مواضيع اليوم

السلاح وقضايا التسلح فى عالمنا العربى

زين العابدين

2010-12-11 10:30:35

0

                       السلاح و قضايا التسلح فى عالمنا العربى
تحت ذريعة السرية والحفاظ على الأمن القومى وقوة الدولة ، وما إلى ذلك من عبارات فارغة جوفاء خالية من أية مضمون حقيقى وواقعى يمكن أن يعكس بالفعل وقائع حقيقية ملموسة تجرى على الأرض ، ويمكن أن يشعر بها كل مواطن ، و لم تعد تخف كما لم تعد تنطل على أحد ، تجرى فى سرية تامة ، غير مبررة و مريبة ، التعاقد على السلاح والأسلحة ، ومن ثم تدفقها على عالمنا العربى . كما يجرى أيضا فتح وتخصيص الإعتمادات والبنود ، بل والميزانيات ، السرية لشراء السلاح دونما أية رقابة أو محاسبة أو مسائلة من قبل أية مؤسسة وطنية ـ كالبارلمان مثلا ـ أو اية جهاز رقابى مؤسسى آخر فى الدولة ، كالجهاز المركزى للمحاسبات مثلا .
و لقد صار من المعلوم ـ وأيضا من البديهى ـ بالضرورة أن إسرائيل أضحت على علم ، وخاصة فيما يتعلق بأية شأن من شؤوننا العسكرية العربية بصفة عامة وإجمالية ، وفى كل دولة عربية من دول عالمنا العربى بصفة خاصة ، و كل على حدا ، بكل قطعة سلاح داخلة أو خارجة من عالمنا العربى سواء من حيث النوع أو الكم وأيضا السعر وطرق التمويل والتسليم والتسلم ، وبعدئذ التدريب ، ودواعى ووقت وهدف الإستخدام ، ثم ـ وهذا هو الأهم ـ سيوجه ضد من هذا السلاح فى أحلك أو أسوأ الظروف ...؟!
وهذا لا يعنى أن إسرائيل تجهل مصادر ونوعية وكم التسلح فى باقى دول الشرق الأوسط ، وإنها بعيدة عن إمكانية التأثير فيها ، وخاصة فى كل من تركيا وإيران ، حيث أن تركيا عضو بحلف الناتو ، وإسرائيل أيضا لها علاقات ممتازة مع نفس الحلف ، وهى حليف رئيسى له ، على الرغم من إنها لم تنضم بشكل رسمى إليه ، فضلا عن إنها ترتبط بعلاقات دبلوماسية ومعاهدات عسكرية إستراتيجية مع تركيا ، تسمح وتتيح لكليهما التعاون و إجراء التدريبات العسكرية المشتركة ، كما تسمح للطيران الإسرائيلى ، وفى حالات معينة ، بالتحليق فوق الأراضى التركية ، كما إنها كانت تصدر لتركيا تكنولوجيا عسكرية متقدمة وتعاونت معها فى إنتاج مشترك لبعض الأنواع من الأسلحة .
واستطاعت إسرائيل أيضا أن تؤثر على روسيا فى وقف تصديرها لإيران ـ وكذا لسوريا ـ بعض المنظومات الصاروخية الدفاعية ، وليست الهجومية ، المتقدمة والمضادة للطائرات ، خاصة بعد إختراق الطيران الإسرائيلى للأراضى السورية أكثر من مرة وقصفه لما كان يعتقد بإنها منشآت سورية نووية يجرى بناءها و إعدادها فى سوريا .
ومصادر التسلح ، أو التسليح لعالمنا العربى ، هو تقريبا مصدر واحد رئيسى وهو الغرب بصفة عامة والولايات المتحدة بصفة خاصة ، ويأتى بعدئذ مصادر ثانوية آخرى تأتى على رأسها روسيا ثم الصين فكوريا الشمالية بدرجة أقل .
والصين أيضا ليست بدورها بعيدة عن التأثير الإسرائيلى الأمريكى فيما يتعلق بصادراتها من الأسلحة إلى العالم العربى ، حيث أنه من غير المسموح لها ، بطبيعة الحال ، أن تصدر لأية دولة عريية ما من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل من أسلحة .
والصين ، مثلها مثل أية دولة غربية "براجماتية" آخرى تحكمها ، وأيضا توجه سياساتها ـ ومن ثم إقتصادها ـ المصالح ، وهى ترتبط بمصالح إقتصادية وعسكرية تكنولوجية متقدمة مع إسرائيل ـ ناهيك عن الولايات المتحدة ، وأوربا ـ حيث تصدر لها الأخيرة ، وباتفاق وتوافق وتنسيق تام مع الولايات المتحدة بطبيعة الحال ، تلك التكنولوجيا العسكرية المتقدمة ، والتى لايمكنها بطبيعة الحال أن تضحى بها من أجل فقط حفنة من الدولارات لقاء ما يمكن أن تبيعه العرب من سلاح لاترضى عنه إسرائيل .
بقى أن نشير هنا أنه ما من دولة فى العالم ، بما فى ذلك الولايات المتحدة نفسها ، وأيضا إسرائيل ، لايناقش فى برلمان أى منها ميزانية الدفاع ، أو حتى ميزانية الإستخبارات ، فالكونجرس الأمريكى ـ بمجلسيه ـ يناقش ميزانية الدفاع الأمريكية ، ويده مطلقة فى رفضها أو تعديلها أو الموافقة عليها ، وعلى البيت الأبيض أن يخضع ويرضخ فى النهاية لما يمكن أن يسفرعنه قرار الكونجرس فى هذا الشأن ، أو أية شأن آخر .
إذن من العيب ، والإستخفاف بمكان ، وأيضا الهبل والخطل والعبط والإستعباط ، أن تكون إسرائيل على علم بكل صغيرة وكبيرة بشأن السلاح والتسلح فى عالمنا العربى ، وخاصة فى مصر ، ثم يمنع الشعب المصرى ، والذى نحن جزء منه ، من معرفة أية شىء بهذا الخصوص بحجة السرية ، والحفاظ على أمننا القومى . ثم تحت ستار شماعة الأمن القومى أيضا لاتناقش ميزاينة الدفاع ، أو عقود و إعتمادات شراء وأستيراد السلاح ، فى مجلس الشعب ، كما لايتم مراجعة أوجه الصرف والإعتمادات من قبل أية جهاز رقابى آخر فى مصر ـ حتى ولو كان جهازا شبه محايدا يخضع مباشرة لسلطة ، ومن ثم إرادة ، رئيس الجمهورية ، كالجهاز المركزى للمحاسبات مثلا .
ومن هنا فيحق لنا أن نتسائل ، ونسأل كل ما يعنيه الأمر فى مصر ـ أو فى أية دولة عربية آخرى ـ لماذا لاتناقش ميزانية الدفاع فى مجلس الشعب ـ حتى ولو كان مزورا ـ حتى يطلع كل أفراد الشعب من دافعى الضرائب على أوجه الصرف العسكرية الحقيقية ، ليس فقط على ما يقولون أنه سلاح ، ولكن أيضا على الأجور والمرتبات والمكافآت والمزايا العينية والنقدية الخيالية ، والتى قد تفوق أحيانا الخيال ، والتى قد يحصل عليها من لا يستحقونها ...؟! أين إذن العدالة الإجتماعية ، أو أين حتى عدالة التوزيع للدخل القومى للبلاد لكل العاملين بالدولة على حد سواء ...؟! ... أم أن الحاكم وأولاده وكل من إحتكر عقود شراء وتوريد الأسلحة يستفيدون من ذلك ولايريدون لأحد أن يطلع على مايدرونه من عمولات وأرباح المتاجرة بالسلاح والتى قد تصل إلى المليارات المستنزفة من دماء هذا الشعب ، والمستنفدة من ثرواته وموارده ...!
ثم لماذا السرية فقط على هذا الشعب الكادح الغلبان على ميزانية الدفاع المصرية ، وعقود شراء السلاح ، فى الوقت الذى صرنا نذكر فيه، جهرا وعلانية ، صباحا ومساءا ، فى مناسبة وغير مناسبة ، بأن السلام أصبح هو خيارنا الإستراتيجى، وأن لا خيار آخر غيره ، وأن 99% من أوراق اللعبة فى أيدى الولايات المتحدة ...؟!
                                                        مجدى الحداد

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات