أقيموا الأعراس والأفراح أيها المحبين لطوفان الدماء ، أنفجار هنا وآخر هناك ، حجب مواقع وتكفير أبداع وتجهيل شعوب .. يا لها من موسيقى شاعرية يغتبض لها العربى فرحاً ويطير لها قلبه شجناً وتُخرجه عن صوابه ليخرج مهللاً إلى الشوارع ليتظاهر فى مسيرات تضامنية مع تلك الأنفجارات ليفجر صوته عالياً : الله أكبر ، هذه حقوق مشروعة للمواطن العربى ، لكن ليس من حقه أن يقرأ ما يريد أو يكتب ما يريد أو ينقد ما يريد حتى لا يتنجس بالحرية وينعم بالعقل بدلاً من الجنون السياسى العربى !
هل يشعر الآن بالسعادة من أصدر قرار حجب موقعنا الحر الحوار المتمدن فى السعودية ؟ أم يشعر بالتعاسة لأنه فتح عيون الكثيرين ليروا بشاعة نظامه وبشاعة عقلية القمع العربى الوراثية ؟ ألا يعرفون أن الممنوع مرغوب ؟ وما هى النتائج العظيمة التى حصل عليها أتباع تكميم الأقلام والأفواه والمواقع والكتب ... ؟
إن كان القائمين على الحكم فى الأنظمة السياسية العربية يؤمنون بأن الله سيدين المسكونة بالعدل ، لما أقدموا على سلوكيات خادعة يخدعون بها أنفسهم أولاً وأخيراً لأن الجميع يعرف كذب تلك السلوكيات والممارسات السياسية الخادعة والظالمة وتجاوزاتها المستمرة ضد حرية البشر .
أوطان يا عرب أوطان ، كان زمان تلك الشعارات التى أصبحت مجرد تراث عقيم ، ولم يعد هناك أوطان أو مواطنين بل مجرد قطعان من المعيز لا رأى لها ولا حق إلا فى الأكل والشرب والنوم والأستيقاظ لمباشرة العمل حسب أوامر الراعى أو السيد العربى .
النظام السعودى أغلق على نفسه أبواب الحقيقة ، لأنه يعتقد أن مملكته ترتدى دروعاً واقية لرصاص الرأى الحر والفكر الحقيقى ، لكنه للأسف أخطأ العنوان لأن مملكته وكل ممالك العالم أصبحت مليئة بالثقوب التى لا ينفع معها غلق ثقب هنا أو هناك ، لأن نور الحرية سيصل رغم أنف الجميع إلى الجميع ، ولكل إنسان الحرية فى قبول هذا النور أو رفضه ، " لأن الله يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين " ، فكيف ببشر أن يحجب شمس الحقيقة عن شعوب متعطشة للحرية وللحقيقة ؟
الحجب والحجر هى من أساليب الأنظمة الدكتاتورية الضعيفة التى لا تملك المواجهة مع الحق المتمثل فى الحوار المتمدن ، لأن تلك الأنظمة لم يعد لديها ما تقدمه لخير شعوبها إلا غلق الأبواب والنوافذ حتى يختنق الجميع بالقرارات الملوكية التى أنتهى زمانها ومكانها .
إن من مظاهر الأنحطاط الثقافى العربى مطاردة المبدعين والمفكرين والأقلام الحرة والبسطاء الذين يحاولون التعبير بحرية ، ذلك الأنحطاط الذى تعصب وتحصن بالدكتاتورية الدينية وغير الدينية لمزيد من نشر الجهل والسطحية والغوغائية بين الشعوب العربية وتقديس العنف والأرهاب والرأى الأوحد الأحد ، وتجريم الرأى والرأى الآخر والحوار والمحبة والسلام .
متى يفهم العرب أن الهوية الدينية لا يجب أن تتسلط على حياة البشر حتى تسجن عقولهم وقلوبهم فى سجن الدين ورجاله ؟
النظام السعودى وجد أخيراً موقعاً يخاف ويرتعب منه ، موقعاً حراً جريئاً يعطى حق المواطن فى التعبير عما يجول فى رأسه الذى أصابها الصداع اليومى ، فشلت السعودية فى تقييد حرية الآخرين بأفكارها الجاهلية التى تصدرها إلى العالم بأموال البترول الأسود ، وسينتصر الحوار المتمدن فى نشر رسالته السامية ، وألف مبروك على قادة السعودية وكل نظام يعمل مثلها على قرارهم أرتداء الخوذة الحديدية التى علاها الصدأ والتى طوقوا بها عقولهم وعقول شعوبهم وعزلوا بها أنفسهم فى مملكة أو زنزانة لا فرق ، المهم أن يكون قرار الحجب ( الخوذة الحديدية ) على مقاس رؤوسهم .
2004 / 10 / 10
التعليقات (0)