مواضيع اليوم

الرق في الإسلام

سليمان الحكيم

2011-08-21 23:44:55

0

 

الــرق

 

المراد به

الرق اصطلاحاً : عجز حُكْمي يتلبس الإنسان بسبب الكفر في الأصل ، ويظهر هذا العجز الحكمي بفقدان أهلية التملّك ، وفقدان الحقوق المدنية .

الحكمة من مشروعية الرق

حكم الاسترقاق والمن والفداء والقتل داخل في أحكام السياسة الشرعية ، ومنوط برأي الحاكم المسلم ، يراعي فيه المصلحة العامة للمسلمين .

والحكمة في أن يتخذ الاسترقاق محلَّه بين هذه الخصال التي يخير بينها هي أنه سلاح موجود في أيدي الأعداء بالنسبة لأسرانا عندهم ، فكان من أُسس العدالة أن يملك المسلمون هذا السلاح نفسه ، ثم يعطي الحاكم صلاحية استعماله بمجرّد أن يرى ضرورة لذلك ، كأن يجد أعداءنا قد استرقوا أسرانا ، والقانون الدولي يقرّ مبدأ التعامل بالمثل فيما يتعلق بالأسرى .

وكان من الإجحاف أن يُنسخ هذا السلاح « الاسترقاق الناتج عن الحرب » نسخاً شاملاً ، مع استعمال الأعداء له ، وشعورهم بالسعادة لكونهم وحدهم الذين يملكون هذا السلاح .

الرق في العالم قبل الإسلام

الرق في العالم قبل بزوغ الإسلام أمراً في منتهى الفداحة ، تذوب منه الأفئدة وتنصهر من هوله القلوب ، حتى ولو كانت كالحديد أو أشد قسوة ، يقاسي الرقيق آنذاك من أسيادهم أبشع المعاملة ، وأمرّ الشقاء ، وأشقى الــعذاب لأتفـه سبـب وأقـل خـطـأ ؛ لأن الأسياد قساة أشداء لا يعرفون للرحمة معنى ، ولا للشفقة مغزى ، فهم كالوحوش الضارية الكاسرة بل أشد بطشاً وأقوى فتكاً ، وكان ذلك التسلط المقيت على الأرقاء منتشراً في كل الممالك وجميع البقاع ، وكانت معاملتهم لهم تمثل أقسى أنواع الظلم والحيف والجور .

الرقيق عند اليهود

وكان الرقيق عند اليهود لا عمل له إلا مباشرة الأعمال القذرة النجسة ، وكان الفرس يكلفونه بأقسى الأعمال وأشدها ثقلاً ، حتى لو أثقلت كاهله وأعيته ، وويل له إن لم يطقها فسيصب عليه جام الغضب ، وينكل به أشد التنكيل .

الرقيق عند الرومان

عند الرومان كان أتعس الناس حالاً ، وشرهم مآلاً ، وكان يعذب عندهم بالحرق والقتل وبقر البطن ، وتقطيعه إرباً إرباً .

الرقيق عند الفرنسيين والإيطاليين والبريطانيين

وكان الإِيطاليون والفرنسيون والبريطانيون الأصليون يعتبرون الفلاحة من أحقر الأعمال وأخسها ، وكانوا يفرضون على الرقيق ضرائب من المال أو الماشية أو غير ذلك ، والفرنسيون الأصليون كان من تقاليدهم أن من تزوج برقيقة صار رقيقاً مثلها ، ومن تقاليد أمة الوزيقوط أن من تزوجت بعبدها أحرقا معاً وهما في حال الحياة .

هذه نماذج لمعاملة الرقيق الوحشية في الأمم الهمجية التي لم تذق للإسلام طعماً ، ذهبت تلك الأمم ، وورثت عوائدها بعض دول الاستعمار التي كلفت الرقيق من الأعمال ما فوق طاقة البشر ، وما لا يتصوره الخيال ، وإيقاع العذاب الأليم به إن قصر جهده وطاقته عن ذلك ، وضاق به ذرعاً .

معاملة الرقيق في الإسلام

ولما جاء الإِسلام بتعاليمه السمحة وأحكامه القيمة أنقذ الرقيق من الظلم والجور والمصائب والمتاعب ، ومن تلك الرزايا والبلايا التي تصب عليه ، وتذيب روحه وجسمه ، وساواه الشارع في كثير من الحقوق والأحكام بغيره من المسلمين .

