في مقال سابق كنت قد علقت على حدثين رسمتهما الثورتين السورية و الليبية تحت عنوان " الرقعة و الجسر"، حين ظهر معمر ينازل روسيا في لعبة الملوك، يلازم ذلك أحداث جسر الشغور بسوريا.
صورة معمر و هو يلعب الشطرنج، صورة للتسويق تحمل الكثير من الدلالات، فهل خاب ظن الزعيم و انهزم يعني " كش ملك" ؟ أم مازال في الرجل رمق يصابر به و يكابد كي يتنقل بين تربيعات اللعبة يراوغ و يساوم؟ الواقع أن الرجل خسر النظام، لكنه لم يخسر الحرب و بالتالي فما ربحت المعارضة بعد النظام و لا يمكن للشعب أن يهنئ بالأمن و الاستقرار و تتحرك عجلة الدولة بمؤسساتها إن استحدثت و بعمليتها الديموقراطية الوليدة. مرحلة انتقالية ضرورية قد تستمر أشهرا، موكولة بالأساس على قدرة المجلس و الشعب على التضحية و تجنيب البلاد حربا أهلية دعواها التكالب على السلطة، معمر و بنيه خسروا كل شيء، و بالتالي فطريق الحرب الاستنزافية سبيلهم للمساومة و الخروج بشكل آمن و لما لا العودة إلى الحكم و لو بشكل تشاركي.
قد تشكل الحالة الليبية بالنسبة للناتو انتصارا و نجاحا له على خلاف الحالة الأفغانية، المرحلة القادمة ستشكل اختبارا لاستمراية هذا النجاح، خاصة و أن الحلف أكد على أنه ماض في عملياته حتى استتباب الأمن، فقط وكملاحظة ماذا لو صدقت توقعات البعض بحدوث بوادر حرب أهلية خاصة بين الإسلاميين المتشددين من الثوار و العلمانيين و الجيش الوطني للتحرير هل سيتدخل الحلف كطرف في الحرب؟
لقد نجح الناتو حين أشرك دولا عربية و اسلامية، حتى يتفادى تهمة الحرب الصليبية و الهجوم الغربي، تركيا لعبت دورا مهما في ذلك إلى جانب دول عربية أخرى، و هذا تطور قد يشجع الناتو ليلعب نفس الدور في حالات أخرى، فهل يمكن أن يتدخل الناتو في سوريا؟
على خلاف ليبيا، الغطاء الجوي الذي أحدثه الناتو في ليبيا من قصف جوي لكتائب القذافي و حصار صاحبه تقدم بري للثوار، هذا ما لا يوجد في وسوريا، المعارضة السورية ليست مسلحة، و الجيش السوري و باقي الأجهزة الأمنية في تبعية تامة للنظام، و ما شهدناه من تصاريح لضباط و جنود لا يعدو كونه إلا تسويقا إعلاميا. منذ حادثة جسر الشغور، انتقل النظام السوري من مدينة إلى أخرى، تشعبت الإحتجاجات، و ساهمت المعارضة بما تسوقه من شرائط فيديو تأليب الشارع العربي و الإسلامي اتجاهه خاصة في هذا الشهر الكريم، لا يقدر العامي المسلم على تصور مناظر الإلحاد و الكفر الصريح في كلمات " قل لا إلاه إلا بشار مثلا ......و العياذ بالله"، البطش الذي يمارسه النظام السوري سيكون جسرا للتدخل الغربي، و لعل تركيا ستلعب دورا مهما في ذلك، و هنا سيكون الناتو في الخدمة فهو يد الغرب الضاربة، فكيف سيكون تحرك الحلف إن كتب له ذلك ؟ فقط يمكن القول أن جزءا من جواب هذا السؤال يملكه معمر و بنيه من جهة و جزءا آخر يملكه بشار و الباقي في ذمة الغرب و دول الجوار.
التعليقات (0)