حين تحتويني كل صباح طاولة مكتبي في محل عملي, هناك بعض الروتين الذي لا يتغير إلا في التوقيت , إذ ليس هناك ساعة محددة يجب ان اكون فيها بمكتبي , يأتيني فنجان القهوة مع كوب من الماء و اشعل سيكارتي و انفذ دخانها في اجواء الغرفة و اتطلع لحاسوبي و بريدي الألكتروني و الصفحة الثانية من شاشة حاسوبي تتداور احداث الساعة و اتنقل بين صفحات الجرائد الألكترونية, بين الحين و الأخر ارد على المكلمات الواردة و اجري الأتصالات المفروضة عليّ من طبيعة عملي .. تتسابق الثواني و الدقائق لتمضي ساعة و ساعتين و اخريات ليدق جرس الأمعاء و الأحساس بالجوع الذي احيانا امقته كما مقتُّ فروضي المدرسية, تلك الأمعاء التي تتحكم بي و تفرض علي وجبات أكلها على مضض, و اعود لمكتبي في مراجعة اخيرة , اتحير ماذا اختار , اقلّب بين صفحات اوراقي و لا اجد فيها ما يثير اهتمامي فأقلب صفحات الجرائد الألكترونية , مقتل نفرٌ من المساكين في انفجار قنبلة حين تواجدوا في الزمان و المكان الغلط.. هددت الدولة الفلانية بأتخاذ الأجراءات الصارمة ضد مجاميع معينة ,, سافر وفد معين لدولة معينة و حضور مؤتمر معين .. اتعب من تلك الأخبار المتكررة في يوميات شعوب العالم ,,ابحث عن تغيير في الأخبار , تجذبني صور نساء جميلات و عناويين بعيدة كل البعد عما بدأت به من اخبار ,, الفنانة (...) تتهم زميلتها و تنكر علاقة غرامية مع فارس الأحلام المزعوم ,, تلك تطلقت,, ذاك اعلن خطبته او تزوج ,, بعضهم سافر ليحي حفلة غناء و أخر يحضّر لأغنية جديدة ,, اتسائل ماهي تلك الحياة الصاخبة التي يعيشها هؤلاء و ترى ما يمكن ان تكون اكبر مشاكلهم في الحياة ,, يعيشون مشكلة التنافس الدائم , هل من اجل المال , هذا النقد الملعون , بعضهم به غارقون و البعض الأخر محرومون , كيف و لماذا ينفق؟؟؟
تمرق بين هذا الروتين المقيت لحظات تخصني تحمل خواصي و خصوصيتي , اقلب فيها اوراقي من الماضي و الحاضر و بعضها دونتها عن الزمن الأتي, و ادون ملاحظات جديدة , احذف بعض القديم منها و ازيد على اخرى ,, ارتب مكتبي معلنا نهاية يومي هنا و ارتبه لليوم التالي و لا اجد تغيير كبير في اجندّة اليوم التالي سوى مكالمات جديدة و وجوه جديدة سألتقيها,, اطفىء حاسوبي و اعبر بوابة مكتبي تاركا خلفي احد شخصياتي التي تقتمصني عنوةَ لبعض اجزاء النهار و ادخل بوابة اخرى ارتدي فيها شكلا أخر و واجبات اخرى و تفاصيل اخرى...
التعليقات (0)