الزواج شراكة لا تملك
الزواج مؤسسة قائمة بالشراكة والتراضي بين طرفين أثنين والهدف الحقيقي والسامي لتلك الشراكة بناء حياة سعيدة , الحٌب والحنان والتضحية والمشاعر الصادقة لا تولد من رحم الامتلاك والنزعة الاستبدادية بل من رحم الشراكة الحقيقية فالزوجين عبارة عن روحين بجسدٍ واحد هذه هي المعادلة المفقودة عند غالبية المجتمعات والسبب تغلغل عادات وتقاليد وآراء محسوبة على الدين والتي في حقيقتها ليست من الدين بل نتاج تدين سلوكي لم يفهم ويطبق الدين على حقيقته .
من العادات والتقاليد والآراء ذات الصبغة الفقهية ما تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل فالمرأة مخلوق وجد لغرض الاستعمال والانتفاع والمتعة الجسدية والخدمة المنزلية فقط , تلك العادات والتقاليد والآراء المختلفة يدافع عنها قطاع عريض من البشر غير آبهين بمعنى القوامة ومفهومها الصحيح التي تعني الرعاية والقيام بشؤون ومتطلبات الزوجة من سكن وما إلى ذلك هذه هي القوامة المقصودة وليست الاضطهاد والتعنيف وتجاهل المشاعر والأنانية وفرض السيطرة بالقوة تارة والترهيب بسلاح الطلاق تارةٌ أخرى , العادات والتقاليد و بعض الآراء الفقهية والتأويلات ضد مؤسسة الزواج الحقيقية فمؤسسة الزواج الحقيقية تقوم على قاعدة الشراكة وليس على قاعدة الامتلاك التي هي ركن الزواج الهش الجاف الخالي من السعادة والفرح , ليست الأنثى سلعة يتملكها الذكر بعقد أو بدارهم معدودة وطقوس معينة بل هي كائن بشري له حقوق وعليه واجبات كالذكر تماماً والجنس البشري " أنثى وذكر " لا ينتقص من إنسانية الشخص أو من حقوقه لكن الأغبياء هم من جعلوا التمييز النوعي " الجنس " وسيلة وأداة انتقاص وهضم للحقوق فغلبت المجتمعات الأنانية واعترتها الأمراض السلوكية والنفسية والسبب مضادة الفطرة السوية التي تعظم شأن الزواج كمؤسسة شراكة وليست متاع مملوك بالقوة الجبرية أو برضا أختلط بدموع الواقع الأليم ؟.
لكي يعود الزواج إلى حقيقته فإن الطريق ليس طويلاً رغم صعوبته الفكرية والجغرافية " كناية عن العادات والتقاليد حسب المناطق والمدن والدول " فالبداية من الأسرة التي على عاتقها يقع تعليم الأبناء القيم والمشتركات الإنسانية وإشاعة الحٌب والحنان وسقاية العواطف بماء الرحمة والعطف والنهاية تكون بمؤسسات التعليم والمؤسسات التربوية ومؤسسات المجتمع المدني فدور تلك المؤسسات نشر الوعي وحماية الحقوق وصيانة المجتمع وطرفي ذلك المجتمع دون تمييز أو انتقاص , الآراء الفقهية المختلفة عبارة عن رأي قابل للصواب والخطأ كالفتاوى وتعميمها داخل المجتمعات بمختلف الطرق والوسائل ليس عملاً صائباً لأنه ضد العقل والمنطق والحريات فالهدف الحقيقي من ذلك التعميم هو تغيب العقول وجعلها أسيرة لرأي فقهي معين لتبقى بعيدة عن الانفتاح الفكري والمعرفي , ماذا لو تم استبدال عبارة عقد نكاح بعبارة عقد نكاح وشراكة أظن انه سيخلق حالة من المراجعات على مستوى الآراء والعادات والتقاليد وسيخلق حالة تٌنذر بولادة أسر سعيدة تروي عطشها بماء الحٌب وتقدير الذات تزرع بذور الوئام وتقطف الثمر عواطف ومشاعر صادقة وسيولد جيل يحترم الآخر جنساً ونوعاً وفكراً فالبداية الصحيحة من الأسرة مؤسسة الشراكة وليست المتاع المملوك بالترغيب أو الترهيب .
التعليقات (0)