يعتمد نجاح وتقدم أي بلد على مدى تطور مؤسساته الأمنية بصورة خاصة وربما البعض يعترض على هذا المفهوم خوفا من أن يؤدي ذلك إلى عسكرة المجتمع ولكنا هنا لانقصد بإعطاء الأولية المطلقة للأمن وإهمال باقي مؤسسات الدولة بل يجب أن تكون هناك عناية واهتمام خاص بمؤسسات الأمن لما لذلك من أهمية في استقرر الأوضاع وعلى كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
فلو أجرينا مقارنة بسيطة بين دول العامل الثالث والدول المتقدمة لوجدنا أن الأخيرة أكثر استقرارا امنيا مع المحافظة على حقوق الإنسان فيها لدرجة كبيرة ، وكل هذا يعود إلى مدى الاهتمام والتطور الذي توليه هذه الدول لمنظوماتها الأمنية .
ولايخفى على الجميع بان عمل الأجهزة الأمنية بصورة عامة قد يصاحبه بعض الخروقات وربما تجاوزات على القانون وخصوصا في العراق , فبسبب الحالة الأمنية غير المستقرة سوف تحدث هناك بعض الأخطاء أثناء تنفيذ الواجبات مثل المداهمات العشوائية وأوامر الضبط والإحضار غير المكتملة وإلقاء القبض على أشخاص لمجرد الشبه وعدم مراعاة حقوق الإنسان وبالتالي علينا أن نسيطر على هذه الخروقات بشكل عملي أكثر وان نحمي أجهزتنا الأمنية من الأخطاء الغير مقصودة وربما ننقذهم في لحظة من أن يتحولوا إلى قوة فوق القانون وليس كما يحصل في الوقت الحاضر فإذا ما حدث هناك أي خرق من قبل احد الأجهزة الأمنية سوف نرى تصاعد الهجمات والتصريحات من كل الأطراف بل وحتى من جهات وأشخاص بعيدين كل البعد عن مجال الأمن آو السياسة وقد يطلب البعض منهم إلغائها آو إقالة مسؤوليها ومحاكمتهم .
إن الاهتمام والرعاية التي تبديها الدولة لمؤسساتها الأمنية حالة صحية وجيدة بشرط أن يكون هناك بالمقابل تطوير لأجهزة الرقابة على هذه المؤسسات ووضع آليات محكمة للرقابة وتحديد المسؤولية السياسية والجنائية في كل التجاوزات أو الانتهاكات الصادرة عن تلك الأجهزة , ولنأخذ نموذجاً لأحد أجهزة الأمن الغربية وهو جهاز الأمن الدانماركي وبكافة مؤسساته ( مكافحة الإرهاب , مكافحة التجسس , الأمن العام ) حيث تتم علمية مراقبة عمل الجهاز من قبل عدة جهات وبإشكال مختلفة بالإضافة إلى أن الجهاز لديه رقابه ذاتية على سير أعماله وكل هذه الأمور الغاية منها ضمان تنفيذ الإعمال من قبل الجهاز وفق القواعد القانونية .
من أهم وسائل الرقابة على جهاز الأمن الدانماركي هي :
1. رقابة المرجع الرئيسي : لكون الجهاز المذكور مرتبط بوزارة العدل لهذا يكون الوزير هو المرجع الرئيسي له فيقوم ونيابة عن رئيس الدولة أو الحكومة بالتفتيش عن الجهاز وإصدار الأوامر والتعليمات ويجب أن يكون الوزير محيطا بسير عمل الجهاز أولا باولا علما أن الأجهزة الأمنية في العراق تختلف في مرجعياتها مما يولد حالة من الإرباك في العمل وعدم تنفيذ الأوامر بشكل مركزي
2. الرقابة البرلمانية : هناك لجنة خاصة في البرلمان الدانماركي وظيفتها مراقبة عمل مؤسسات جهاز الأمن الدانماركي ومراجعة سياساته الأمنية وهي لجنة مشكلة من 5 أعضاء من الأحزاب الرئيسية في البرلمان ومهمتها متابعة الخطوط العريضة لعمل الجهاز والأحداث الضخمة المرتبطة بالوضع لأمنى , أما في البرلمان العراقي فهناك لجنة الأمن والدفاع وهي المسؤولة عن متابعة أجهزة الأمن رغم عدم وضوح عملها بشكل دقيق .
3. الرقابة القضائية : من اجل أتمام عمل جهاز الأمن الدانماركي بشكل جيد ، فهو يقوم باللجوء إلى القضاء لإصدار أوامر ومذكرات القبض , المداهمة , البحث والتحري , التنصت الهاتفي , لهذا تكون الرقابة القضائية مصاحبة لكل مجريات عمل الجهاز .
4. لجنة خاصة : وهي لجنة خاصة تسمى لجنة " وامبرج " وتكون مسئولة عن تداول ونقل معلومات شخصية عن أفراد آو تنظيمات موجودة لدى الجهاز في حالة رغبة مؤسسات أخرى حكومية آو غير حكومية باستخدامها لقضايا تخص الأمن .
5. الرقابة المالية : تخضع حسابات الجهاز للرقابة من قبل دائرة تسمى " مراجعي حسابات الدولة " للتأكد من صحة وسلامة تطبيق الأوامر المالية فيما يخص مصروفات الجهاز وكل التبعات المالية الأخرى .
أذن يجب أن لا تغيب الرقابة وبكافة أشكالها، البرلمانية والقضائية والمالية، عن مؤسسات الدولة عموما والأمنية محور المقال خصوصا شريطة أن لا تكون هذه الرقابة مبنية على معايير سياسية وأجندات حزبية يمكن لها أن تقوم بابتزاز ومساومة هذه الأجهزة وقياداتها من اجل مصالحها الخاصة البعيدة كل البعد عن مهنية العمل الأمني والاستخباري وجهودهما المضنية في مكافحة الإرهاب .
التعليقات (0)