الســـــــــــــــــــــــــــــــــــلام !!!
انتابتني وعكة صحية فتمردت اعضائي علي وبدت اطرافى كقطع من الثلج بينما راسي يشتعل بحمى لا ترحم , وكالعادة اعلن الطب الحيوي حياده فى حالتي , وانا اعلم تماما عندما تطاردني تلك الاعراض اكون قد اصبت بعلة اشتعال الغضب والضجر والقلق وضياع الامل والسلام , وعلى الرغم من حرارتي التى تعلو وتعلو , تبقي افكاري وبناتها فى دق مستمر داخل رأسي لتزيد من وحشتي والمي لما يمر به العالم وكأني مسئولة لوحدي عن ما يحدث هنا وهناك من مصائب وكوارث ..
فأتمرد على نفسي المستسلمة , وعلى الرغم من كل هذا الغضب وكل الرفض وكل الضجر وكل العجز امام ما يحدث حولنا من مهازل الا انني سأبقى مثل الفراشة التى لا تخشي الضوء وان كان فيه مقتلها يكفيها ان يزيد بوميضه بهجة الوانها ..
هكذا انفض الغبار عن نفسي , وارفض ان ادع اى شعور بالقهر يخترقني , اى عواطف تقايضني وتستذلني , واحاول ان اخلص جسدي من حالته الترابية واحرك لمسة الله فيه واشتد ..
وكمن يعود من حلم ليلي طويل كئيب عدت , اغرقت نفسي فى صبح جديد للحياة اهدته لي افكاري وبناتها المشاغبات بأن دائما ثمة خيار امام اى نفس منفية بقرار من اخريين بأن تسبح ضد التيار ..
فازداد تصميمي على سحب روحي المنهزمة منى والمنزلقة نحو عالم مجنون الغى فيه كل اتزان وتبني الادعاء المرفوض بان الانسان ابن الظروف وانه لعبة الايام والتى بدورها لعبة الاقوياء ..
فتذكرت نجمة عالية توحدت معها ذات يوم بعد ان الحت علي كثيرا بالهجرة اليها نافخه بي روح جديدة وأحلام عراض أن امتطى الريح وأغادر قيودي وأسمالي الحريرية واختار نمطا اخر من زخارف الحياة , لم اكن اعرفه , فألانا هناك غيرها في زماني ومكاني السابقي العهد والسلام يعمر هناك .
كم تمنيت ان يكون السلام هنا فوق ارضنا حتى لا اضطر الى الهجرة الى اى مكان
باحثة عن امل فى سلام بين البشر ..
كنت أحيط رأسي ووجهي بكفي لأرطب من حرارته ولأدفئ يدي وانا مازلت ابحث عن سراب فى عالمنا اسمه " السلام " لأنه وللأسف يعدم بجرة قلم من احدهم ..
وفجأة ومضت فكرة فى رأسي ورف قلبي ونبضت روحي وانا أدون لحظة انعتاق باهرة أضاءت مشارف بيداء كثيرا ما تهت فيها واتبعت دليل لم يربك خطواتي وتم لقاء وجه اطل على من عليائه ليس مثل كل الوجوه في عينيه تصميم يحطم صلابة الماس ويفوق بريقه ..
وقفت مبهورة بميلاده الجديد تلاحقني أنفاسي كأنها على وشك النفاذ ..
انه أمامي حقيقي مثل وجودي .. انه السلام بلحمه وشحمه
آه كم اشتاق الى جرعة من هذا السلام وليكن بعدها ما يكون ..
كانت يدي ممدودة نحوه لذت يدفئها وقوتها , تسرب من نفسي لنفسي الثبات والوضوح وتشبثت في بر الأمان كان شيئا فريدا وخاصا لن أحسه إلا مرة واحدة يمر بي , أن تكون أنت نفسك المصدر والملاذ فانه يغمرك شعور رائع بانك تملك كل شئ لأنك ملكت زمام نفسك اخيرا كأنك منك واليك ..
تساءلت بعدها عن معنى الوجود ان لم يغمره مثل هذا الاحساس السلام مع نفسك ومع الاخرين !!
وسواء كان ما رأيته وهما ام حقيقة فقد كنت اعيشه بمطلق ايمان , التصق به استغرق فيه .. بعد ان عشت العبث بعينه انتظر الغيث من خارج نطاقى , انتظر نظرة دافئة تحتضن روحي او كلمة عذبة تبث الامل لقلبي بأن السلام فرش مظلته فوق الجميع على الارض ..
ان انتظاره هو الشئ الذى نحيا من اجله دوما , نريد ان نشعر به وان نلمسه فى كل شأن من شؤوننا , نريد ان يتواجد فينا مهما توارى بعمقنا مهما تعذب به احتياجنا , ومهما صبرنا على غيابه عن ايامنا , نريده ان يقف فى يوم ما ويعلن عن حضوره الباهى امام النفس المتحررة من مخاوفها وعجزها وترددها لتطرق ابواب المستحيل ..
ايها السلام ..
ان القلوب الحزينة تقف بانتظارك .. لانك وحدك من يعرف ان المتاهة التى تحكم حلقاتها على رقاب البشر لن تنفك الا بك .. وان حيلة الصبر التى لا يمتلكها البشر فى انتظارك ليس الكل يمتلك مفاتيحها ..
ايها السلام ..
كيف استمع لنصيحة واتروى جنونى العاصف فى البحث عنك .. للخروج من شرنقة الشرور التى تحجر على خطواتي فاقع وانهض من جديد جادة فى البحث والتنقيب عنك.
ايها السلام ..
لم استطع ان استشعر لوحدتي بدونك طعمها الخاص ذلك الطعم الفريد الذى يعبق بنكهة التصافي مع الذات والذى بدأت اتذوقه .. وعلى الرغم ان بابك مازال موصد امام الشعوب فقد شعرت بكثير من العيون حول غرفتي تخترق الحجب وترصدني متلهفة ان اكون فهمت الايحاء حتى اعود للدوران بسلبية كما كنت واقبل كما قبلت ان اكون النبع ويقتلني العطش ان اكون الربوة واموت اختناقا ان اكون الحب واستظل بالوحشة وانسى ان هناك سلام ..
التعليقات (0)