مواضيع اليوم

السلطة الفلسطينية...من العبث إلى المجون السياسي

محمد بوفارس

2010-08-25 12:51:35

0


السلطة الفلسطينية...من العبث إلى المجون السياسي


إذا كان وصف ما تفعله السلطة الفلسطينية ومنذ سنوات عجاف بالعبث السياسي، فهو لمصلحة المحتل بإعطائه الوقت اللازم لإستكمال خططه ومخططاته لتهويد القدس، وتمزيق الضفة استيطانا واستعمارا، وإظهاره دوليا بمظهر الحريص على السلام في الوقت الذي يوغل في التوحش ويشدد حصار الإبادة على قطاع غزة. فإن كلمة العبث لم تعد لتفي بوصف مواقف السلطة وتصرفاتها والتي بدت أقرب إلى المجون السياسي والذي لا يعرف محرمات ولا حرمات ولا العيب أو حتى الحد الأدنى من السلوك الإنساني بكل المعايير.
ها هي المفاوضات المباشرة تعود وفي الثلث الأخير من رمضان وبعد استئناف غير المباشرة منها على الرغم من الوعود والوعيد والذي سمعناه مرارا وتكرارا من رموز السلطة والتعهدات التي قطعوها على أنفسهم وما كانت إلا للإستهلاك الشعبي ليس إلا. فما الذي تغير وما الذي تبدل على أرض الواقع وما الذي أعطي للمفاوض الفلسطيني حتى يساق إلى واشنطن كما تساق الشاة إلى المسلخ؟ الذي حصل هو الإقرار والمواقفة الضمني على المواقف الإسرائيلية والتي ترفض تماما لا أقول تجميد الاستيطان، بل وحتى التخفيف من شبقه والذي لا يعرف الحدود، مع تصريحات ليبرمان والتي تتحدث عن صعوبة إن لم يكن استحالة إقامة الدولة الفلسطينية ومع التشديد الإسرائيلي المدعوم أمريكيا على يهودية الدولة العبرية وهو موقف يرشح لعودة طرح الوطن البديل عمليا وتفاقم أزمة لاجئين جديدة في الأفق بعد أن بلعت السلطة الفلسطينية بشكل أو أخر مسألة ملايين اللاجئين وأبطلت بتصريحات أبومازن وفياض –بشكل أو بآخر- حق العودة من خلال واقعيتها بائسة.
في 21 تموز الماضي قال أبو مازن في خطاب أمام المجلس الثوري لحركة فتح، إنه لا يريد الذهاب إلى المفاوضات المباشرة كالعميان، مؤكدا أن الجانب الفلسطيني لم يتلق حتى الآن أي ردود إسرائيلية على أسئلته في قضايا الحدود والأمن، رابطا بين الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، وتلقيه ضمانات واضحة من الإدارة الأميركية حول موقفها من مسائل الاستيطان والحدود والقدس وهدف المفاوضات وسقفها الزمني. وأوضح عباس أنه لم يتلق حتى الآن سوى «رسالة من الرئيس الأميركي باراك أوباما لم تكن واضحة في ما يتعلق بحدود الدولة الفلسطينية ووضع كل من الضفة وغزة»، فيما كشف على أنه يتعرض لضغوط شديدة وصعبة من أجل القبول بالذهاب إلى المفاوضات المباشرة، غير أنه أكد لأعضاء المجلس الثوري أنه سيقاوم كل هذه الضغوط مسنودا بموقفي مصر والأردن المؤيدين للموقف الفلسطيني في رفض الذهاب إلى مفاوضات مباشرة دون وقف الاستيطان وإعطاء ضمانات واضحة وحقيقية.
وبالعودة إلى تصريحات أبومازن والتي تعودنا وتعود المواطن الفلسطيني معنا على رؤية الرجل ورفاقه وهم يلحسونها ويبلعونها وبشكل مهين، ومع تكاثر الحديث عن ضغوط أمريكية شديدة، ضغوط تسرب مصادر السلطة على أنها أنها مادية وذلك بوقف المساعدات عن سلطة تعتمد في حضورها الفلسطيني وبشكل أساسي على العامل المالي وهو ما عبر عنها سلام فياض بشكل غير مباشر حين حذر من أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية "غاية في الصعوبة". هذه الأمور تطرح تساؤلات تحمل في طياتها إجاباتها، ففيما يتعلق بالراعي الأمريكي والذي يهدد ويتهدد الطرف الأضعف لسوقه للمفاوضات المباشرة، فهل الطرف الأمريكي وسيط في المفاوضات أم راعي وحليف وداعم بلا حدود للاحتلال ولمظالمه؟ وهل تصلح مثل هذه السلطة ورئيسها للتفاوض حول مستقبل الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والتي تتعلق بها قلوب ملايين المسلمين؟ وإذا كانت السلطة عاجزة عن مقاومة ضغوط العودة للمفاوضات، فهل هي قادرة على مواجهة أية ضغوطات خلال مراحل الحل النهائي، هذا إذا أجريت؟!
إن قضية بإهمية فلسطين وقدسيتها وموقعها الديني وبعدها الإنساني، أكبر وأعظم من أن تترك لمجموعة يغلب على صورتها الفساد وروائح العمولات والصفقات، وبالتالي من حق تلك القضية على سياسي الأمة ومفكريها ومثقفيها أن يقفوا منها الموقف المطلوب وأن يصفوا الأمور بأوصافها الطبيعية ويسموا الأشياء بمسياتها الحقيقية. إن سلطة تلاحق المقاومين وتعرضهم لإشد أنواع التعذيب والتنكيل، وتحاول شراء المناضلين من كتائب الأقصى بالمراكز والرواتب، وتنسق أجهزتها مع الاحتلال للسهر على أمن المستوطنين ورفاهيتهم ولو على حساب مآذن مساجد الضفة، وتعيق أي جهد لإدانة الاحتلال كما حصل في تقرير جولدستون وغير ذلك، هي في واقع الأمر سلطة تقوم على خدمة الاحتلال وهي اسوأ من ميلشيات لحد وأبشع من روابط القرى. أوليس من البؤس بعد ذلك وقبله الحديث عن مصالحة فلسطينية حين يكون أحد الأطراقف مقاوما والثاني مقاولا؟!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !