هل تذكرون تمثيلية جورج بوش الأمريكاني وذيله البريطاني توني بلير التي روجوا فيها للعالم أن الرئيس العراقي صدام حسين يحوز أسلحة نووية تشكل خطراً على الأمن "العالمي" ..
وقاموا بجرجرة هيئة الطاقة النووية لعمل حملات تفتيش بالعراق ..
والتي فتشت كل سنتيمتر بالعراق ولم تجد شيئاً ..
هل تذكروا تمثيلية طرود الجمرة الخبيثة ؟!..
هل تذكرون تصريحات وتأكيدات توني بلير عن خطورة تأكيدات إحتمالية استخدام صدام حسين للسلاح النووي؟! ..
ثم تدجين أمريكا للأنظمة العربية "الكبرى" وسحبها من رقابها للتوقيع على صك شرعنة وتقنين شن أمريكا حرباً عاتية وإجرامية ضد العراق قضت فيها على الأخضر واليابس.. وقتلت فيها أكثر من مليون ونصف المليون عراقي ..ودمرت البنية التحتية للعراق ..وقضت على جيشه .. ثم قبضت على رئيس العراق وشنقته بطريقة مذلة ومهينة .. وتركت العراق خراباً يباباً ..
كل ذلك كان بمباركة الأنظمة العربية الكبرى والمؤثرة في مصر والسعودية وقطر وغيرها ..
لم تكن أمريكا لتجرؤ على المساس بالعراق لو سحب أي من الأنظمة العربية الكبرى سرواله وربطه إلى بطنه ووقف ليقول لها لا .. حيث كانت الشعوب العربية ستقف في وجه أمريكا بالحديد والنار لتمنعها من ذبح العراق ..
ولكنها الأنظمة العفنة المتهرئة المرتعشة التي تخشى على عروشها وكروشها أكثر من خشيتها على شعوبها وأوطانها ..
كذب بوش .. وكذب بلير .. ولا يزال بلير مطارداً حتى اليوم بتهمة الكذب على شعبه وتضليله بمعلومات كاذبة لتبرير إعلان الحرب على العراق ..
نفس السيناريو .. حدث في ليبيا .. ترويج إعلامي على أوسع نطاق بأن القذافي يضرب شعبه بالطيران الحربي !!
القذافي يبيد شعبه !! ثم تدخل عسكري أجنبي لضرب البنية التحتية في ليبيا ..وتدمير ليبيا ..
ثم القبض على رئيس ليبيا وقتله بطريقة مذلة ومهينة ..
نفس السيناريو .. يحدث الآن في سوريا .. ترويج إعلامي على أوسع نطاق بأن بشار الأسد يضرب شعبه بمدافع الهاون وبالطيران الحربي !! .. الأسد يبيد شعبه !!! ثم "سيحدث" تدخل عسكري أجنبي لضرب البنية التحتية في سوريا .. وإبادة الجيش السوري . .وتدمير سوريا .. ثم سيتم القبض على رئيس سوريا وقتله بطريقة مذلة ومهينة ..
لكن الجميل والطريف في المسألتين الليبية والسورية .. أن الترويج الإعلامي لم يعد أمريكياً .. بل عربي مبين ..
قطري "بقناة الجزيرة" ..و سعودي ملكي بالقرارات الدولية .. السعودية وقطر تقودان حملة محمومة بشأن سوريا "أشد براعة من أكاذيب بوش وبلير بشأن العراق " .. الملك السعودي الذي يفتقر للسياسة وحنكتها يغلق "متعمداً" كافة فرص انفراج الأزمة "ودياً" في وجه سوريا ..ويسحب الجميع نحو حل حتمي أوحد هو التدخل الأجنبي "الأمريكاني طبعاً" لضرب سوريا وتدميرها للقضاء على نظام الأسد الموالي لإيران !!! الملك السعودي والأمير القطري ..لم يكلف أحدهما نفسه للتدخل "شخصياً" لدى نظيره السوري بزيارة تاريخية لسوريا - قبيل تعقد الأزمة- ومباحثة الرئيس السوري عن تطورات الوضع .. وبذل جميع المحاولات الممكنة لرأب الصدع بين نظام الحكم السوري والمعارضة ..
ملك السعودية وأمير قطر ورئيس سوريا كانت تجمعهم لقاءات قمة الجامعة العربية .. وهم رؤساء دول عربية .. ونظراء .. وزملاء .. وشركاء في مصير عربي مشترك ..
ما الذي أعجزهم عن اللقاء والتدخل "المخلص الودي" لحل الأزمة السورية ؟!..
كيف تحول الرئيس السوري في لحظة إلى مجرم قاتل لشعبة .. وفاقد للأهلية .. والمصداقية .. ووجوب ضربه وخلعه وقتله وشنقه ؟!!
ماذا فرق بشار الأسد عن عبدالله.. وعن حمد .. وعن مبارك.. وعن القذافي .. وعن البشير.. وعن صالح ؟!!
والله العظيم لم يكن أي عربي من المحيط إلى الخليج ليفرق بين هؤلاء "الزعماء" أيام اجتماعاتهم في قممهم العربية ..
كلهم كانوا سواء .. كانوا متشابهين في كل شيء .. حتى في الديكتاتورية وفي الاستبداد وفي السفه وفي البذخ وفي قمح حريات شعوبهم ..كلهم بلا استثناء . .
واليوم تجدهم يأكلون بعضهم بعضاً .. ويا ليتهم يأكلون بعضهم بعيداً عن شعوبهم .. ولكن بكل أسف .. الشعوب دائماً تدفع الثمن .. عشرات ومئات الآلاف من الأبرياء يموتون تحت القصف.. وتحت الضرب .. وتحت السحق من أجل الوصول إلى قطع رأس الأنظمة .. تباد الجيوش .. وتدمر البنية التحتية .. وتفكك المؤسسات .. ويصير البلد عرضة للدمار والضياع والوقوع تحت السيطرة والهيمنة الأجنبية ..
إن الملك السعودي .. وإن الأمير القطري .. وغيرهما من كافة الأنظمة العربية بلا استثناء ليس فيهم من يمتلك الجرأة.. أو الشجاعة .. أو الكاريزما .. أو المكانة.. أو المصداقية ليذهب في زيارة تاريخية إلى سوريا .. وليعرض "مخلصاً" وضع جميع إمكانياته في سبيل مساعدة سوريا "نظاماً ومعارضة" للخروج من هذا المأزق القاتل.. وتفويت الفرصة على أمريكا وإسرائيل لإلتهام الجيش السوري آخر خط دفاع استراتيجي للأمة العربية بعد تدمير الجيش العراقي وشغل الجيش المصري بقضاياه الداخلية ..
دماء سوريا في رقبة ملك السعودية وأمير قطر الذي سخر قناته الشيطانية في حشد وإهاجة الرأي العام العربي والعالمي ضد النظام السوري الذي لا يختلف عنه ولا عن النظام السعودي في شيء .. نفس اللعبة التي مارسوها في مصر وفي ليبيا ..
وقد حفظ الله وحده مصر من ذات مصير العراق وليبيا من حيث التدخل العسكري وإن كان جواسيس أمريكا وإسرائيل وغيرهم أشد خطراً وأكثر انتشاراً على الأراضي المصرية الآن ...
رعب النظام السعودي من إيران وارتباط سوريا بها ..جعل النظام السعودي على استعداد أن يضحي بسوريا كلها شعباً ونظاماً من أجل إبعاد شبح الخطر الإيراني عنه ..
أما أمير قطر فلا يحتاج لتوصيف .. فقد كنا نعتبر "خاير" بك والي عكا الذي سلمها للعثمانيين هو أشنع خائن في تاريخنا حتى أسماه الشعب "خاين بك " بدلاً من "خاير بك" ولكن يبدو أن بين ظهرانينا الآن أكثر من خاير بك ..
ما عليك سوى أن تستبدل خاير بك بمن تراه "الآن" يقوم بدوره ..
وأن تستبدل مصر وقت خاير بك .. بسوريا وليبيا والعراق في وجود أكثر من خاير بك ..
وأن تستبدل العثمانيين بالأمريكان والصهاينة ..
وما أشبه الليلة بالبارحة في ظل هذه الأنظمة الخائنة العفنة ...
التعليقات (0)