اعتاد صلاة الفجر منذ نعومة أظفاره، ارتبط قلبه بها، وتعلقت روحه بنسيمها الطيب، الذي يفوح كل ليلة فيضفى على تلك الروح السكينة والوقار..
كان كلما ذهب لأدائها في المسجد شعر بحلاوة الإيمان تملأ قلبه، وبرد اليقين يملأ فؤاده، لكنه في غمرة فرحه ورضاه يشعر بالأسى والحزن لقلة المتذوقين، فيتحسر على قومه، وتزداد المرارة في حلقه، كيف يملك قوم مفاتيح السعادة ثم لا يبالون بها ؟ أو يرمونها في أعماق بحر سحيق..
إنها الطامة حين تحل القساوة بالقلوب، فتبعدها عن سر الوجود، وتتركها تلهث وراء السراب، يحسبونه سعادة وهناء، حتى إذا جاءوه لم يجدوا شيئا..
وذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة، دخل المسجد لصلاة الفجر كما اعتاد، فكانت المفاجأة !!!!
المسجد مليء عن آخره، ماذا حدث ؟ هل تغيرت القلوب، وانقشعت غشاوتها بين عشية وضحاها؟ هل هجم الإيمان على النفوس فجأة دون مقدمات؟ لم تكن هناك إرهاصات توحي بذلك، ولم يكن هناك حادث غريب البارحة..
هل عاد الإيمان من غربته الطويلة، وحط رحاله بين الأضلع المشتاقة والقلوب الملهوفة؟ هل عبثت الدنيا بهم فأشقتهم، فقرروا العودة إلى وطنهم، وتقديم فروض الطاعة والولاء بين يدي مليكهم؟
ربما يكون كل ذلك أو غيره، لكن الأقدار لم تمهله يغرق في وساوسه وتحليلاته، فقد صحا من حلمه الرقيق على من يسأله " متى سيذاع الماتش بعد صلاة الفجر؟ "
التعليقات (0)