وقد كرَّم الإِسلام الأرقاء أحسن تكريم ، وعاملهم أفضل معاملة ، وبسط لهم يد الحنان ، ولم يجعلهم موضع سخرية واحتقار كما فعلت الأمم القديمة المتوحشة .

معاملة الإسلام للرقيق

أوصى الإسلام بالرقيق وجعل معاملتهم بالحسنى .

دلـيلـه :

 (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً))

[ سورة النساء آية 36 ]

وعن علي أن النبي قال: اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم [ رواه البيهقي ] .

نهى الإسلام عن الإِساءة إلى الرقيق واحتقاره وكل ما يفضي إلى إذلاله واستعباده .

دلـيلـه :

قال : لا يقل أحدكم عبدي وأمتي ، وليقل فتاي وفتاتي وغلامي [ رواه مسلم وأبو داود ] ؛ وذلك تكريماً ومعاملة حسنة له .

دعا الإسلام إلى تعليمهم وتربيتهم وتأديبهم .

دلـيلـه :

قال : من كانت له جارية فعلمها وأحسن إليها وتزوجها كان له أجران في الحياة والآخرة : أجر بالنكاح والتعليم ، وأجر بالعتق [ رواه البخاري والترمذي ] .

أمر الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم أن يأكل المملوك ويلبس مما يأكل ويلبس المالك .

دلـيلـه :

فعن ابن عمر أن النبي قال : إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتوهم فأعينوهم [ متفق عليه ] .

إخوانكم خولكم : أي تحت تصرفكم . ما يغلبهم : ما يعجزهم .

نهى الإسلام عن ظلمهم وأذاهم .

دلـيلـه :

فعن ابن عمر قال : قال رسول الله : من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته عتقه [ رواه مسلم وأحمد وأبو داود ] .

تولية رسول الله وخلفائه من بعده كثيراً من الأرقاء في المناصب العالية والقيادات العظيمة في الإسلام .

من ذلك على سبيل المثال :

تأمير أسامة بن زيد وهو مولى على جيش عظيم فيه الأنصار والمهاجرون وكبار الصحابة .

وتأمير أبي عبيدة وهو زنجي الأصل على كتيبة أرسلها إلى حلب ، وفيها السادات الأجلاء ، والأبطال والمغاوير .

هذه حالة الرقيق في ظل الإِسلام ، وبالمقارنة بينها وبين حالته قبله نجد البون الشاسع بين العنف الجاهلي والأخوة الإِسلامية ، ويظهر الفرق جلياً بين شراسة الوحوش ولطافة الإِسلام ، فما أعظم حكمة الشارع ، وما أعدل أحكام الإِسلام التي تطلع إلى تحرير الرقيق بكل وسيلة ممكنة وقد تحقق ذلك .

حصر الرق في سبب واحد وتعدّد أسباب التحرير

كانت منابع الرق قبل الإِسلام كثيرة متعددة :

الأسر والنهب واستعباد الأحرار ، فلما جاء الدين الإسلامي ضيق هذه المنابع ، والمصادر ، وحصرها في منبع واحد ، ألا وهي الحرب المشروعة المعلنة من المسلمين ضد عدوهم الكافر ، وألغى جميع صور ومصادر الرق الأخرى المبنية على الظلم والجور والحيف والتعسف ، واعتبرها محرمة شرعاً لا تحل بحال .

نعم إن الإسلام دين السلام والوئام ، دين العطف والرحمة ، والشفقة والرأفة ، أوصد كل أبواب الرق المحرمة ، وفتح أبواب التحرير على مصاريعها لأنه متشوق إلى الحرية ورفع نير الاستعباد والاضطهاد ، وإزالة كل وسائل الامتهان والاحتقار والسخرية والازدراء ، فحض على عتق الرقاب وحثّ عليها ، ورغب في فكاكها وتحريرها ، وبيَّن سبل الخلاص من العبودية ، واتخذ وسائل شتى لإنقاذ المستعبدين من غوائل الرق وآفاته ، وفتح كل باب يجتث جرثومته ويقضي عليه ، ويستأصل شأفته ، ويقضي على كابوسه : كابوس المذلة والهوان حتى إنه جعل المن على الأسرى من أكرم الخصال ، وأنبل الأفعال ، وأخلاق ذوي الشيم والمروءات .

ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم ، ثم جعل المفاداة لهم بمال ، أو أسرى مسلمين ، أو القيام بعمل شريف نبيل فاضل كتعليم العلم ، كما حصل في غزوة « بدر» ، إذ جعل النبي فداء كل أسير تعليم عشرة من صبيان المدينة القراءة والكتابة . كل هذا ترغيب في العتق ، وكبح لجماح الظلم ، وحب السيطرة على الخلق .

وقد جعل العتق كفارة لكثير من الأمور التي يرتكبها المسلم كالقتل الخطأ والحنث في اليمين وغيرهما .

كل هذا لتجفيف هذا المنبع الذي يسري منه الرق ، وصد ذلك التيار الذي يتكاثر من جرائه المسترقون .

موقف الإسلام من الرق

إن الشارع الحكيم يضع الأشياء في مواضعها ، من أجل ذلك لم يفاجأ الناس بمحو عادة تأصلَّت وتجذّرت فيهم من القدم ، فإذا ما فوجئوا بمحوها دفعة واحدة كثر الجدال والمعارضة ، فالشارع الحكيم لم يشأ محوها دفعة واحدة ، بل جعلها في طريق فيه مصلحة عظيمة لمن يسترقون ولغيرهم .

أما مصلحة المسترقين المستعبدين فتقليل الرق ، بأن جعله من أسرى الحرب فقط ، وكانت الأمم السابقة تسترق بالحرب والسلب والنهب واللصوصية وغيرها .

وأما مصلحة غيرهم فإنهم يجدون بالرقيق ذلك العون والمساعد على خدمتهم ، وتقويم أمر معاشهم ، ذلك المعاش الذي لا قدرة لهم عليه ، كزراعة الأرض، واستغلال خيراتها ، وما أشبه ذلك ، وأيضاً في إبقائه إرهاب للعدو حيث يكثر سواد المسلمين ، وعدد المحاربين ، وتقوى شوكتهم ، وإن رفع ناعي الأمم الهمجية عقيرته ليتهم الإِسلام ويعيبه بالاسترقاق لأسرى الحرب ، فليته راجع عقله ، وتأمل المعاملة الوحشية البشعة لهؤلاء واستعبادهم القبيح لهم حتى جعلهم كالحيوانات بل أقل مرتبة منها ، إلى جانب ما نجده من التمييز العنصري في دول تدَّعي الرقي والحضارة .

ترغيب الإسلام في تحرير الرقيق

تحرير الرقاب قربة من القربات ، وعبادة من العبادات ، وعمل جليل من أجل الأعمال وأفضلها ، ندب إليه الشارع ورغب فيه وحض عليه في جوانب كثيرة ، ومجالات متعددة .

فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ
فَكُّ رَقَبَةٍ

[ سورة البلد الآيات 11-13 ]

وروي عن ابن عباس عن رسول الله أنه قال : أيما مؤمن أعتق مؤمناً في الدنيا أعتق الله تعالى بكل عضو منه عضواً من النار [ متفق عليه ] .

وعن وائلة بن الأسقع قال : أتينا رسول الله في صاحب لنا قد أوجب ، فقال : اعتقوا عنه يعتق الله تعالى بكل عضو منه عضواً من النار [ رواه أبو داود وابن حبان والحاكم ] .

وعن البراء بن عازب قال : جاء أعرابي إلى النبي فقال : يا رسول الله علمني عملاً يدخلني الجنة . فقال : اعتق النسمة وفك الرقبة . فقال : أوليسا واحداً ؟ فقال : لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة : أن تعين على فكاكها [ رواه البيهقي وابن حبان ] .

أبواب تحرير الرقيق في الإسلام

تجد الشارع الحكيم قد أوصد كل أبواب الرق وأغلقها ، وجفف كل منابعه ومصادره ما عدا منبعاً واحداً وهو الاسترقاق في الحرب المشروعة ضد العدو والكافر ، ومن زاوية أخرى فتح أبواب التحرير على مصاريعها ، وأوجد السبل الكثيرة للتخليص من الرق ، وتحرير الرقاب من الذل والاستعباد .

أمـثلة ذلـك :

أولاً : قسم الله تعالى الزكاة بنفسه وجعل فيها سهماً مفروضاً لتحرير الرقاب من نير العبودية وظلمها ، وكابوس الذل والمهانة .

دلـيل ذلـك :

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

 

[ سورة التوبة آية 60 ]

فجعل منها تياراً ثجاجاً يفيض بالعتق والتحرير ، ومنبعاً دفاقاً يتدفق منه تخليص الأرقاء من أسر الذل والاضطهاد ، وقيد المهانة والاستعباد .

ثانياً : من أوجب على نفسه تحرير رقبة بالنذر وجب عليه الوفاء به متى تحقق له مقصوده وتم له مراده . والنذر : التزام قربة غير واجبة .

دلـيل ذلـك :

قال رسول الله : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه [ رواه البخاري وأبو داود ] .

ثالثاً : جعل الإعتاق كفارة لمن ظاهر من امرأته حتى يعود إلى المسيس .

والظهار : هو أن يشبه الرجل زوجته ، أو بعضها في الحرمة بإحدى محارمه ، أو بكل من تحرم عليه ، كقول الرجل لامرأته : « أنت عليَّ كظهر أُمِّي » ونحو ذلك .

دلـيل ذلـك :

وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

 

[ سورة المجادلة آية 3 ]

رابعاً : جعل تحرير الرقيق وتخليصه نهائياً من نير الذل والاستعباد كفارة للجماع في نهار رمضان .

دلـيل ذلـك :

لحديث أبي هريرة قال : بينما نحن جلوس عند النبي إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، هلكت . فقال : ما أهلكك ؟ أو مالك ؟ قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم . « وفي رواية » أصبت أهلي في رمضان . فقال رسول الله : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فسكت النبي ، فبينما نحن على ذلك إذ أتى النبي بعرق - وعاء - فيه تمر ، والعرق : المكتل . قال أين السائل ؟ قال : أنا . قال : خذ هذا فتصدق به قال : أعلى أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها « يريد الحرتين » أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك النبي حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك [ رواه البخاري ] .

خامساً : وهو كفارة ، « والكفارة اسم لفعل يمحو الإثم » للحنث في اليمين . والحنث : مخالفة اليمين المنعقدة .

دلـيل ذلـك :

 لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

 

 [ سورة المائدة آية 89 ]

سادساً : وهو كفارة للقتل الخطأ ، والقتل الخطأ : أن يفعل المكلف البالغ العاقل ما يُباح لهُ فعلهُ ، فيصيب آدمياً معصوماً أو ذمياً فيقتله .

دلـيل ذلـك :

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

[ سورة النساء آية 92 ]

سابعاً : إنه سبيل إلى رحمة الله ، وطريق إلى جنته .

دلـيل ذلـك :

 فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ

فَكُّ رَقَبَةٍ

أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ

يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ

أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ

 

[ سورة البلد الآيات 11 - 16 ]

وفي الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي : من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار حتى فرجه بفرجه [ رواه البخاري ومسلم والترمذي ] .

ثامناً : من أعتق نصيبه من مملوك عتق عليه كله بالسراية وسلَّم قيمته لشركائه إن كان موسراًغنيّاً .

دلـيل ذلـك :

وعن أبي هريرة عن النبي قال : من أعتق شخصاً من مملوك فعليه خلاصه كله في ماله ، فإن لم يكن له مال ، قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى العبد غير مشقوق عليه [ رواه البخاري ] . قيمة عدل : تقويماً صحيحاً .

تاسعاً : من ملك ذا رحم محرم عليه كأبيه وأخيه وعمه وخاله عتق عليه قهراً .

دلـيل ذلـك :

حديث : من ملك ذا رحم محرم فهو حر [ رواه أبو داود والترمذي ] .

عاشراً : من جرح مملوكه عتق عليه .

دلـيل ذلـك :

جاء في الحديث : أن رجلاً جدع أنف غلامه فقال : اذهب فأنت حر فقال : يا رسول الله فمولى من أنا ؟ قال : مولى الله ورسوله [ رواه الإمام أحمد ] .

حادي عشر : ندب إلى مكاتبة الرقيق على قدر مُنجَّم من المال .

دلـيل ذلـك :

 وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

 

[ سورة النور آية 33 ]

ثاني عشر : إذا وطىء حرٌ أمته فأتت منه بولد صارت أم ولد له تعتق بموته ولا يجوز بيعها .

دلـيل ذلـك :

لحديث ابن عباس يرفعه : من وطئ أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه [ رواه أحمد وابن ماجه ] .

ثالث عشر : التدبير ، وهو تعليق عتق الرقيق بموت مالكه .

دلـيل ذلـك :

وعن جابر بن عبد الله قال : « دبر رجل من الأنصار غلاماً له » ، وفي لفظ : « بلغ النبي أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره فباعه رسول الله بثمانمائة درهم ثم أرسل بثمنه إليه» [ رواه البخاري ومسلم والترمذي ] .

مصير حكم الاسترقاق اليوم

لا يزال ضرب الرق على أسرى الحرب إلى اليوم حكماً شرعياً من أحكام الإمامة ، أي أن الإمام يرى في ذلك رأيه ، بناءً على المصلحة العامة للمسلمين.

غير أنه منذ حين بعيد أُبعد هذا الحكم عن التنفيذ ؛ وذلك لعدم وجود مصلحة تدعو إلى ذلك ؛ ولأن دول العالم اتفقت فيما بينها على عدم استرقاق الأسرى ، فكان في هذا الاتفاق ما أبعد المصلحة الإسلامية عن ضرب الرق عليهم.

وأحكام السياسة الشرعية المتعلقة بأبواب الجهاد أشبه ما يكون بما يسمى بأحكام الطوارئ ، فكما يجوز لرئيس الدولة أن يعلق القانون ، ويعلن حالة الطوارئ ، ويقرر ما يشاء تحت هذا العنوان ، فكذلك يجوز لإمام المسلمين أن يمارس صلاحيات معيّنة ، وضعها الشارع تحت يده ليستفيد منها عند الضرورة واللزوم ، كحكم الرق ، وقتل الأسرى ، وقطع أشجار الكفّار وتحريق بيوتهم ، ونحو هذا مما يرى فيه مصلحة للمسلمين.

حكم إسلام الكافر قبل الأسر وآثار ذلك

ومما يجب أن يعلم أن من أسلم من الكفّار قبل الأسر ، ولو بعد الهزيمة فقد أحرز دمه من القتل ، ونفسه من الرق ، وصغاره - أولاده- من السبي والاسترقاق .

دلـيل ذلـك :

يدل ذلك على

فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

 

[ سورة التوبة آية 5 ]

فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

[ سورة التوبة آية 11 ]

ولا شك أن هذه الأخوة تستلزم المحافظة على أرواحهم وأموالهم وأولادهم ما داموا قد أسلموا قبل وقوعهم أسرى في أيدي المسلمين .

ويدل على هذا أيضاً قول النبي : أُمرت أن أُقاتلَ النَّاس حتى يَشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رَسُولُ الله ، ويُقيموا الصَّلاة ويُؤتوا الزَّكاة ، إذا فعلُوا ذلك عَصُموا منّي دمَاءهم وأموالهَم إلا بحقِّ الإسلام ، وحسابُهم على الله [ رواه البخاري ] .

حكم إسلام صغار المسترقين

يحكم بالإسلام على الصغار من الأولاد الأرقاء الذين وقعوا بالأسر بأيدي المسلمين عند وجود أحد الأسباب التالية :

أحدهما : إسلام أحد أبويهم ، فإنه يتبع أشرف أبويه في الدين ، تغليباً لجانب الإسلام ، وترجيحاً لمصلحة الصغير ، وما هو أنفع له ، فإن الإسلام صفة كمال وشرف وعلوّ .

قال عليه الصلاة والسلام : الإسلام يَعلُو ولا يُعلَى [ رواه البخاري ] .

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ

 

[ سورة الطور آية 21 ]

الثاني : أن يفقد المسترق الصغير أحد والديه ويعدمه بديار المسلمين ؛ لمفهوم حديث الرسول : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يٌهوّدانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه [ رواه مسلم ] .

وقد انقطعت تبعيته لأبويه بانقطاعه عن أحدهما وإخراجه من داره دار الكفر إلى دار الإسلام .

الثالث : أن يُسبيه مسلم منفرداً لوحده دون أحد من والديه ، فالسبي من الأطفال المنفرد الذي أَسرهُ مسلم يصير مسلماً إجماعاً ، أمّا إن سبي مع أبويه فيبقى على دينهما ؛ لحديث الرسول : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يٌهوّدانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه [ رواه مسلم ] .

الرابع : أن يوجد لقيطاً في دار الإسلام ، فيحكم بإسلامه تبعاً للمكان الذي وُجد فيه ، وتغليباً لجانب الخير بالنسبة له .

http://www.nooor.com/semanoor/Artical/Fiqh/Jehad/pages/p16alraq.htm




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات