السعودية:70 % من المتحرشين بالأطفال من المحارم
علي بن حاجب
ارتفاع نسبة تحرش المحارم بالأطفال!
كشفت دراسة حديثة أن ربع الأطفال السعوديين يتعرضون للتحرُّش بكافة أشكاله، وأن أكثر من 70% من المعتدين على هؤلاء الأطفال من المحارم (أب، أخ، عم، خال). كما بينت الدراسة التي أعدها د. علي الزهراني، في رسالته للدكتواره "في سوء معاملة الأطفال والمراهقين" من قسم الطب النفسي بجامعة أدنبرة باسكتلندا، أن 62.1 % رفضوا الإفصاح عن الأشخاص الذين أساءوا إليهم لحساسية العلاقة التي تربطهم بهم، بينما صرح 16.6% منهم أن الأقرباء هم الذين أساءوا لهم جنسيا، بينما قال 4.8 % أن إخوة هم من فعل بهم ذلك، و12.3% أصدقاء و 2.1 % معلمين، بينما تنخفض النسبة إلى 1 % لكل من الآباء والأمهات.
كما أكدت دراسة أخرى أجريت في مركز الرعاية الاجتماعية بالرياض أن 80% من المعتدين على الأطفال من الأقارب، وأن 8 من كل 10 حالات يكون المعتدي شخص يثق فيه الطفل أو يحبه، فيستغل المعتدي هذه الثقة أو الحب ويغري الطفل للانخراط في ممارسات لا يعرف الطفل حقيقتها وينخدع بها في البداية.
وتعد هذه القضية من أخطر القضايا الاجتماعية التي يتم التكتم عليها خشية الفضيحة العائلية أو العار الاجتماعي، دون بذل جهود كبيرة لاستئصالها من مجتمعاتنا العربية ما يجعلها ماضية في الاستفحال، الأمر الذي دعا مختصون سعوديون بالمطالبة بسن قانون للحماية الجنائية للطفل يحميه من التحرش الجنسي الذي يقع عليه بسبب إهمال الأسرة وغفلتها وعدم متابعتها لأبنائها.
جرح لا يلتئم
طالع:
دليل الأطفال المصور للتعامل مع التحرش
الأخصائي النفسي د.خالد الحليبي، مدير مركز التنمية الأسرية بالأحساء، أكد في تصريح خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" أن الجرح الذي يصاب به الطفل جراء الاعتداء عليه من قبل أقاربه سيلتئم مع الأيام، لكن هناك جرح نفسي يصاب به الطفل لا يمكن أن يلتئم، مؤكدا أن من تعرضوا للاعتداء الجنسي من قبل أقاربهم سيبقون مجروحين طوال حياتهم.
وقال الحليبي: "للأسف الشديد أصبح الاعتداء على الأطفال ظاهرة ملموسة؛ فقد تعرض ربع الأطفال -حسب الإحصائيات- إلى اعتداءات جنسية، وأغلب هؤلاء الأطفال أعمارهم دون الرابعة عشرة، كما أن الطفل على الأغلب يأمن أقاربه ويجلس معهم معتقدا أنهم سيحمونه وقت الشدة من الأخطار، وسيلجأ إليهم إذا حدثت له مشكلة، ولذلك يطمئن إليهم، إلا أنه ينبغي الحذر الشديد منهم؛ لأنهم بشر يصيبون ويخطئون".
ودعا الحليبي الآباء والأمهات إلى مراقبة أبنائهم باستمرار، وقال: "هذا لا يعتبر شكا في الأبناء إنما هو جزء من الحذر؛ لأن مثيرات الجنس أصبحت في كل مكان، والدراسات تؤكد أن الأطفال كلما شاهدوا لقطات إباحية متعددة كلما زاد تقبلهم الجانب الجنسي من الآخرين، أو ممارسته، أو ربما مجرد التقليد فقط".
كما حذر الحليبي الوالدين من "الممارسات الجنسية التي تحدث بين الزوجين حتى لو كانت صغيرة كالقبلة أمام الأطفال؛ لأنها تجعل الطفل يستصغر مثل هذه الأمور ولا يعدها أمرا كبيرا، مشددا على عدم ترك الطفل يتواجد مع من هو أكبر منه سنا على انفراد، ولو كان من أقرب الأقرباء؛ لأن كثيرا من حالات التحرش الجنسي غالبا ما تكون من أقرباء الطفل".
تعتيم أسري
وأوضح "طلال الناشري"، أخصائي ورئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد، أن المعتدي جنسيا حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل، وله علاقة ثقة وقرابة للضحية.
وحول آثار التحرشات الجنسية على نفسية الطفل وعواقبها قال الناشري: هذا الاعتداء يتم بسرية كاملة؛ حيث يلجأ المعتدي لإقناع أو ترهيب الطفل بضرورة إخفاء الموضوع وعدم الكشف عنه، وقد يتلذذ الطفل بهذا الموقف ويستمر على ذلك، ويؤدي به إلى الانحراف إذا أُهمل ولم يتلق النصح والحذر من ذلك، وقد يشعر بالخوف من الإفصاح لوالديه أو للكبار؛ خوفا من العقاب أو التندر عليه أو الاستهزاء به.
ويضيف طلال: على جانب آخر قد يخاف الطفل من المعتدي؛ لأنه يهدده بالقتل أو بشيء آخر إن أفشى ذلك لأحد، رغم أنه يشعر بالإهانة من جراء ذلك التحرش.
وأشار الناشري إلى أن الضحية قد يكون عدوانيا انتقاميا فيعتدي على الآخرين مثلما اعتدي عليه، وقد يكون انطوائيا منعزلا يكره الآخرين ولا يرغب في العلاقات الاجتماعية، ومن بينهم من يصاب باضطرابات نفسية، وقد تكون ثقته بنفسه وبالآخرين ضعيفة جدا، وقد يصاب بالشذوذ الجنسي كاللواط للرجل، أو السحاق للمرأة، وربما يعزف عن الزواج خوفا منه، وإن أجبر على الزواج لا يسعد به؛ كونه يخجل من الإفصاح عما يعاني من أمراض في الجهاز التناسلي والتهابات مختلفة.
من جانبها، تشير الدكتورة "إنعام الربوعي"، رئيسة جمعية الحماية الأسرية بجدة، إلى أن التحرش الجنسي الذي يقع داخل محيط الأسرة من أقارب الضحية يتم التكتم عليه حتى لا يحدث بلبلة وشرخا في الأسرة خوفا من السمعة، أما الحالات التي تصل للمحاكم والشُرطة والادعاء العام فهي حالات غالبا ما يكون فيها الجاني من خارج محيط الأسرة، كالسائقين، والشغالات، والباعة في البقالات، ومعظمها يكون القاسم المشترك فيها غياب الأسرة، أو تفككها، أو وجود إدمان للمخدرات.
كن حرا
وكشفت "نورة البنعلي"، اختصاصية العلاقات العامة بالمكتب النسائي ببرنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، أن من بين أربعة أطفال يوجد طفل قد تعرض لنوع من أنواع التحرش الجنسي، مضيفة أن الطامة الكبرى أن يكون التحرش من طرف أحد المحارم من درجة القرابة العليا للطفل، وأن التحرش يقع في أماكن يُفترض أن تكون بمنأى عن الأفكار والسلوكيات القاصرة.
ولفتت نورة -وفق جريدة شمس- إلى دور العمالة الوافدة في التحرش الجنسي بشكل غير مباشر، كالإسهام بفعالية في بيع المنتجات الجنسية، وترويج الأفلام الخليعة والصور العارية المثيرة في أجهزة الهواتف النقالة، وألعاب الفيديو السيئة، وفتح شفرات القنوات الإباحية، وتوافر بطاقات الاشتراك فيها.
ودعت "رنا الصيرفي"، مديرة مركز "كن حرا" بالبحرين، إلى تشكيل أطواق حماية للأطفال من التعرض إلى الاعتداءات عموما، وحملت رنا كل أب وأم مسئولية الاعتداءات التي تقع على الأطفال بسبب عدم المتابعة والمراقبة، مشيرة إلى شح القوانين المتعلقة بمجالات حماية الطفل على المستوى الخليجي.
وأرجعت " رنا الصيرفي"، في محاضرة نفذها القسم النسوي في برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب بالدمام، حالات الاعتداء على الأطفال إجمالا إلى عوامل عدة، أبرزها: ضغوط الحياة، وعدم السيطرة على الغضب، إضافة إلى عدم إلمام أولياء الأمور بالطرق البديلة للعنف، والفجوة التقنية والمعرفية بين الآباء وأبنائهم.
وأوضحت أن الطفل ضعيف الشخصية، والخائف المتوتر الذي يعاني من العنف الأسري، ومن تعرض إلى اعتداءات سابقة، هو الأكثر عرضة للتحرش الجنسي، مؤكدة أهمية وجود قوانين واضحة ومحددة لتعزيز الحوار بين الآباء والأبناء.
--------------------------------------------------------------------------------
التعليقات (0)