مواضيع اليوم

الرقص على أنغام الوعظ الديني !

تركي الأكلبي

2010-03-27 15:10:50

0

الرقص على أنغام الوعظ الديني !

تركي سليم الأكلبي

هناك من يحشو بطن أبنه بالطعام وهو لا يدري أنه يضر بصحة أبنه ، لأن النتيجة الطبيعية لرغبة الأب في حشو بطن أبنه بالطعام - بالإكراه - أما السمنة المفرطة أو النفور من الطعام فيصاب بالهزال فتضعف مناعته الذاتية فتتوالى عليه الأمراض!.

كذلك هو حال الخطاب الوعظي ( في الغالب ) .. يحشو العقول حشوا بكم هائل من الدروس الدينية المتنوعة وبكثافة تكاد تكون ضربا من ضروب الحصار فأينما تذهب تجد درسا أو حديثا دينيا بحتا ، وتجد واعظا يتخذ دور الأب المسكون بالخوف على أبنه .

إذا ، هو حشو عقلي مكثف ، يعتمد على التلقين ، ويتبع أسلوب الإلقاء الخطابي المنفعل والمتشنج أحيانا وردود الفعل وإثارة غريزة الخوف وتهويل المواقف وتضخيم الأحداث .. حتى أنه ليكاد يرسم الحياة مكان يثير الكآبة . وهو حشو عقلي مكثف يميل للتركيز على جانب الوعيد والتهديد والعقاب وكأن الواعظ وكيل مفوض لمن بيده الأمر كله على خلقه وعباده !.
وهو حشو عقلي يتسم بالفوقية وإظهار ذات الواعظ كما لو كان من الفرقة الناجية ومهمته دعوة المتلقي ليكون خير الخطاؤن .!

والنتيجة ( في الغالب ) أما متماشية مع الأسلوب الوعظي الانفعالي ، التشاؤمي ، الفوقي ، والانغلاقي . وأما عكسية بمستويين أحدهما يشكل امتداد للآخر :

نماذج متناقضة من النتائج :-

بالرغم أن ظاهرة التدين أو الالتزام الديني ظاهرة إيجابية بلا شك إلا أنها ليست بالضرورة ظاهرة صحية لكونها نتيجة لأساليب تديينية غير علمية ومغالية في التنفير من كل ما لا يتفق مع رأي الواعظ الذي يعتبره حكما قطعيا معتمدا على تأصيل المتغيّر في المسائل الفقهية الخلافية ، ومن المعروف علميا أنه لا يستجيب للرسائل الاتصالية ومنها الوعظ ذو الأحكام القطعية المسبقة إلا ذوي السمات الشخصية المسايرة وهم الذين يحتاجون لرضا النسق الاجتماعي المسيطر . ومن هذه النماذج :

شاب مغال في التدين حد كره الحياة وكره الآخرين ممن لا يماثلونه في سلوكه المتحفظ ومظهره التديُّني ، وهناك من لا يطمئن قلبه لأي شيء مهما كان حكمه جليا حتى لعامة الناس حتى يسأل شيخه – وليس أي شيخ – عن حكمه الشرعي!.
وفتاة مرتبكة وكارهة لكل الشباب غير المتدين . وكثيرا ما تسمع امرأة أو فتاة تقول لشيخها : " أحبك في الله يا شيخ " بل أن بعضهن لا تخفي رغبتها في الزواج من الشيخ حتى ولو عن طريق المسيار وكل ذلك عبر الأثير وعلى مسمع من الملأ .!


وفي المقابل وعلى الرغم من هذا ( الزخ ) الوعظي المكثف والمشبع بعبارات التهديد والوعيد هناك نتائج عكسية تزداد بتناسب عكسي مع كثافة الوعظ وأساليبه غير العلمية . ومنها هذه النماذج :-
- شاب يستمع كل يوم بإنصات للشيخ وهو يحدث بأسلوب فيه مبالغة في الترهيب عن حياة ومصير غير المصلين ، فإذا سمع المؤذن ينطلق من المسجد المجاور لمنزله ارتدى ملابسه المفضلة لديه ! وذهب بكل برود
ولا مبالاة لممارسة هوايته اليومية المفضلة .. التسكع في الأسواق !
وفتاة تبث مشاعرها عبر الأثير أيضا وعلى مسمع من الملأ ، ثم لا تتحرج عن البوح بحبها لمغنيها المفضل حد الموت !!

ومن النتائج العكسية كذلك : ظاهرة هروب الفتيات ، والشذوذ الجنسي بين الطالبات ، والرقص " البنّاتي " لبعض الشباب ، وما ترصده هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مخالفات أخلاقية وصلت في العام 2008 وفقا لإحصائيات الهيئة إلى 300 ألف مخالفة !.


وكذلك من أهم المعلومات التي وردت في الكتاب الإحصائي لعام 2008 والذي تصدره وزارة العدل في كل سنة والمتعلقة بالقضايا الجنائية تلك المعلومات والأرقام الإحصائية التي تشير إلى تزايد نسبة الجريمة من ( 18845 ) في الرياض والمكرمة لعام 1427 إلى ( 24782 ) لعام 1428 . بزيادة قدرها 25 % تقريبا . وفي القصيم من ( 804 ) إلى ( 1202 ) . بزيادة قدرها 49 % . وفي جازان من (899 ) إلى ( 1328) بزيادة قدرها 47 % . وف الجوف من ( 832 ) إلى (1156) بزيادة قدرها 38 % ..

 

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : أين تأثير الوعظ التدييني من
كل هذا ؟! ألم تكن نتائج الخطاب الوعظي هذه نتائج موازية
لثمرة الصحوة كما يقال والمسماة بـ " الشباب المتحمس " ؟!!

تساؤلات أخرى اعتقد وقوفها على جانب كبير من الأهمية :-

تبصير الناس بأمور دينهم وأحكام شريعتهم أمر مهم ومطلب حقيقي دون شك . وجهود الوعاظ والفقهاء والعلماء الشرعيون جهودا مشكورة وتقوم بدور اجتماعي وديني أساسي في حياة الناس ولكن :
لماذا التركيز المكثف على الوعظ الديني فقط – في الغالب – وبأساليب تدفع إلى الاغتراب والاعتماد على العواطف ؟.
ولماذا التركز في الجانب الفكري على جدل " المذاهبية " والمخالفية " وحشو ذهن المتلقي بكل ما يغذي مشاعره السلبية تجاه الآخر المخالف ؟ .
ولماذا الابتعاد وإغفال الجوانب التي تشكل بنى أساسية حقيقية لتقدم الوطن وتؤثر سلبا أو إيجابا في حياة المواطن بعامة وعلاقته بوطنه وتهم فئة الشباب بشكل خاص مثل الصحة والتعليم والعمل والبطالة والأنظمة والاحتكار والغلاء والإسكان والانفجار السكاني والفقر والكوارث المستمرة مثل حوادث الطرق والحقوق التي تقوم على مبدأ الترجي والاستعطاف والتذلل وأشياء أخرى أكبر من ذلك ؟.
ولماذا لا ويوظف الدين للاستثمار في العقل بأساليب علمية ؟
ولماذا ( تأميم ) المتلقي ومخاطبته بـ " يا أخي المسلم " وكأنه ليس مواطن يعيش في دولة قائمة هي المملكة العربية السعودية ؟.
ولماذا تصدير وتغييب الوعي إلى خارج واقعه المعاش ومحاصرة العقل في عصور سلفنا الصالح رحمهم الله بينما يعيش جسده في الألفية الثالثة بكل معطياتها ؟..
باختصار .. لماذا كل هذا ؟! .
Turki2@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !