مواضيع اليوم

الزمن الضائع

انور محمد

2011-12-08 23:32:36

0

                                                      الزمن الضائع
                                                          --------

   منذ قامت ثورة 25 يناير ونحن فى توقف مع الزمن ، نعيش فى تخبط مستمر ، لا ندرى لأى طريق نسير ، ولا لأى وجهة نولى وجوهنا ، وقد يكون ذلك طبيعيا مع أى ثورة ؛ حيث تتشعب الأمور ، وتختل المفاهيم ، فنحن الآن فى فترة هى أشبه ما تكون بمرحلة النقاهة للمريض الذى قبع ردحا من الزمن تحت وطأة المرض السياسي ، والاقتصادى ، والاجتماعى ، وكل ذلك وغيره مما دفع الشعب للثورة ، والمطالبة السريعة بالإصلاح ، طلبا للشفاء العاجل .
   وقد تطول هذه الفترة أو تكثر فى عمر الثورات ، ولكنها تعتبر من الزمن الضائع الذى لا يحتسب من عمر الشعوب ، ذلك لأنها فترة يتوقف فيها نبض المجتمع ، منتظرا ما سيأتى به هذا التغيير ، ونحن الآن فى مصر نعيش خارج الزمن ، وكنا نرجو أن تقصر هذه الفترة ، لأن فى إطالتها مزيدا من التوتر والضياع للثروات والاهمال للمرافق ، وكل ذلك يصحبه بلا شك معاناة للفقراء ، ومضيعة للجهد والوقت .
إننا سنظل فى هذا التيه ، وسنظل فى هذا التخبط طالما لم نضع أقدامنا على الطريق الصحيح ، فلسنا نعرف إلى الآن - وبعد مرور ما يقرب من عام على الثورة – ما شكل الدولة الناشئة بعد فترة الركود الماضية ، ولا يغرنك ما يحدث من انتخابات لأنها إلى الآن لا تدرى على أى شكل ستستقر وأى صلاحية ستأخذ ، والمحقق إذا استعرض ما مر من زمن على الثورة ودرس ما تحقق فإنه يقف حائرا ، هل نجحت الثورة فى القضاء على الفساد - وهو الهدف الذى قامت من أجله - أم لم تغير شيئا على أرض الواقع ، إنك إذا سألت عن ذلك ستجد من العامة فى بلدنا سخطا على الثورة ، لأن الناس دائما ما تحكم على الأمور من نتائجها والحق أن الناس لم تدرك من جنة الثورة أيا من ثمارها ، بل كل ما حصدته أشواكا تركت غصة فى حلقها ، مما دفع البعض للترحم على ما سبق .
    وحقا خلق الإنسان من عجل ، ولذا فلعله فى عجلة من أمره ، والتغيير يحتاج مزيدا من الوقت والعمل ، فلن ترفع الثورة فى يوم وليلة من تهدم من بناء عبر سنين عجاف أرهقت كاهل الناس وسرقت بهجتهم ، والحق الحق أقول لكم أن ما دفع الناس لليأس هو طول هذه الفترة التى سميتها الزمن الضائع ، فالناس تستطيع الصبر وقد فعلت ذلك كثيرا فيما مضى ، ولكن ذلك بشرط أن تكون على يقين أو شبه يقين بما يستقر عليه الأمر بعد ذلك ، وهذا الذى لم يتحقق بعد ، مما ضاعف من حجم التخوف من المستقبل ، وكثر اللغط والغلط أيضا حول المؤامرات التى تحاك فى الظلام ، وهى مؤامرات لها ما يبررها ، من سيطرة فريق على الساحة دون غيره ، الأمر الذى يتيح السؤال ، كيف سينتهى هذا الزمن الضائع من عمر مصر ؟ وعلى أى شاطئ ستسقر سفينة الوطن ؟
     إننى إذا حاولت سرد الأحداث التى مضت منذ الثورة ، وهى لا تخفى على لبيب ، واستخلصت منها ما يفيد التآمر فإن ذلك سيكون بالأمر اليسير ، ولكنى أترك ذلك لضمير القارئ الذى لا شك لديه العديد منها ، ويبقى السؤال عن صاحب المصلحة فى هذا الزمن الضائع على مصر وشعبها ؟ ومن المستفيد ؟ وإلى أى مدى سنظل هكذا دون تحديد الهوية الوطنية لمصر ؟ إن الوقوف على أول خطوة للتقدم والمدنية ليس سرا تحتفظ به الشعوب المتحضرة ، فلماذا المغالاة والمكابرة ، ولماذا أفضل مصلحة فرقة خاصة على حساب مصلحة مصر بل والعرب والإسلام كله ، فمصر إذا تقدمت سيكون ذلك هو الخير للجميع بل للعالم ، ولكن تقدمها لن يكون بصورة خاصة لدى فرقة خاصة محدودة البصر والبصيرة تحاول خطف الثورة ، وبدلا من أن ترفع مصر عالية ، تريد أن ترتفع هى على أكتاف مصر .
   إننا ندعو إلى إنكار الذات والعمل من أجل مصر ، فمن أراد الخير كان حبه لرفعة مصر أولا ، حتى ولولم يذكر التاريخ اسمه ، فكم من أبطال لم يذكرهم التاريخ فعلوا أعظم مما فعل هؤلاء الذين نحفظ أسماءهم ، وأذكر الإمام الشافعى الذى كان يقول : وددت لو أن الناس تفيد من علمى حتى ولو لم يذكروا اسمى بعد . إنها روح العمل التى تريد وجه الله عز وجل ولا تريد جزاء ولا شكورا .
    والله من وراء القصد
            بقلم
       أنور محمد أنور





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !