في مقاله الذي حمل عنوان : " لا تذهبوا بعيداً " دافع الأستاذ زهير سالم عن التطرف الإيراني الذي تمارسه إيران في المنطقة ، ودافع كذلك عن مواقف الخيانة التي وقفتها إيران مع الاحتلال الأمريكي لكابول وبغداد ، وحاول أن يرسخ في أذهاننا ما يريد لنا اليهود والأمريكان من جعل هؤلاء الرافضة أبطالاً وان هناك عداء حقيقي بين أمريكا وإيران ، واتهم كل من يحاول أن يكشف حقيقة الخيانة الإيرانية ويوضح التعاون الوثيق بين الإيرانيين ودول الصليب بأنهم من السالكين في مدارج الأمريكان ، في الوقت الذي لا زال التآمر بين الطرفين على بلاد المسلمين جارياً على قدم وساق ، ولا زالت البلاد تسقط دولة دولة بيدهم وباعتراف كبرائهم نجاد ورافسنجاني وخاتمي والابطحي الذين اقروا بمشاركتهم للاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان ، وتعاونهم مع اليهود بدءاً من فضيحة إيران كيت ومروراً بتصريحات مشائي صهر الرئيس الإيراني بأنهم أصدقاء لليهود وزيارة نجاد – عدو الأمريكان ، وصاحب شعارات المسح اليهودي – للمنطقة الخضراء في بغداد ، ولقاءاتهم المشتركة في الأردن ومصر مع اليهود وتصريح " علي لارجاني " بقمة المنتدى الاقتصادي العالمي التي انعقدت في البحر الميت بالأردن 2007م : " دعوني أقول لكم شيئاً بشان إزالة إسرائيل عن الخارطة : إن بلادي لا تريد تدمير إسرائيل ، وهذه القصة من إنتاج وسائل الإعلام الغربية ، ورئيسنا لم يتحدث أبداً عن هذه المسالة " ، وانتهاء بتصريح نجاد من أيام : " نريد استئصال هذه الجرثومة الفاسدة التي هي السبب الرئيسي لاختلال الأمن في المنطقة " في الوقت الذي أكد فيه " أيهود باراك " وزير الحرب اليهودي بأن إيران لا تشكل حالياً خطراً على وجودهم ، إضافة إلى توافد أحزاب حكومة العمالة العراقية على العاصمة الإيرانية زرافات وفرادى من أجل إثبات ولائهم للدولة التي تزعم أنها ألد أعداء أمريكا ، وبالرغم من كل هذه الحقائق وتناقض التصريحات وتكذيب بعضه البعض الآخر إلا أن هؤلاء المثقفين يصرون على أن تكون عيونهم مفتحة نيام .
مشكلتنا ومشكلة كتابنا وعلمائنا أنك تراهم كالأطفال السذج تخدعهم كلمة ، وتطيش بعقولهم شعارات ، فتراهم يمسحون كل جريمة ارتكبت ، ويجعلون من الدماء التي تسقط أبوالاً ، لأن الخوف قد ألجمهم ، والذل منعهم أن يرجعوا إلى التاريخ ليستقوا منه الحقائق ، وليدركوا منه سر ما يجري على الواقع ، فرأينا أحدهم يجمع جنوده ويحشد حشوده ليستنصر بحكامنا أثناء الحرب على غزة ، في الوقت الذي كنا نتوقع أن تكون حشوده تلك نحو غزة هاشم ، ويذهب ليقابل أسد سوريا الذي صال وجال في قمة قطر ، ثم محا كلامه في قمة الكويت ، فكانت نتيجة جهوده تلك الخذلان ، ولو أنه كان قصده ليدمر مدينة من مدن سوريا لما كان توقف لحظة أمام إجابته لهذا ، بينما أغلق حاكم مصر بوجهه كل باب ، ومنعه من الدخول إليه بأي شكل من الأشكال ، ولو كان قرأ عن خيانات ابن العلقمي والطوسي ودورهم في سقوط بغداد ، لما كان صعبا عليه أن يدرك دورهم الجديد في سقوط اليوم بخيانات الآيات في إيران ، ولو كان قرأ عن تاريخ النصيرية المليء بالغدر والخيانة ، أيام صلاح الدين وأيام ابن تيمية وتعاونهم مع الفرنسيين ورسائلهم إليهم التي تعلن لهم أنهم مستعدين لوضع أنفسهم تحت الاحتلال الفرنسي مقابل أن يستلموا حكم سوريا ، وهو ما تم لهم ، لما أجهد نفسه ولا أتعبها ، فهل أمثال هؤلاء يفقهون من أمرهم شيئا ، ادعوكم لأن تعودوا لقراءة التاريخ حتى يرفع عن أعينكم عدم القدرة عن رؤية الواقع على حقيقته ، فكل أمر يمكن أن يبرر ، إلا الخيانة ، فالخائن لا مبرر له ، ومن يدافع عنه لا أدري ماذا يريد أن يقول لنا !؟ ولا اعرف لماذا وبأي وجه يستطيع أن يدافع عنه !؟
وبهذا نطق أستاذنا زهير سالم وهو أدرى الناس بهم وأعلمهم بحقيقتهم ، وعلى يد أذناب إيران في سوريا سقط من دماء إخوته عشرات الآلاف وزج بالآلاف المؤلفة داخل سجونهم ، ورغم كل هذا يقول لنا الأستاذ زهير سالم : " ندرك أن بيننا وبين إيران مفارقات غير قليلة ، ولكن لا ينبغي أن ننسى أن بيننا وبين إيران أيضا توافقات كثيرة ، لا أحد ينكر علينا أن نعزز الجوامع وان نؤطر المشكلات ، وأن ننتصر لقضايانا ، وأن نشرح تخوفاتنا وأن نعلن رفضنا هنا واستنكارنا هناك " فهل مواقف الخيانة ومساعدتهم للكفرة بدخول بلاد الإسلام ، وقتل إخوتنا في سوريا والعراق وأفغانستان من المفارقات الغير قليلة ، وهل وقوف إيران موقف المتفرج مما جرى في غزة أثناء الحرب من التوافقات الكثيرة ، والتي كان أكثرها كلمات ألقيت في قمة قطر ما لبث أن محتها قمة الكويت !؟ الخيانة ليس لها ما يبررها بأي شكل من الأشكال ، والمعترف بخيانتهم هم رؤوس قومهم ، فما بالي قومي لا يكادون يفقهون حديثا !؟ .
ويقول لنا الأستاذ زهير أن السعيد من اتعظ بغيره ، محذرا من أن تتغير الحال إلى ما آل إليه جنبلاط الذين كان من اكبر أعداء سوريا ، ثم ارتمى بأحضانها ، فنقول له : وهل كنت أنت سعيداً فاتعظت بهذا أم أنكم تحولتم بأكثر مما تحول عنه جنبلاط ، وتتسكعون ليل نهار على أعتاب الحكومة السورية ، وتوسطون عشرات الوساطات ، وهم غير آبهين بكم ، والفرق بينكم وبين جنبلاط أن جنبلاط نال الرضا وأنتم بئتم بالخيبة والخسران ، فأي سعادة تلك التي تقصد بها ، وأنتم وجنبلاط في الهم شرق !؟
وأضيف للأستاذ زهير أنه ليس فقط من مهمات أمريكا وأذنابها حماية اليهود ، وإنما كذلك هو من مهمات إيران وأذنابها في سوريا ولبنان ، واطلب من أستاذنا أن يأتيني بحقيقة تثبت غير هذا ، منذ أن وجدت تلك الأنظمة فينا ، فماذا فعلوا أثناء حرب غزة الأخيرة غير النهيق والشهيق وحلف الإيمان بأنهم لم يطلقوا أي صاروخ ، عندما انطلقت الصواريخ من لبنان ، وماذا فعل نصر الله بعد معركته الدون كيشيوتية غير أن يوقع على قرارات الأمم المتحدة وأول هذه القرارات أن يصبح حارساً للحدود الفلسطينية من الجهة اللبنانية ، وهذا ما أكد عليه الأمين السابق لحزب الله الطفيلي والعميد الفلسطيني أبو العينين في مقاله المنشور في جريدة القدس العربي بتاريخ 5 نيسان 2004م بعنوان : " حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب " قال فيه : " إن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في أيار تم ضمن ترتيبات أمنية واتفاق أمني بأن لا تطلق طلقة واحدة علي شمال فلسطين من جنوب لبنان ، وهذا الاتفاق يطبق منذ الانسحاب الإسرائيلي ، فلم يتمكن أي مقاوم من اختراق الحدود الشمالية وجرت أكثر من محاولة من جميع الفصائل الفلسطينية وجميعها ضبطت من حزب الله وقدمت إلى المحكمة " ، اعتقد أن أستاذنا زهير سيتفق معي بهذا ، أم أن لديه وجهة نظر أخرى ، فمهام حماية حدود اليهود ليست أمريكية بحتة !!
يؤسف أن يكون حال كتابنا وبعض من علمائنا على هذا الحال ، من الرضوخ للقوة الأمريكية والخوف من قول الحق ، فجبنوا وطبقوا في أنفسهم ما يريد منهم الأعداء ، أما نحن فنقول لك ولأمثالك : أنكم تريدون تحقيق القاعدة التي تسعى أمريكيا لترسيخها في أذهاننا دافعوا عن إيران وليس فقط تفاهموا ، عرفتم هذا أم لم تعرفوا ، وهو الأمر الذين سيصبح لعباً وعلى المكشوف في الأيام القادمة والذي لن نصدق به حتى نراه ، وإن بقيتم مصرين على هذا فإننا نقول لكم ولكل المطبلين لجرائم التحالف الأمريكي والإيراني السالكين على مدارج الانبطاح أكثر : زيدوا انبطاحكم انبطاحاً وهوانكم هواناً ، فإن من جعل من نفسه مركوباً لن يحترمه أحد ، وأما نحن فسيبقى التحالف الأمريكي والإيراني وأذنابهم عدونا الأول والأخير ودماءنا لن تذهب سدى ، ولن ندافع عن الخائن في يوم من الأيام لأن الله لا يهدي كيد الخائنين ، وإن كنت قد أضعت دماء إخوتك التي سفكت على يد أذناب إيران على أرض سوريا الطاهرة ، فإننا لن ننسى هذا ولن ننسى كل الدماء التي أسقطها هذا التحالف الآثم في سوريا والعراق وأفغانستان ولبنان واليمن ، وعندها لن يفيدكم أي ندم ، وستصبحون على ما فعلتم وأقررتم في أنفسكم من النادمين .
التعليقات (0)