السعودية لا مكان للتطرف
وأخيراً وضعت النِقاط على الحروف لا مكان للتطرف والتشدد في السعودية الجديدة ، هذا مُختصر مؤتمر الاستثمار الذي دشنه سمو ولي العهد ظهر الأمس ، السعودية الجديدة لم تعد تحتمل وجود جيوب متطرفه متشددة تنشر أدبياتها بشكلِ علني وسري وكأنها هي الدين القويم ، المتشدد كائن لا يعترف بحق غيره في إعتقاد ما يراه صواباً ولا يُقيم للإختلاف أي وزن ولا يحترم حريات الأخرين ، يسعى جاهداً لأن يكون جميع أفراد المجتمع صورة طبق الأصل منه ، يعتقد أن فهمه الضيق لأحكام الإسلام هيّ الصواب وبالتالي لا يسع المجتمع غير قبولها والتسليم بما يراه ، المتشدد نتاج للسلفية الضيقة التي تُقدم النقل على العقل وتأخذ من الأراء الفقهية القديمة أشدها ، هو نتيجة طبيعة لغياب المراجعات الفقهية والفكرية والجمود الفقهي ، المُتشدد يقمع مخالفية بشتى الصور والأساليب فالتكفير والتخوين والتفسيق والرمي بتهمة الزندقة أساليب قذرة يستخدمها المُتشدد ليمسك بالمجتمع ويحد من حرية الإختيار والتساؤل ، التشدد ليس مرحلة زمنية طارئة على المجتمع السعودي بل هو طريقة أُريد لها الدوام استوطن بقوة الجهل والترهيب والترغيب وبلغ ذروته في أعقاب الثورة الإيرانية 1979م والتي شهد فيها المجتمع ولادة الصحوة كحركة فكرية أيديولوجية ارتدت عباءة محمد بن عبدالوهاب وربطة عنق سيد قطب ، عمدت الصحوة إلى التبشير بالحاكمية فكانت النتيجة بروز فكرة الإسلام السياسي بالداخل السعودي وظهور جيوب مسلحة تسعى لتطبيق الحاكمية والعودة بالمجتمع لعصر الخلافة وعمدت إلى تهميش المرأة والنيل منها وكأنها شيطان يمشي على الأرض وعمدت إلى التسويق لأدبياتها الإيديولوجية عن طريق الوعظ فأختلقت قصص خيالية وروجت لأراء فقهية متشددة تمس حياة المرأة وخياراتها وتمس المجتمع وخيارته المتعددة ولم تكتفي بذلك فحسب بل جعلت من الإختلاف المذهبي جريمة ومن الإختلاف الديني كارثة تستوجب العقوبة وكل ذلك بسبب جهل منظريها وتشددهم وتقديمهم لأراء فقهية مذهبية قديمة والنقل على العقل ضاربين بعرض الحائط آراء فقهية ومذهبية أكثر عقلانية وتسامحاً من غيرها ، بسبب تلك المعضلة الفكرية السيئة "الصحوة"تخلف المجتمع وتقوقع واتجه للنفاق وأنهارت الفنون وحُرم الفرح والفن المباح وأُستهدف كل مُبدع لم يخضع لتلك الفكرة القبيحة وتأخرت التنمية بسبب غياب نصف المجتمع عن المشاركة والمُساهمة في البناء وغابت فكرة المشاركة الشعبية بسبب تحريم تلك الآلية من قبل مُنظري الصحوة لأنها تقليد للكفار والإسلام شورى بين المسلمين ، لم يعجب منظري الصحوة خطوات الإنفتاح التي بلغت ذورتها في العام 2003م والتي بدأت بالإنتخابات البلدية وتنقيح المناهج المدرسية الدينية ومراقبة التبرعات المالية وضبط الخطاب الديني المحلي والخارجي ولم يعجبهم إعطاء المرأة حقها في التصويت والترشح للإنتخابات البلدية 2011 -2015م ولم يعجبهم الإنفتاح المعرفي والتبادل الثقافي مع دول العالم عن طريق حوار الحضارات وبرنامج الإبتعاث رغم أن رموز تيار الصحوة أكثر من استفاد من برنامج الإبتعاث ومن حضور جلسات الحوار الوطني والحوار بين الحضارات ، واليوم ومع عرقلة ذلك التيار لكثيرِ من الخطوات المتقدمة ولأنه لا يؤمن بالتعددية ولا يحترم خيارات الأفراد ولا يتورع عن التشغيب والترهيب لم تعد السعودية الجديدة قادرة ولا مواطنيها على بقاء ذلك الفكر يعبث بالوطن وبالمجتمع ، فالسعودية الجديدة أختارت طريق الإنفتاح على العالم وتعدد الأراء وسيادة القانون والإصلاح الشامل رغم خطواته البطيئة في بعض الملفات واختارت التعددية الفقهية والمواطنة على أساس الإنتماء للأرض وليس على أساس الإنتماء لشيء آخر واختارت الإبداع واحترام خيارات الأفراد واختارت دعم الفنون بوصفها تاريخ وحضارة واختارت الإهتمام بالإنسان كإنسان بدون النظر في الإيديولوجيا الضيقة ، السعودية الجديدة لا تُلزم احد بما لا يُريده ذلك الأحد اذا كان منسجماً مع مبدأ الحرية وأحقية الإختيار لكنها لن تسمح لذلك الأحد أن يؤثر على الناس ويمارس دور السلطة ولن تسمح له بتحديد ما هو صواب وما ليس بصواب ولن تسمح له بالترويج لأفكارِ مُعلبة ومُغلفه بغلافِ ديني غايتها سياسية ايديولوجية مُتطرفة فالمجتمع على قدرِ عالي من الوعي ومن أجل ذلك قال سمو ولي العهد كلمته الأخيرة لن نسمح بالفكر المُتطرف في بلادنا وسندمرهم ، فالمتطرف من يقف أمام المجتمع ويُحدد له الصواب من الخطأ ويروج للفتن ويُلقي بالأجساد في صراعاتِ أيديولوجية لا مُنتصر فيها و يُكفر كل من لم يخضع لنقله وعقلة الممتليء بالزور والبُهتان ..
@Riyadzahriny
التعليقات (0)