كتب الدكتور محمد مسلم الحسيني تحت عنوان : (جنون العظمة ) : " .... الوهم المكتسب : قد يلعب المجتمع دورا كبيرا في بناء ظاهرة وهم العظمة عند بعض الأشخاص ؛ الإطناب والمديح المبالغ به لشخص ما ... ) / وقد قـُدّر لنا أن نعيش في أكثر من عاصمة عربيّة ، ورأينا كيف تـُحـشد الجماهير وتساق إلى حيث يأتي فخامة الرئيس أو جلالة الملك خطيباً ، وكيف توزّع الفرق : الطبّال ، والزمّار ، وملقي الأشعار ما بين الجمل في خطاب فخامته أو جلالته . ومن المضحكات : حين تعود إلى بيتك وقد ألقيت عن عاتقك حملاً ثقيلاً من الوفاء القسريّ لواجب تحيّة قائد الأمّة والاستماع إلى حكمة خطابه ، يضطهدك المذياع أو التلفاز الوطني مرّة أخرى ، وأنت في أمسّ الحاجة إلى الراحة ، بقوله : " ... وقد انساحت الجماهير بصورة عفوية في الشوارع الميادين والساحات العامّة بصورة عفويّة ، تهتف بحياة القائد ... " وانظر إلى بلاغة : " انساحت" و " بصورة عفويّة " .. ! / ويختم الكاتب مقاله بقوله : " وأخيراً فما لي إلاّ أن أنصح القرّاء بأن يكونوا حذرين عند إظهار حقيقة الوهم الذي يدعي به مجنون العظمة وكشف ذلك أمامه، إذ أن ردود الفعل قد تكون قاسية وعنيفة قد تصل إلى حدّ الجريمة !" / والحقّ ، فإنّ هذا النصح وإن كان – علميّاً - صحيحاً ، فإنه مقبول إذا كان هذا المجنون ذا تأثير على نطاق محدود لا يتعدّى أذاه حدود شخصه أو دائرة ضيّقة من حوله .. أمّا إن كان في أعلى رأس هرم الدولة ، فإنّ واجب مواجهة هذا الجنون ، فرض وطنيّ وقوميّ وشرعي ّ ، تجنّباً لمزيد من جنون وقوده الأمّة وكرامتها ولقمة عيشها وتقدّمها ورفعتها .. ! عسى أن تفتح بعد فخامة السيّد الرئيس مجنون العظمة لشعبه ووطنه صفحة مشرقة من التعقـّل في تاريخهما ، تعوّض عن عقود مقيتة من الجنون المدمّر .. !
بقلم الأستاذ عمر غوراني |
التعليقات (0)