مواضيع اليوم

الزحف نحو حماس

حسام الدجني

2009-05-07 12:41:57

0

الزحف نحو حماس

بقلم/ حسام الدجني

 

     تشهد الساحة الدولية حراكاً سياسياً نشطاً تجاه المنطقة بشكل عام, والقضية الفلسطينية بشكل خاص, فمنذ اليوم الأول لتنصيب السيد باراك اوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية, اتخذ قراراً بتعيين السيناتور الديمقراطي السابق جورج ميتشل مبعوثا خاصا للسلام في الشرق الأوسط.

 

ترسخت قناعة عند المجتمع الدولي بأنه لا يمكن إبرام أي اتفاق سلام في المنطقة دون إشراك حركة حماس, وازدادت هذه القناعة بعد فشل  كل الخيارات الفلسطينية والدولية والإقليمية والإسرائيلية, من فوضى خلاقة إلى الحصار السياسي والاقتصادي, وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة والتي استمرت 23 يوماً, لم تتمكن اعتى آلة عسكرية في الشرق الأوسط من تحقيق أي هدف من أهداف العملية العسكرية سوى القتل والتدمير الممنهج.

 

فرضت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تداعيات سياسية واقتصادية على المنطقة بأكملها, وكان أكبر المستفيدين من هذه التداعيات فصائل المقاومة الفلسطينية, وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية "حماس", حيث حققت حركة حماس اختراقات في الجبهة الدولية لحساب القضية الفلسطينية, من خلال انكشاف الوجه القبيح للجيش الإسرائيلي, والذي ارتكب جرائم حرب ومجازر ضد الإنسانية, فزاد التعاطف الدولي مع الشعب الفلسطيني, وترسخت قناعة شعبية دولية بحق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال, فقامت المسيرات الشعبية في جميع أنحاء العالم دعماً ومساندةً للشعب الفلسطيني, مما انعكس هذا السلوك على الساسة وعلى القرار السياسي في العديد من الدول الأوروبية, والتي سارعت بزيارة قطاع غزة, في اعتراف سياسي وان كان مغلفاً بغطاء إنساني بحركة حماس, ثم شهدت الساحة السورية هي الأخرى لقاءات مكوكية بين برلمانيين أوروبيين ودوليين مع السيد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل, بل تعدى ذلك إلى أن يلقي السيد مشعل خطاباً في مجلس العموم البريطاني عبر الفيديو كونفرانس, حضره بعض النواب البريطانيين.

 

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على خط الانفتاح الجزئي على حركة حماس, حيث طلب السيد باراك اوباما من الكونغرس "إجراء تعديلات طفيفة على القانون الأمريكي بحيث يصبح من الممكن استمرار إرسال المساعدات لحكومة ائتلاف فلسطينية, حتى لو ضمت بين وزرائها بعضا من قادة حركة حماس التي تقع ضمن قائمة المنظمات "الإرهابية" حسب التصنيف الأمريكي".

وسبق هذا الانفتاح زيارة السيناتور جون كيري إلى قطاع غزة, وكان السيناتور الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قد أكد في تصريحات قبيل دخوله القطاع عبر معبر إيريز إن الزيارة لا تمثل تغييرا في ما يتعلق بالموقف من حماس.وقال كيري إنها تأتي في إطار "جهودنا للاستماع والتعلم".

وهنا على ما يبدو أن السيد جون كيري يرغب في رؤية الواقع في قطاع غزة, ويرغب أن يستمع ويتعلم من بعض الموظفين الدوليين عن حماس, دون أن يلتقي بأي من قادتها السياسيين, وهنا مبدأ التدرج الذي تنتهجه إدارة السيد اوباما في تعاملها مع حركة حماس, فهي ترغب في علاقات مع حماس, ولكنها تخشى ضغط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, لذلك ترى أن التدرج في التعامل مع حماس هو سيد الموقف في المرحلة الراهنة, والتي ستشهد في الشهور المقبلة تقارباً اكبر على كافة الصعد.

 

الزحف نحو حماس له مجموعة من الدلالات السياسية في المنطقة منها:

1-    شرعية حماس السياسية التي تتمتع بها من خلال فوزها بـ (74 مقعداً) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006.

2-    صمود حماس ومعها الشعب الفلسطيني وتمترسها أمام الشروط الدولية, وتمسكها بالثوابت الوطنية, وإدارتها السليمة في ظل الحصار والعدوان الإسرائيلي.

3-    رغبة جميع الأطراف في احتواء حماس ومعها فصائل المقاومة الفلسطينية, لتحقيق بعض الأهداف والمصالح في المنطقة أبرزها:

وقف جميع أشكال المقاومة ضد (إسرائيل).

وقف التمدد الإيراني في المنطقة, والحد من ظاهرة تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية عبر نشر التشيع في بعض الدول العربية السنية المذهب.

البدء في الشروع في مفاوضات ماروثونية, تصل إلى حل للصراع العربي الإسرائيلي.

4-    قدرة حماس على المناورة السياسية عبر تبنيها خطاب براغماتي, بدأ يحقق اختراقا في الساحة الدولية.

5-    عدم تمكن (إسرائيل) من الحسم العسكري في قطاع غزة, وإسقاط حكم حماس بالقوة.

 

الدلالات السياسية السابقة قد تدفع حماس إلى تبني خيارات سياسية مقابلة ومتوازية مع إمكانية الانفتاح الدولي على الحركة من خلال:

      1- العمل على إنجاح الحوار الوطني وتحقيق المصالحة الوطنية.

2- العمل على تحقيق تهدئة معلنة كانت أو غير معلنة.

3-احترام حقوق الإنسان وتبني الخيار الديمقراطي.

4-احترام الحريات العامة, ووقف كافة أشكال التعذيب, والاعتقالات الخارجة عن القانون, ووقف جميع أشكال التجاوزات في السلم والحرب إن وجدت.

5-تبني خطاب إعلامي موحد, يراعي المزاج العام الدولي, ويحافظ على الثوابت الوطنية.

6- تعزيز العلاقات مع الدول العربية وخصوصا مصر والسعودية.

تستطيع حركة المقاومة الإسلامية حماس, من تحقيق اختراق سياسي في حائط الصد الدولي, من خلال تكتيك ومناورة سياسية قد تلجأ اليها الحركة في ظل مناخ دولي وإقليمي ايجابي, وسيزحف المجتمع الدولي لبناء علاقات متدرجة مع حماس آجلاً أم عاجلاً.

 

حســام الدجنــي

كاتب وباحث فلسطيني

HOSSAM555@HOTMAIL.COM

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات