نتعاطف صادقين مع الالم والاحباط الذي تعاني منه بعض انظمة الجوار وهي تعض الانامل من الغيظ مراقبين فشل وتهاوي استثمارهم الباهظ والمكلف في مشروع عرقلة تشكيل حكومة عراقية نابعة من خيارات الشعب ورؤاه الوطنية ومعبرة عن تطلعاته في الوحدة والتوافق والسلام..
ونتفهم ذاك التطير الاقرب الى الفزع الذي ينتاب مثل هذه الانظمة من اي فعل او ممارسة يتلمس اويأمل او حتى يستشف منها ان تعلي النداء بهتافات الحرية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان..
ولكننا لا نملك الا ان نستحضر مشاعر الصدمة الممزوجة بالرثاء ونحن نتابع البرنامج الطويل حد التضجر الذي بثته القناة الرياضية السعودية مساء الخميس 18/11/2010والذي اسرف في استعراض تاريخ بطولات الخليج العربي لكرة القدم وبتفصيل ممل لكل مباراة وحرص واضح على تسجيل كل المحطات المهمة في تاريخ البطولة ..ولكن –وللغرابة-مع تعمد تام لتجاهل مشاركة ونتائج بل وجود الفريق العراقي اصلا..
فحتى البطولة التي جرت في بغداد وفاز فيها الفريق العراقي ملهبا ظهور الفرق الاخرى بثلاثة وعشرين هدفا في ست مباريات كاملة النقاط ..استعرضها التقرير من دون اي اشارة لوجود فريق اسمه العراق مما قد يربك المتابع غير المطلع على تاريخ البطولة من مغزى اقامتها في بغداد..وان كان التقرير –والحق يقال-قد تبسط قليلا في البطولات الاخرى وتناول المباريات التي خسرها الفريق العراقي فقط حتى في المناسبات التي حصل فيها على الكأس..
هذه الممارسة وصدورها من قناة رسمية معبرة عن سياسات وتوجهات ومتبنيات النظام الحاكم..تعبر عن تمدد التناقض السياسي الرسمي ليمتد على مجمل الشعب العراقي وفعالياته ورموزه الوطنية وليس اقتصاره على شكل معين للحكم قد لا تجده السعودية متماهيا مع تصوراتها وطروحاتها السياسية..
ومثل هذه التفلتات تجعلناغير متفائلين بمجريات البطولة القادمة وخصوصا وانها تقام في حديقة –بل صحراء-السعودية الخلفية..ونتمنى ان نخطئ التوقع والظن ببعض المؤشرات التي قد تدل على افساد مبيت متعمد للمشاركة العراقية في البطولة من الممكن ان تقوم به بعض الجهات المعادية للملتقيات الرياضية العربية..
نشفق على بطولة الخليج التي كانت حلما سعوديا بالاصل ان تمتد لها يد التقاطعات السياسية والتكسبات الاعلامية الانتهازية وغياب الحكمة لتحولها الى دافعا للتباعد والتنافر والفرقة بدلا من كينونتها الطبيعية كمهرجان لقاء ومحبة وفرح للشعوب..
فليس هناك مثل الرياضة كوسيلة من وسائل التقارب بين الناس..وهي خيرُ سفيرٍ للمودة والسلام بين الدول.. وخيرمُـزيل للاحتقانات والتناقضات، حتى قالوا "إذا كانت السياسة تصلُـح ما أفسدته الحروب، فإن الرياضة تصلُـح ما أفسدته السياسة".
وللعراق والسعودية تاريخ طويل من التلاقي والتفاعل الشبابي بنته اللقاءات والمباريات والمناسبات الرياضية الودية..وسيكون من التجني هنا ان لا نذكر وقفات الجمهور السعودي الكريمة مع الفرق العراقية التي تلعب في المملكة ..وما زالت الطائف والرياض وملاعبها وجماهيرها تحتل مكانة ومساحة واسعة في ذاكرة وقلوب وضمائر الجماهير الرياضية العراقية..
وقد يكون من المفيد هنا التذكير بممارسة شبيهة قام باقترافها عدي صدام حسين عندما أمر بعدم بث وقائع المشاركة الناجحة والتاريخية للفريق السعودي في نهائيات كأس العالم عام 1994وحجب اخبارها عن العراقيين..والاكتفاء بعرض تسجيل متأخر مثقل بتعليق مسرف في الشماتة والتقريع والتشفي لمباراة الدور الثاني التي خسرتها السعودية امام السويد..
حينها كان الشباب العراقي يتابع اخبار انتصارات اشقائه السعوديين بفرح واعتزازعن طريق المذياع او بعض الهوائيات المصنعة محليا لالتقاط بث القنوات الارضية الايرانية الناقلة مع كون هذه الامور كانت من المحرمات وقتها..وكذلك فان مثل هذا الاجتراء على العلاقة الحميمة التي تربط بين الشباب الرياضي في البلدين لن يقابل الا بالاستخفاف والتجاهل ولن يقوى على مسح ذاكرة الشعب السعودي الشقيق من بطولات وانتصارات فريقه العراقي التي يتابعها ويتبناها وينتسبها ويفخر بها ويتعاطف معها..
نتمنى ان يكون هذا البرنامج هفوة او تملق غير موفق من قبل بعض الاعلاميين الساعين الى الارتزاق والتصيد في بركة الخلافات السياسية بين البلدين..ونترقب صادقين التئام شمل الفرق العربية في بطولة يكون هدفها المنافسة الرياضية الشريفة..لحاجة شعوب المنطقة الماسة لمثل هذه المبادرات الرياضية للتقارب والتفاهم وتبادل الخبرات من حيث كون الرياضة وسيلة مثلى لنشر قيم التاخي والسلام والتسامح ..
ونرجو صادقين ان يبتعد الحكم عن تعكير اجواء مثل هذه المهرجانات التي يترقبها الشباب الرياضي بلهفة وشغف..فلكم السياسة بطولها وعرضها تمارسون فيها ما يحلو لكم..ولكم من الفرقاء ما يكفيكم مؤونة العبث بامن ومستقبل الاقليم..ولكن دعوا لشعوبكم كوة الرياضة ليتنفسوا منها الامل.. وليمارسوا من خلالها الحلم بغد محمل بوعود الحرية والعدالة والمساواة..
التعليقات (0)