مواضيع اليوم

الزوايا الصوفية في الجزائر.. عبادة وسياسة

الخير شوار

2009-02-09 15:07:02

0

القائم بأعمال الزاوية التيجانية محمد الحبيب التيجاني بتفويض من والده الخليفة العام للزاوية "سيدي محمد التيجاني" يعقد ندوة صحفية في الجزائر العاصمة قادما إليها من ولاية الأغواط مهد الطريقة، ويعلن مساندته المطلقة لترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة، وقبله أعلنت أهم الزوايا الصوفية تدعمها اللامشروط للرئيس، ولم تكن تلك المواقف السياسية غريبة على تلك المؤسسات الدينية والروحية في بلد كل شيء فيه مسيّس، لكن الملاحظ أن جزائر الاستقلال التي عرفت منذ القدم على غرار البلدان المغاربية الأخرى بانتشار الطرق الصوفية كمؤسسات دينية روحية وحتى سياسية وإلى غاية بداية التسعينيات من القرن العشرين كادت الطرق الصوفية فيها تختفي بفعل سيطرة إيديولوجية "الإصلاح" لجمعية العلماء المسلمين التي تبناها على وجه الخصوص نظام الراحل هواري بومدين، وطيلة تلك السنين بقيت كبرى الطرق الصوفية تعيش الانحسار واختفى دورها السياسي مع سيطرة فكر جمعية العلماء بمرجعيته الإصلاحية الوهابية الذي يتهم بعض الزوايا صراحة بالتعاون مع الاستعمار الفرنسي وتشجيع ثقافة "الدجل والخرافة والبدع"، واستمرت رحلة "التيه" إلى أن عادت الزوايا من الباب الواسع بداية من سنة  1991 في بداية الجزائر التعددية عندما انتبه مولود حمروش رئيس الحكومة وأحد قياديي جبهة التحرير الوطني حينها إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك المؤسسات التقليدية في مواجهة "غول" الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي ظهر خطرها جليا مع الانتخابات المحلية ليوم 12 جوان 1990 حيث سيطرت على معظم المجالس البلدية والولائية، وحينها ظهرت إلى الوجود "الجمعية الوطنية للزوايا" ثم "الاتحاد الوطنية للزوايا".

ولم تكن عودة الزاويا الصوفية إلى الساحة السياسية وليدة تلك اللحظة من تاريخ الجزائر، فقد سبقتها إرهاصات أولى كانت بدايتها سنة 1983 عندما توفي أحد أقطاب الزاوية التيجانية في السنغال وأوصى قبل وفاته بأن يدفن في تراب عين ماضي (ولاية الأغواط) مهد مؤسس الطريقة "سيدي أحمد التيجاني" في القرن الثامن عشر الميلادي وتم نقله بالفعل إلى ولاية الأغواط على متن طائرة رئاسية لدولة السنغال في عهد الرئيس السابق عبدو ضيوف الذي يتبن أنه أحد مريدي تلك الزاوية وكان لها الفضل في تنصيبه رئيسا بدلا من سلفه الشاعر الراحل سنغور وحسب أحمد التيجاني نياس مؤسس حزب الله في السنغال في حوار لإحدى القنوات الفضائية فإن الكثير من زعماء إفريقيا هم من مريدي الزاوية التيجانية مثل الرئيس التشادي إدريس ديبي ، والرئيس الموريتاني المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وغيرهما.

ولئن فشلت "الجمعية الوطنية للزوايا" في التصدي للفيس ومنعه من الفوز في تشريعيات 1991 التي فاز بها وتم إلغاء المسار الانتخابي وحدث ما حدث، فإن دور الزوايا بدأ يكبر سنة بعد أخرى وبلغ نفوذها أوجّه مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله وهو ابن زاوية، فقد أدت السياسة الجديدة هذه إلى انتعاش الزوايا وإعادة إحياء الكثير منها من بقي منها إلا الاسم، بحثا عن "إسلام أصيل" في مواجهة التيارات الإسلامية القادمة من المشرق، وبحثا (مع الزاوية التيجانية على وجه الخصوص) على نفوذ في إفريقيا في مواجهة النفوذ المغربي حيث مدفن مؤسس التيجانية في فاس في بلد يكاد يزول فيه الحد الفاصل بين الروحي والسياسي.

الخير شوار            

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !