يبدو انه لعبث فكري وانتحارسوسيولوجي و إجحاف أنطروبولوجي ان نفصل بين المجتمع المغربي و الزوايا الصوفية في بناء الذاكرة الجماعية و المخيال الشعبي لسكان المغرب عبر فترات متفاوتة من تاريخ هذا البلد إلا أنه مؤخرا أريد لهذه الزوايا والطرق الصوفية أن تقوم بأداء دور «فزاعة» دينية تنصبها الدولة من أجل تحجيم شعبية الاتجاهات السلفية والتيارات الإسلامية الأخرى ك"العدل والإحسان" وكسر شوكتها من جهة، من جهة أخرى تفننها في لعب دور مخدر و أفيون لصرف أنظار المواطنين عن المطالبة بحقوقهم الاجتماعية و السياسية و الثقافية بإشاعة ثقافة الدروشة والسلبية والتأصيل للخرافة و الطاعة العمياء و تكريس ولاية الفقيه، وبالتالي تسويغ الأوضاع القائمة، من أجل احتواء المواطن البسيط وإخضاعه لما يخدم اجندات السلطة، وفي سبيل تحقيق ذلك لا تتردد الدولة في إبراز دعمها الرسمي الكامل والأريحي لهذه الطرق
وتحظى الطُّرق الصوفية بالمغرب بتأطير واهتمام رسمي واضح لا يخفى على العين، حيث انتبه المسؤولون عن تدبير السياسة الدينية بالبلاد إلى أهمية محاربة التيارات المتشددة بواسطة صنف خاص من الطقوس والشعائر والرؤية للدين وللحياة. ولا يخفى على كل ملاحظ لبيب ومراقب نبيه أن يدرك الدور المهم الذي أدته الولايات المتحدة الأمريكية في تشجيع الصوفية في العديد من البلاد العربية والإسلامية، ومن ضمنها المغرب الذي يشتهر بطبيعة الحال بإيوائه لمئات الأضرحة والطرق الصوفية، لاعتبارات كثيرة منها: محاولة الحد من انتشار ما يسمى بتيار السلفية (الجهادية) التي ترغب في محاربة أمريكا على حد زعم البيت الابيض، ذلك أن التصوف هو دين شعبي ومسالم بالنسبة للأمريكيين.
وبالتالي، زاد اهتمام الدولة بالزوايا والطرق الصوفية أكثر من ذي قبل، وتمت رعايتها وتبويئها مكانة عالية برصد كل امكانيات الدولة و لوجستيكها لهذا الغرض من خلال الاحتفاء بمريدها ومساعدة القائمين عليها وتكريم رموزها، والعمل على نشر طقوسها وتقريبها من عموم المغاربة.
وارتأى مدبرو الشأن الديني أن التشجيع المادي والمعنوي للزوايا والطرق الصوفية بالبلاد أضحى أفضل طريقة عملية لمواجهة الدعوة السلفية في الأوساط الشعبية خاصة، وفي الفئات الفقيرة وداخل الأحياء الهامشية بالمدن الكبرى والمتوسطة، وحتى في القرى والأرياف أحيانا.
وكانت أول خطوة في اتجاه تكريس منح الأولوية لتدين الزوايا والطرق الصوفية هو تعيين وزير للأوقاف والشؤون الإسلامية اشتهر بانتسابه للزاوية البودشيشية، ولم يُخْف في أية لحظة أنه صوفي مجتهد في كنف الزوايا التي تملأ البلاد طولا وعرضا.
وتوالت الخطوات الرسمية بإعطاء هالة كبرى لهذه الطرق الصوفية وإبراز أهميتها عبر تمويلها رسميا، ومن خلال بث برامج خاصة عنها للمشاهدين في وسائل الإعلام المرئية خلال أوقات الذروة وفي رمضان بالخصوص، علاوة على تنظيم مهرجانات وندوات وطنية ودولية للغرض ذاته.
للمزيد من التفاصيل و الصور اضغط هنا
التعليقات (0)