على ما يبدو أن قانون البناء الجديد أعطى وسهل للبعض على أن يبنوا على الأراضى الزراعية ، ففى محيط قريتنا أرى عدة منازل مبنية وسط الأراضى الزراعية ما كان لأصحابها الحق ولا القدرة على بناءها فى الأعوام الماضية ، وعندما ينظر الإنسان للمشاكل التى تعيشها مصر فى مجال الإسكان يتأكد أن النظرة القاصرة وضيق الأفق والإهمال وغيرها هى السمات المميزة لعصور الحكم بداية من عصر الرئيس عبدالناصر وحتى الآن ، فهناك مناطق عشوائية تم إنشاءها فى نهايات عصره وزادت فى عصر الرئيس السادات لتبلغ ذروتها فى عصر الرئيس مبارك ، فلقد كان المسئولون فى الدولة نائمون كل هذه السنين وإستيقظوا فجأة عندما بدأت التحذيرات الأمنية وتأكدوا أن المناطق العشوائية هى قنابل موقوته تحيط بالقاهرة ، وما حدث بالمدن لا يختلف كثيراً عما حدث للقرى المصرية فعندما أحست الدولة بأن الأرض الزراعية تتآكل بسرعة بسبب البناء عليها أصدرت القوانين ونفذتها فجأة وبصرامة وبغير العادة فمنعت البناء نهائياً على الأرض الزراعية ، لذلك نسأل أين كانت الدولة قبل ذلك عندما رأت ذلك التطور العشوائى الذى إرتفع بدرجة ضخمة منذ نهاية السبعينات وبعد أن بدأت أموال النفط تهب على القرى فبدأ هدم المنازل القديمة المبنية بالطوب اللبن ، وبدأ السباق المحموم فى بناء بيوت بالقرى هى أقرب للمساكن العشوائية ، وكانت الطامة والكارثة الكبرى هى بناء معظم البيوت بدون أعمدة خرسانية فهى مبانى ضعيفة وهزيلة لا تتحمل أكثر من دورين فقط وإلا إنهارت على رؤوس سكانها بالإضافة إلى أن هذه البيوت تعوم على بحار من مياة الصرف الصحى .
وأدت تلك العشوائية فى تراكم مشكلة السكن فى الريف المصرى لأول مرة فى التاريخ ، وإرتفعت أسعار أراضى البناء بطريقة رهيبة ، فلو كان هناك قانون يُلزِم من يبنى بيتاً جديداً بأن يبنيه على أعمدة خرسانية لتحمل المنزل خمس أدوار على الأقل وكان ذلك يكفى لحل مشكلة السكن لأكثر من جيل حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً .
التعليقات (0)