الروح التي تملكت شباب العرب هذه الأيام هي روح المارد الخارج من قمم الحبس والكبت من سنين ، تلك السنين الثلاثين العجاف ، التي قل فيها الخير وجف الضرع وهلك الزرع وتدنت البلاد ومات العباد ، تلك السنين التي أرهقت كاهل الشعب العربي من المحيط إلى الخليج ، لمقولة صحيحة كانت تتردد على لسان العرب ( إذا صلحت مصر صلح العرب ... وإذا قويت قوي العرب ) أما وقد خلع النظام البائد المنهزم المخلوع بقوة الثورة الشبابية ..لوحدها دون الاستعانة بالأمريكان وأتباعهم ودون التنظير من الخارج او التطبيل والتزمير كما تفعل بعض الحركات التي تسمي نفسها معارضة وطنية من الخارج ...
تمرد الشباب على الوضع القائم بما لا يترك مجالا للشك بأن الثورة ثورة عربية مصرية وطنية خالصة .. تدرك ما تريد وتعرف نهاية الطريق لأنها رسمت الخطة بحكمة ودراية وحب وفن وروح خلاقة مبدعة .
تلك الروح التي تملكت الشباب المصري أخرجت من المصريين كل ما هو جميل ورائع وكل ما هو وطني وحر بروح من التعاون والتشارك والتآلف .. بعيدا عما يسمى ( غرفة جهنم التي تحدث عنها حبيب العدلي ) الذي انهار مع أول جلسة للتحقيق .. والذي قال فيها انه يملك معلومات في غرفة جهنم ... وانه لن يكون كبش فداء لأحد بعد الآن .. وان هناك رؤوس كبيرة ستقع معه من كبار المسوؤلين وكبار البعثات الأجنبية ... مما يدلل بوضوح على هشاشة الوضع الأمني للدولة البوليسية التي تقوم على الإرهاب والسلب والنهب والقرصنة الفكرية والاقتصادية والتي لا تحسب حساب المواطن لأنها تعتبره في أدنى درجات سلم أولوياتها .. وما تلك البرامج التي يقال أنها موجهة للطبقة الكادحة الا استثمارات وهمية لرجال الدولة لتدر عليهم أرباحا فاحشة لا تخدم أحدا من الطبقة الكادحة تلك ..
كشفت الروح الثورية المصرية الشابة عمق الروح العربية وقوتها وشبابها .. كما كشفت أنها روح ثائرة خلاقة مبدعة وأنها دينامكية ليس كنا صورت لنا وتوهمنا على مدار عقود من الذل والانكسار على أنها خانعة ذليلة مستكينة ..
كشفت تلك الروح هشاشة النظام .. وانه ما هو إلا مجرد ديكور من الكرتون الخفيف .. ما أن ينتهي العرض يمكن أن نلقي به إلى مكب النفايات .. وتلك نهاية تليق بالنظام البوليسي الذي استهان بمقدرات الأمة وبعث بها لقمة سائغة لفم الأجنبي والعدو .. وحرم منها أطفال ونساء وشباب وشيوخ مصر ..
تضطر النساء المصريات والشعب المصري عموما أن يقفوا بطابور طويل للحصول على كل مستلزمات الحياة اليومية من خبز وخضار وغاز .. الغاز الغاز الذي يقدم كعربون محبة للعدو .. بينما المواطن يكدح للحصول على ما يحتاجه وبالسعر العالمي .. ولا يجده ..
تلك حالة من حالات الاستعمار الوطني للبلاد الذي يعيث فيه الرئيس وأتباعه فسادا وتخريبا ، وما أن يحين موعد الهرب حتى يترك البلاد خرابا .. وتلك الحالة في مصر وتونس من قبل هي الحالة ذاتها في معظم الدول العربية التي تسير على طريق التحرر ولو تدريجيا وببطء شديد . لكن يوم الخلاص لا أظنه ببعيد .. والفجر قادم لا محالة ولعلها سنة الحياة أن يأتي الفجر بعد ظلام .
التعليقات (0)