الزعيم الصدر ممتعض أم معتزل
الإسلام السياسي بشقية السني والشيعي ضارب بجذوره في العراق فمنذ أن سقط نظام البعث أستبدل العراقيون حزب البعث بأحزاب الإسلام السياسي ضناً منهم أن مشاكلهم ستحل على يد زعماء الدين وزعماء العشائر المتحالفين مع الزعامات الدينية , ولم يعلموا أن القضايا التنموية والسياسية إن خرجت من جعبة السياسة والتخطيط والعمل الإداري لجعبة الديني فإنها لن تجد الحل بل ستجد التعقيد المفضيء للتخلف والإقتتال الأهلي والصراع الطائفي فالدين له أهله والسياسة والتنمية والقضايا الحياتية لها أهلها كذلك؟ الزعيم مقتدى الصدر فجر فقاعة ببحر السياسة العراقية وقبيل الإنتخابات التشريعية المقبلة فقد أعلن إعتزالة السياسة وإغلاق جميع مكاتبة , عزلة أم إعتزال أم أن قرارة يعبر عن إمتعاضة من السياسة العراقية تجاه الملفات الداخلية التنموية والأمنية المؤثرة على كل شبر من أرض العراق والمفجرة لإحتقان داخلي وأقليمي بدأ يتسع يوماً بعد يوم, سبق للزعيم الصدري أن قرر الإعتزال لكنه عاد تحت ضغط الجماهير ومن المتوقع أن يعود الصدر لدوره السياسي الكبير والمؤثر على الساحة العراقية ومحافظات جنوب ووسط العراق ستضغط بقوة من أجل عودته لبحر السياسة من جديد وفي حال عودته فإن السياسة العراقية ستتغير لأن عودته بضغط شعبي كبير تعني تشكيل تحالف صدري سياسي جديد يٌزيل تراكمات تحالفة القديم ويٌزيل سقطات نواب تيارة الذي أغضبه وتسبب بعزلته . منذ سنوات والعراق تمر بأزمات متشابكة معقدة وترك الصدر السياسة فعل وسلوك جيد وبداية فعلية لكسر هيمنة الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي لكن مع تعقيدات المشهد السياسي العراقي فإن ترك الصدر للمشهد ولو مؤقتا يضاعف من حدة الأزمة السياسية ويعقد الملفات السياسة خاصة وأن العراق تمر بمرحلة أخطر من السابق على الصعيد السياسي والإقتصادي والأمني التي هي نتيجة لتراكمات الماضي ولإصطفاف القوى الطائفية بخندق الصراع الطائفي الذي هو نتيجة طبيعية لتسييس الدين والمذهب ؟ الفراغ الذي سيتركة الصدر كالفراغ الذي تركه الهاشمي وغيره من وطنيو العراق , وتركهم للمشهد السياسي ينذر بإنحراف المسار السياسي لنقطة لا تحمد عقباها على المشهد العراقي الداخلي وعلى المشهد الأقليمي , يتوجب على الرموز والقوى الوطنية المعتدلة التصدي لأي إنحدار ممكن أن يحدث بالمشهد السياسي العراقي لأن المشهد السياسي العراقي تحكمه عناصر القوى على الأرض فكل طائفة تحشد أنصارها للظفر بأي فراغ قد يحدث , وتحشد أنصارها لكسب أي معركة ولو على حساب الوطن والوطنية وتلك هي إشكالية ناتجة عن تسييس الدين والطائفة والمذهب ؟ قد يتعجب البعض من قرار السيد الصدر وقد يستبشر به آخرون ومن يقرأ المشهد العراقي بتأمل فإنه سيقول على الصدر العودة إلى المشهد ولو مؤقتاً , وإذا أراد ترك السياسة والتفرغ للخطاب الديني ودروسه الدينية فاليبدأ بإزالة تراكمات الماضي التي خلقت صراعات طائفية ومذهبية ببلد كان نموذج للتعددية والتعايش بأعراقه ومذاهبة وطوائفة , وإزالة تراكمات الماضي لا تكون بإعتزال السياسة كما فعل بل بتحييد الدين والمذهب عن السياسة والدعوة لقيام نظام حكم ديموقراطي عادل لا يؤمن بالمحاصصة المذهبية والطائفية بل يؤمن بالوطنية والكفاءة فوظيفة الدولة الإدارة والتنظيم فقط ولا يحق لها التدخل بالدين عبر تسييسه أو منهجته أو أدلجته بأي شكل من الأشكال فالدولة الناجحة المستقرة هي التي تفصل الدين عن سياستها الداخلية تترك المذاهب والطوائف بعيداً عن سياستها الداخلية وصراعتها السياسية فالسلم الإجتماعي لا يتحقق في ظل صراعات سياسية يوقد نارها زعماء دين غلبوا السياسة عن الدين والمذهب ؟ المشهد العراقي معقد يزداد تعقيداً مع مرور الايام, والمواطن العراقي هو الوحيد الذي يدفع ثمن تلك التعقيدات من كرامتة وتنمية وإستقرارة وتاريخة وسلمه الإجتماعي وتعايشه مع أبناء وطنه , فهل يعي سياسيوا العراق وزعماءه الدينيون ذلك ؟ أم أنهم أعتزلوا الناس وتفرغوا للصراعات السياسية التي لن ينتصر فيها أحد ؟.
التعليقات (0)