السعودية تتجه إلى البدواة وليس إلى التحضر

أولاً وقبل أن أقول مالدي بخصوص هذا الموضوع أحب أن أذكر بشيء مهم جداً , وهو أنني أنتمي إلى قبيلة وعائلتي لم تدخل الحياة الحضرية إلا بعهد متأخر نسبيا ً .

ثانياً : أقصد بالبادية والحاضرة أنساق معيشية بغض النظر عن الأصل , فما أتكلم عنه هو عادات وسلوكيات وطريقة تفكير نطلق عليها . . حاضرة ً . . وبادية .


الأساس الثاني الذي ذكرته أتمنى التركيز عليه وهو ما سأنطلق بالحديث من خلاله .


بعد مزاين الإبل وقنوات الشعر والنزوح الكبير لأبناء البادية تجاه المدن والمناطق أصبحت السعودية تتجه الى التبدوي وليس التحضر بحيث أن الحضري أصبح يتوق للبداوة أكثر من توق البدوي للحضارة , فللأسف في القدم كانت الحكومة تضع البادية في هجر وتحاول تحضيرهم وتركز على النشاطات التي تعلي منهم في مسلك العلم والتحضر إلا ان مهرجانات الإبل وقنوات الشعر والمنافسات الحامية بين الاشياء التقليدية أصبحت تجر ابن الحاضرة الى ان يكون بدويا . . فيبعث الفخر بأصله ان كان قبيلياً ويحاول التشبث بشيء من العادات البالية لمواكبة الموضة الرائجة وأصبحت منتديات الأنساب والأصول عامرة بالرواد من المبزرة وأشباه المبزرة الذين ولدوا تحت المكيفات يفطرون على جبنة بوك ويستمتعون بمشاهدة بطولات الكرة وافلام الكرتون . . نشاهدهم ينبشون التقاليد الغابرة ويحاولون التكتل كأحزاب داخل الوطن تحت اسم قبائل وهواتفهم المحمولة تمتلئ بابيات شعر من جنس يالالا يالالالا . . .(اقول هذا وانا اتذكر اخي الصغير وهو يهم بالسفر مبتعثا الى انجلترا يطلب مني ان اخبره أبياتاً تمتدح القبيلة التي نرجع اليها ) . . أنا لا أعترض على القبيلة كأصل ولكن أعترض عليها كحزب . . له نشاطاته وولائه الخاص وهذا ماتبشر به المزاين والقنوات .

الى وقت قريب كانت موضات البلد تتجه للرياضة والبعثات والتحضر وكانت السعودية نبراساً في الخليج لكن للأسف منذ ان ابتدأت تلك الصحوة المشئومة والمجتمع يتدهور للأسفل . . فبعد التشدد الديني الذي ولّد الامراض النفسية والكراهية والاحقاد تجاه الكثير من البشر وانعكس ايضا على فئات البلد ففعمم الشكل القروي والعادات الخبوبية والقصيمية ليربطها بالدين واصبح الدين مظهرا اجتماعيا للمراءاة والخراط الفاضي وليس تهدئة ً للنفس وعلاقة بالمطلق ودفعا للانسان في حياته بما يخدمه ويخدم من حوله منذ ان ابتدأت ونحن نعاني منها حتى الان . . الان الناس هربت منها ولكن الى الفراغ فاتجهوا الى التقاليد والقبيلة والعروبات وهذا برأيي حضن سيء يحوي تنظيما فكريا رجعيا جدا شبيه بالحضن الديني السابق المختلط بتخلف اساطينه القرويون فالتعلق بشعراء النبط والهياط وجه آخرلايخالف التعلق بفتاوى امات ريالين .


لا أريد ان أطيل . . ولكن البلد برأيي تحتاج الى استراتيجية فيما يخص قيادة المجتمع ومؤسساته بداية ً بالتعليم ونهاية ً بالاعلام والصحف. . ليس بالضبط قيادة ً دكتاورية انما الجميع يعلم ان النخب السياسية والاعلامية والثقافية تستطيع دفع الرأي العام باسلوب سياسي عن طريق حدائه بشكل غير استبدادي وغير مباشر انما باساليب معلومة لغالب المثقفين . . الغرض من هذه الاستراتيجية زرع التحضر . .والتثقيف . . والوحدة الوطنية . . وان الوطن اولا وان على المواطن ان يتبع مصلحته الشخصية بعيدا عن اي تحزبات او اشكال تقليدية كانت قروية ام قبلية . . والتركيز على ردم العنصريات باتجاه العنصرية الوطنية الواحدة .

 

 

 

من منتدى محاور