السفر وصحبة الكتاب
السفر من ألذ ما يتمتع به المرء ومن أكثر الأمور التي يستفيد منها في تحصيل ما يرقب إليه ويريده.
فهو من جهة يجلي الكرب ويزيل الهم ومن جهة أخرى فيه اكتساب للمعيشة ومعرفة للحقيقة الصديق.. وما إلى ذلك من الفوائد حتى قال الإمام علي(كرم الله وجهه):-
تغرب عن الأوطان في طلب العلى
وسافر ففي الإسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
ففي هذه الأيام بذات أيام الإجازة الصيفية يكثر السفر والترحال من بلد إلى آخر بقصد النزهة والسياحة في بلاد الله الواسعة .
فقد يختار البعض سياحته داخل المملكة حيث الطبيعة والجمال ولاسيما في الجزء الجنوبي الغربي من بلادنا الحبيبة حيث الباحة وعسير وأبها.
والبعض الآخر يفضل قضاء إجازته خارج البلد. وليس هذا بيت القصيد أنما نقول أن كل من هؤلاء سواء من يريد أن يقضي إجازته هنا أو هناك فأنه بطبيعة الحال سيستعد لها بتجهيز ما يهمه من طعامه وشرابه وملبسه وغيرها من الضروريات.
ونقول لماذا لايكون كذلك الكتاب من هذه الضروريات التي تحرص على أن تكون رفيق دربك في سفرك .. فالكتاب هو خير صاحب في الحل والترحال .
لماذا لانكون مثل علمائنا الأوائل الذين كانوا يملئون خراجهم من الكتب وكان حمل بعيرهم منها ؟! .
بماذا لا نتخذ منهم القدوة والأسوة الحسنة في ذلك؟.
فكما نحرص على غذاء البطن والجسد لابد أن نحرص على غذاء العقل والروح. فالقليل من الذين نعرفهم ممن يحرص على ذلك . وأن كانوا موجودين بحمد الله فأنا أعرف شخصاً في خروجه من منزل إلى منزل الكتاب في جيبه وعندما يريد السفر فأنه لابد أن يحمل معه شيئاً من الكتب، ولكن ما نسبة هذا إذا ماقورن بغيره ممن هم حريصين على حمل الطعام والشراب .
بل من المفترض أن أعمل رحلات خاصة لاقتناء الكتاب من هنا وهناك وأسعى أن أحصل على ما هو جديد مما يكتب في شتى الموضوعات ، أفلا أرحل إلى المنطقة الفلانية والدولة الفلانية من أجل أن أشاهد مباراة في كرة القدم مثلاً ، أنا هنا لا أقلل من شأن الرياضيين أو كرة القدم ،أنما أقول كما أعطي لكرة القدم حقها فيجب أيضاً أن أعطي للقراءة والكتاب ما هما جديران به .
وقد قلنا سابقاً أن علماءنا الأوائل كانوا يقطعون الدروب والفيافي في سبيل الحصول على معلومة واحدة أو رواية واحدة أو حديث واحد.
الآن وقد صار كل شيء سهل وميسر وأصبح الكتاب في متناول اليد ، وفي كل مكان فبإمكاني حمله وأنا في المنزل وأنا في الشارع وأنا في سفري وتنقلي.
وصحبة الكتاب في السفر جداً جميلة وفي كل الأحوال لاسيما عندما نكون على قرار بالذهاب إلى أماكن سياحية جذابة مثل ما ذكرنا سابقاً كالباحة مثلاً أو أبها أو كنا ننوي الرحيل إلى أحد الشواطئ فأن القراءة عند الشواطئ متعة لا تعادلها متعة ولقد قالوا في أسباب الراحة الماء والخضر والوجه الحسن وأنا أضيف والكتاب الدسم.
ولذلك استشهدنا بما قال الإمام علي(كرم الله وجهه ) في البيت الآنف الذكر.
فكما في السفر تفرج الهم واكتساب المعيشة فيجب أن يكون فيه أيضاً التزود بالعلم والمعرفة حتى وأن كان سفر قصير، فيجب أن لا تخلو يدك من كتاب تستأنس به وتتزود منه.
فإن فائدة الكتاب لاتحد بزمان ولا مكان فتبقى فائدته وثمرته سواء في البلد أو في الطريق والسفر فحمله سهل وغير مكلف ولا متعب إذا ما قورن بغيره من الأحمال.
وأخيراً جدير بنا أن نقول أن الكتاب هو سلاح المثقف في إقامته وتنقله ومثله إي المثقف لا يمكن أن يخرج إلى سفره وهو خالي الوفاض من كتاب يملئ عليه دربه ويمحو عنه غربته .
محمد المبارك - الاحساء
التعليقات (0)