السعودية في بكين
لن تمر زيارة ولي العهد السعودي للصين مرور الكرام , فدوائر صنع القرار الأمريكي والأسرائيلي تترقب نتائج تلك الزيارة التي تأخذ طابع تعميق العلاقات والتحول لعلاقات إستراتيجية وصناعة تحالف جديد يقوم على المصالح المتبادلة لا على الإبتزاز السياسي ؟ تحرك الدبلوماسية السعودية نحو الشرق مجدداً يعد صفعة للإدارة الإمريكية التي بدأت تراجع تقاربها المٌعلن مع إيران وبدأت تفكر في حلول مرضية للأزمات السياسية العاصفة ببلدان الربيع العربي , فهي تقف موقف المتفرج تجاه سوريا التي كانت بالعرف الأمريكي ضمن محور الشر , ولم تقم بأي جهد يدعم الحلول السياسية التي تدعمها السعودية كمخرج آمن لسوريا الوطن والشعب من معمعة الربيع العربي , غضب الدبلوماسية السعودية عبر عنه تركي الفيصل في أحد لقاءاته التلفزيونية بعبارة صح النوم قاصداً أوباما ؟ تتخوف أمريكا وإيران وإسرائيل من التقارب السعودي الصيني وتخاف أيضاً من العلاقات المتينة بين باكستان والسعودية ذلك التخوف يدفع بالإدارة الإمريكية إلى مراجعة كثيراً من الخطوات التي خطتها من قبل , ويدفع ذلك التقارب الصيني السعودي بالإدارات السياسية الصغيرة ذات الطموحات الكبيرة كبعض الدول الخليجية وتركيا لأن تبحث عن وسيلة تضمن بقائها بعيداً عن الغضب السياسي السعودي الذي لا يستطيع أحداً التهكن بنتائجه وأسبابة وردات فعله فكل شيء غير متوقع وحاسم في وقت واحد . الرياض على موعد قريب لإستقبال أوباما الذي سيزور السعودية محملاً بملفات سياسية وإقتصادية كبيرة , ولن يلقى الإ مقارعة سياسية شديدة اللهجة , فمن عادة الدبلوماسية السعودية تحجيم الغضب والعمل بصمت وهذا ما يقلق دوائر صنع القرار بالعالم , غموض يكتنف الدبلوماسية وتقليم للأظافر بسرعة دون أن يشعر أحد بذلك ؟ 1986م تاريخ ورقم صعب على جيوش الإستخبارات العالمية التي لم تتمكن من إحباط أو الكشف عن صفقة رياح الشرق في ذلك الزمن , صفقة صواريخ أعادة التوازن العسكري لمنطقة الشرق الأوسط الملتهبة وللخيلج خاصة , صفقة أربكت إسرائيل وإيران وأمريكا وحلفائها من حيث الكمية والنوعية والدبلوماسية الإستراتيجية الواضعة نصب أعينها تنويع التحالفات والشراكات السياسية والإستراتيجية , لم يعلم العالم بتلك الصفقة الإ بعدما وصلت لقواعدها وأصبحت جاهزها للإطلاق والردع فالسعودية هي من كشفت عن سلاحها الرادع ولولا كشفها له لما علم العالم شيئاً عن ذلك ؟ ملفات كثيرة تزعج السعودية وسيحاول اوباما إيجاد حل يرضي الطرفين دون أن تتأثر العلاقات بين البلدين , وزيارة أوباما المرتقبة تأتي في خضم مخاض عربي سياسي كبير أستبشر به الشباب العربي خيراً لكنه بدأ يتحول لمشروع ساسبيكو أخر في جسد الأمة العربية بعدما أختطفته حركات وجماعات وبصمت أمريكي يبدو أنه موافقة ضمنية على البدء في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي ترعاه أمريكا وتبشر به منذ عدة سنوات ؟ زيارة اوباما دليل واضح على أن العلاقات بين البلدين أصبحت على المحك , وعودة الهدوء والإستقرار الدبلوماسي بين البلدين لن يكون في زيارة واحدة خاصة إذا علمنا أن ملف مصر والبحرين وسوريا والنووي الإيراني وملف العلاقات السعودية الإستراتيجية الجديد سوف يطغيان على القمة التي ستحتضنها عاصمة الدبلوماسية الصامتة "الرياض "؟ بيد السعودية ملفات عدة يمكنها إستخدامها وقتما شاءت وهذا ما يزعج دوائر صنع القرار بأمريكا وغيرها من دول العالم فهي لم تضع قراراتها بسلة واحدة ولم تضع تحالفاتها بسلة دبلوماسية واحدة , تعمل بشكل منظم شعاره الرد الحاسم والمفاجيء فكل خطوات الدبلوماسية السعودية الأخيرة ليست ردة فعل كما يتوهم البعض بل هي ردود حاسمة في وقت حاسم أيضاً . الإحتكاك بين السعودية وأمريكا طبيعي وسبق أن حذر منه العاهل السعودي الملك فهد مبرراً ذلك الإحتكاك بأن أمريكا خطر علينا لأن قيمهم تختلف عنا , ذلك الإحتكاك تحاول أمريكا إبعاده عن المصالح الإستراتيجية , وتستفيد منه السعودية في الضغط وهذا ما يزعج أمريكا وحلفائها ؟ الدبلوماسية السعودية حطت رحالها في بكين , وفي ذلك صدمة لمن ظن بأن الدبلوماسية السعودية نائمة لا تتحرك , فهي تعمل بصمت وفي السر ولا تظهر الإ إذا رغبت بمفاجأة العالم وبكين ستعلن عن مفاجأة جديدة ستقلب دوائر صنع القرار العالمي رأساً على عقب ؟ ميزة الدبلوماسية السعودية أنها تعمل بصمت ولا تستخدم ملفاتها دفعة واحدة , بل تساير الخصم السياسي حتى تقلم أظفاره دون أن يشعر وذلك دليل على التناغم والدقة في التنفيذ وإختيار التوقيت المناسب .....
التعليقات (0)