الزكاة ومقاصدها أين هي

الزكاة ركن من أركان الإسلام وذو مقاصد اجتماعية واقتصادية، هناك قولُ سائد أنه لا زكاة إلا في أربعة أو خمسة منتجات: الشعير والقمح والزبيب والتمر والذرة، وفي المقابل هناك منتجات زراعية كالخضروات والفواكه والبُن والقطن والكاكاو الخ لازكاة فيها فأين فقه المقاصد عن تلك المنتجات الزراعية وغيرها من المنتجات ذات القيمة الاقتصادية؟ ..

في الحقيقة يوجد آراء لبعض الفقهاء الاحناف تقول بوجوب الزكاة في كافة المحاصيل الزراعية وهذا يقودنا إلى استنتاج نقطة يجب أن يُوضع تحتها مئة خط ففقه المقاصد الذي لم يعد قائماً بحاجة لأن يعود ولن يعود إلا عبر تأصيل وتجديد فقهي يؤسس لمرحلة جديدة لا تتقيد بآراء أحادية كانت تناسب إطار زمني معين ومن ذلك حديث معاذ بن جبل وقصته قبل أن يذهب إلى اليمن داعية إلى الإسلام ..

لنأخذ مثالاً لكي تتضح الصورة أكثر أكبر دولة إسلامية هي إندونيسيا تنتج المطاط الذي لا زكاة فيه على الرغم من أن ذلك منتجها الزراعي الأساسي ، فأين مقاصد الشريعة الإسلامية هنا؟ واليمن كمثال ثانِ تنتج البُن ولا زكاة فيه فأين مقاصد الشريعة الإسلامية هنا أيضاً، الأمثلة كثيرة إذا أردنا إحصاء المنتجات الزراعية التي لا زكاة فيها في عالمنا الإسلامي ، وإن وجدت زكاة فالزكاة على عروض التجارة وتدخل تلك المنتجات ضمن عروض التجارة إذا تم تداولها في الأسواق.. 

الإمام مالك والإمام الشافعي يقولان لا زكاة إلا على المزروعات الخاصة بتغذية الإنسان بإستثناء الفواكة التي لا زكاة فيها؟ الإمام أحمد ا يقول تجب الزكاة في المواد القابلة للتجفيف والتخزين مثل الحبوب والبقول المجففة والجوز واللوز والتمور واستثنى الخضروات والفواكه...؟

تلك الأقوال تتناقلها المجتمعات وتعمل بها ولا ضير في ذلك لكن أليس حريُ بنا إعادة فهم وقراءة النص وفق قاعدة المقاصد وعدم إغفال تغير ظروف المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية ودخول بعض المجتمعات بمرحلة مختلفة عن المجتمعات السابقة من ناحية إنتاج المحاصيل الزراعية والتي لم تكن موجودة في السابق، أعتقد أن علماء الفقه والمختصين في علم الاقتصاد الإسلامي والمهتمين بالتجديد يجب أن يشغلهم موضوع الزكاة لسببين الأول لأنه ركن من أركان الإسلام ولأنه ذو منافع اجتماعية واقتصادية لا ينكرها عاقل ولم يشرعها الله إلا لحكمةِ بالغة.

اذا استمر التمسك بآراء تحدد أنواع المحاصيل التي تجب فيها الزكاة فإننا سنترك محاصيل كثيرة كالقطن والمطاط والبُن والفواكه والخضروات والكاكاو الخ ذلك الترك ليس في مصلحة أحد وهنا تكمن أهمية فهم المقاصد الشرعية وتغير الزمان والمكان قبل إصدار أي حكم وقبل التمسك برأي كان في السابق مناسباً، لسنا بحاجة إلى وضع كوكتيل فقهي بل إلى تجديد في الفهم والمقاصد فالإسلام صالح لكن زمانِ ومكان ولكي يكون صالحاً علينا أن نفهم المقاصد قبل إصدار أي حُكم لأن الحُكم قد يعيش طويلاً وينتقل من جيل لآخر دون تغيير أو على الأقل قراءة عقلانية للنصوص وهذا ما ينقصنا بالفعل .