تروج منذ فترة زمنية ليست بالطويلة عبارة الزواج شراكة لا امتلاك، عبارة صحيحة ويقصد بها أن الزوجية ليست عبودية بل شراكة بين طرفين، لكن أليس من الشراكة أن يشترك الطرفين في إنشاء مؤسسة الزواج بشكلِ كامل؟
يتساءل البعض عن كيفية الاشتراك في انشاء مؤسسة الزواج بشكلِ كامل، الشراكة الحقيقية تعني أن يُساهم الطرفين في قيام ذلك الزواج فكما أن الزوج يقوم بدفع المهر تقوم هي بالمشاركة في تأثيث عش الزوجية واقتسام مصاريف الحياة إن كانت موظفة، هذه هي الشراكة الحقيقية التي لا يؤمن بها البعض ويناهضها الجنس الناعم وإن ادعين النضال الحقوقي، والسبب أنها تريد حقها لكنها لا تريد أن تضحي من أجل الحياة فهي تأخذ ولا تعطي أبداً ..
الشراكة الحقيقية تقوم على التضحية من قبل الطرفين والالتزام والمساهمة في البناء كلُ حسب طاقته، إذا تحول الزواج من مشروع تقليدي إلى مشروع شراكة بين طرفين ستقل نسب العنوسة والطلاق وستستقر الأسر وستتحول الاهتمامات من الكماليات إلى الأساسيات وستولد أجيال تعي معنى المسؤولية، قد يقول قائل لماذا كل ذلك، الرجال قوامون على النساء! قولُ صحيح والشراكة لا تنافي ذلك القول فالعصمة بيد الرجل والرجل سيتحمل نسبة ٦٠٪ من تكاليف الحياة الزوجية سواءً في مرحلة التأسيس أو مرحلة ما بعد الزواج، مشكلتنا الحقيقية تكمن في التمسك بعادات وتقاليد بالية وتحويل تلك العادات لنظام اجتماعي لا يقبل النقد والتغيير و تكمن مشكلتنا أيضاً في رفض فئات مجتمعية تحويل مؤسسة الزواج من مؤسسة تقليدية يضع الشاب كل طاقته في تأسيسها ويتحمل كافة تكاليفها خصوصاً إذا انهارت لأي سبب كان إلى مؤسسة عصرية يتشارك الشاب والفتاة في التأسيس والبناء وخلق جيل مؤمن بضرورة البقاء والإبداع والعيش بسلام.
الزواج بنمطه الحالي عبارة عن روتين وارضاء مؤقت لغرائز حيوانية فضلاً عن كونه واقع اجتماعي لا مناص منه، ذلك النمط مستمر منذ أن بزغ فجر الإسلام متخذاً من العادات الاجتماعية وسيلة للبقاء والصمود، أعتقد أن ذلك النمط لن يستمر بشكله الحالي فمع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية والمسلمة باتت فئة الشباب تبحث عن حلول وتشريعات لأن تكون مؤسسة الزواج قائمة على التعاون في الأساس بين طرفيها.
هناك مجتمعات ومنذ عقود عدة تقوم فيها مؤسسة الزواج على التعاون كالمجتمع المصري الذي يعد في الحقيقة مدرسة يشار اليها بالبنان، فالفتاة المصرية تساهم في بناء عش الزوجية بالمال قبل العاطفة وهي جديرة بأن تكون ربة منزل إن قامت بذلك..
مجتمعاتنا الخليجية بإستثناء الطبقات الغنية وبعض العوائل يتأسس فيها الزواج على أساس واحد إلا وهو الزوج الذي يجب أن يرضي زوجة المستقبل واسرتها ومحيطه الذي يعيش فيه فتكاليف الزواج قد تتجاوز ٢٠٠ الف ريال والمحصلة في النهاية زوجة تطالب بحقوقها وهي لا تعرف معنى كلمة حق وماهي حدود ذلك الحق؟.
نحن في زمن يمكن تسميته بزمن مهزلة العقل البشري^ فهل ستستمر تلك المهازل أم أن المجتمعات ستتغير وتبدأ في رفض أنماط قديمة استهلكت أجيالاً كانت ستعيش أفضل لولا تلك الأنماط القديمة التي تفوح منها رائحة السلبية منذ زمنِ بعيد.
.........................
^عنوان كتاب للعالم العراقي علي الوردي رحمه الله.
التعليقات (0)