني المنهج تبلورت أفكاره على يد الشيخ محمد سرور زين العابدين بن نايف الذي قدم من سورية إلى السعودية في منتصف ستينات القرن الماضي وعمل أستاذا في معهد بريدة العلمي بمنطقة القصيم بعد انسحابه من جماعة الإخوان المسلمين.
وكان من رموز هذا التيار في الجزيرة الشيخ سلمان العودة والشيخ سفر الحوالي والشيخ ناصر العمر والشيخ محسن العواجي والشيخ عبد الرحمان عبد الخالق بالكويت. بعد ظهورها بالسعودية امتدت السلفية الحركية إلى بقية الدول العربية فتأسست الحركة السلفية بالكويت على يد حامد العلي وفي مصر الحركة السلفية لإصلاح (حفص) و حزب النور الوليد والحركة السلفية في السودان ولبنان والجزائر.

السلفية الحركية بتونس:الولادة من رحم الإنقاذ الجزائرية
تأسست أول حركة سلفية في تونس عام 1988 تحت اسم – الجبهة الإسلامية التونسية هي تيار قريب فكريا وسياسيا وتنظيميا من الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية وذلك ما ظهر تقريبا منذ مارس 1988 تاريخ صدور البيان التأسيسي لها وتكوين مجلس القيادة الذي ترأسه يومها محمد خوجة بعد أن تم تأسيس منطقة بصفاقس وأخرى بتونس العاصمة في نفس الوقت الذي تولى المؤسس محمد علي حراث مسؤولية العلاقات الخارجية مما مكن العديد من العناصر من المغادرة إلى الجزائر ومن ثم إلى بيشاور في باكستان (مركز تجميع المتطوعين العرب في الحرب الأفغانية الأولى ضد السوفياة ). ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية قد صنفت الجبهة الإسلامية التونسية كإحدى المنظمات الإرهابية العالمية خاصة بعد تصريحات راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ذات المرجعية الاخوانية التي قال فيها إن الجبهة ميراث للجماعة الجزائرية المقاتلة جيا إلا أن حراث يؤكد على وسطتيتها وسلمية عملها .

القيادات :سير الملاحقات الأمنية من بيشاور إلى غوانتناموا.
- محمد علي حراث من مواليد تونس سنة 1964 من مؤسسي الجبهة الإسلامية التونسية سنة 1988 قبل أن يفر إلى لندن عام 1990 من حملة المداهمات والاعتقالات التي طالت رموز التيار الإسلامي بمختلف فصائله آنذاك سيرا على الأقدام إلى الجزائر ثم سافر إلى باكستان ومنها إلى يوغسلافيا وألمانيا قبل أن يستقر به المقام في العاصمة البريطانية بعد هرب معه نحو 200 من قيادات الجبهة الإسلامية عظمهم موجودون في الدول الأوربية . وكان حراث قد بدأ حياته الدراسية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ليعود سنة 1987 ليقع اعتقاله في شهر مارس بتهمة التدرب على السلاح في إيران بنية تغيير أمن الدولة، ولكن انقلاب بن علي أدى إلى حفظ القضية سنة 88 من طرف القاضي لعدم قيام وفي سنة 1989 أعيد اعتقاله من قبل أمن الدولة بتهمة إيواء الليبيين الفارين من القذافي منهم وكيل وزارة الدفاع الحالي وكذلك عبد الحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري بطرابلس و زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا،.وفي بريطانيا أشرف حراث على الإدارة التنفيذية لقناة – إسلام شانل - التي تمولها جهات سعودية والناطقة بالانقليزية والتي اتهمتها مؤسسة كوليام البحثية لمكافحة التطرف الديني بأنها : تروج لقيم التعصب الديني تبث مواقف رجعية ضد المرأة وتروج لعدم التسامح والتعصب تجاه الطوائف والأديان الأخرى وأن الوعاظ الذين يظهرون في برامج القناة يدلون غالبا بتعبيرات مهنية للأتباع الديانات الأخرى ويحثون المشاهدين على رفض ممارسات غير المسلمين وممارسات المسلمين غير المتبعين للمذهب الوهابي. رغم إن السيد حراث كان يعمل لد الشرطة البريطانية مستشارا في شؤون التطرف الإسلامي
- محمد خوجة من مواليد تونس العاصمة 1950 دراسته الثانوية كانت بمعهد الصادقية ثم تحصل على شهادة تقني سامي اختصاص تغذية وسافر إلى فرنسا من أجل إتمام المرحلة الثالثة أين تحصل على درجة دكتوراه في ذات الاختصاص، وفي أوائل سنة 1982 عاد إلى تونس التحق في سنة 1983 بالمدرسة العليا للصناعات الغذائية تابعة لوزارة الفلاحة كمساعد ثم أستاذ مساعد إلى سنة 1990 وقع إيقافه عن العمل وذلك بتهمة النشاط في صلب جمعية غير مرخص لها (الجبهة الإسلامية بتونس) وحوكم ب10 أشهر سجنا،.
- عبد الله ألحاجي :من مواليد : تونس عام 1956 من مؤسسي الجبهة غادر تونس سنة 1990 وله ثمانية أطفال وفي عام 1995 أدانته محكمة عسكرية تونسية غيابيا بالانتماء إلى منظمة إرهابية تعمل خارج البلاد والدليل الوحيد على ذلك هو إفادة قدمها إلى الشرطة احد المتهمين التسعة عشر في قضية للجبهة عام 1993 والتي أكد فيها أن الحاجي كان يتولى مركزا قياديا في الجبهة الإسلامية وذلك أثناء وجوده في باكستان. أعتقل سنة 2002من قبل الأمن الباكستاني في بيشاور و الذي سلمه للولايات المتحدة الأمريكية ليتم إيداعه بمعتقل غوانتنامو حيث قضى خمس سنوات وفي 18 جوان 2007 تم ترحيله إلى تونس على متن طائرة عسكرية أمريكية حيث تم احتجازه بمقر أمن الدولة بوزارة الداخلية ثم بالسجن المدني بالمرناقية حيث تعرض لسوء المعاملة. مثل أمام المحكمة العسكرية في باب سعدون بالعاصمة والتي وجهت له تهمة وضع النفس على ذمة منظمة إرهابية زمن السلم وفقا لقانون الإجراءات والعقوبات العسكرية وقد سبق لهذه المحكمة أن أصدرت عليه حكما غيابيا بالسجن ثماني سنوات من أجل التهمة نفسها ولكن الحاجي أنكر خلال محاكمته انتمائه للجبهة الإسلامية التونسية
- المنجي الهاشمي : من المجموعة المؤسسة للجبهة .أعتقل في الحملات الأمنية ضد الإسلاميين سنة 1989 بتهمة الانتماء للجبهة الإسلامية والقيام بأعمال تخريبية في البلد وتعرض إلى التعذيب الشديد وفي عام 1994 أطلق سراحه بعد عفو رئاسي ليغادر البلاد نحو بلجيكا عبر الجزائر

بعد الثورة:الفرار إلى الحضن السعودي
اثر سقوط نظام بن علي في الرابع عشر من جانفي دخلت قيادات الجبهة الإسلامية في مشاورات داخلية لبحث إمكانية تحول الجبهة إلى حزب سياسي وقد التقى زعيمها محمد حراث السفير التونسي في لندن حاتم عطاء الله في خطوة تاريخية وأكد حراث في تصريح صحفي اثر هذا اللقاء أن قواعد الجبهة ما زالت موجودة بتونس رغم وجود المئات من أنصارها في السجون وكشف عن فرار العشرات منهم من المعتقل عقب سقوط النظام بسبب الفوضى والاضطرابات وقال إن أنصار الجبهة منتشرون في كافة المدن التونسية. وفي تعليق له على الخطوة التي اتخذتها السعودية في استقبالها للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قال حراث – إنها تنبع من عرف عربي إسلامي أصيل ...وأكد أن السعودية مشت على نهجها الذي تبنته منذ زمن بعيد ولا أعتقد أن فيه مساس بالشعب التونسي وإرادة الشعب التونسي وليس فيه أي تدخل في الشؤون الداخلية مشيرا إلى أن استضافة السعودية للرئيس المخلوع هو أمر سيادي جنب الشارع التونسي حمام دم لو تمسك واستمات بالسلطة ورفض مغادرة البلاد.

جبهة الإصلاح : ديمقراطية بطعم الشريعة
تعيش اليوم الظاهرة السلفية الجهادية التونسية حالة هجرة نحو العمل السياسي المنظم كنظيرتها المصرية و التي حصدت نتائج باهرة جعلت منها حليف مركزي مع الإخوان في السيطرة على مجلس الشعب فالربيع العربي كان له أكبر الأثر في التحول الفكري لدى التيار السلفي خاصة، بعد أن كان يرفض المشاركة السياسية بشكل مباشر، بمعنى الانخراط في العمل السياسي والانتماء الحزبي والتسجيل في الانتخابات، غير أنه بعد الثورات العربية تقدم السلفيون، خاصة في مصر ليتقدموا المشهد السياسي رفقة تيارات إسلامية أخرى. فالطرح السلفي ـ من دون لف أو دوران ـ وإصراره على تطبيق الشريعة سوف يضع قيادات النهضة في حرج مع قواعدهم، وما كانوا ينادون به من شعارات قبل الوصول إلى سدة الحكم. و تبقى الأيام المقبلة هي الكفيلة بالجواب على هذا التساؤل بناء على جدية وقدرة السلفيون، على القبول بقواعد اللعبة ، ومن دون الوقوع في المحظور الذي قد يكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، فيكون المصير على شاكلة الذي "لا ظهرا أبقى، ولا طريقا قطع" و على غرار التحالف السلفي الاخواني المنتصر في مصر يمكن أن يتشكل تحالف مشابه في تونس يمر به الإسلاميون إلى السلطة عبر صندوق الاقتراع يمكنهم من أغلبية مريحة في القادم من الاستحقاقات إلا أن هناك تخوفا يمكن أن يطرح و لو جدلا ،هل ستتحمل النهضة ضغط ما يمكن أن يتصور من مزايدة أيديولوجية من قبل السلفيين ، على خياراتها ، وتلك المزايدة الأيديولوجية لا شك ستتوجه إلى قطاع كبير من الجمهور يعمل له النهضة ألف حساب . وهنا ستستفحل المعضلة مابين خوف النهضة من المزايدة الأيديولوجية التي يمكن أن تفقدها قطاع من الجماهير قد تعول عليها في استحقاقات قادمة، ومن بين مخاوفهم من إجراء تحالف مع السلفيين يضع عليهم قيودا في الفضاء العام ويرسم عليهم دوائر عزلة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !