الرغيف المقدس(2) حرر في صحيفة تهامة الالكترونية في 22/ 8/ 1432هـ
كما يتضح للقارئ الكريم ,فقد كان الجزء الأول عبارة عن نظرة تاريخية تحمل الكثير من التساؤلات عن سبب الاهتمام الكبير برغيف الذرة والذي توارثته الأجيال جيل بعد آخر حتى وقتنا الحاضر ,وهل أن هذا الحرص وبالرغم من وفرة الذرة قديماً وفي فترة الستة أجيال الماضية ربما ينبئ بمجاعة قادمة!! هذا ما سأجتهد للإجابة علية اليوم وهو اجتهاد المقصر.
ففي عودة للواقع..ربما يتفق معي الجميع بأن الخمس سنوات الماضية هي أسوأ خمس سنين مرت على حقول الذرة وعلى زراعتها في سهل تهامة عامة, والسبب.. في الحقيقة هي أسباب.. ندرة العمالة, تحول الكثير من الأراضي من زراعية إلى سكنية, عزوف أهل "البلاد" عن الزراعة.. ولاكن هناك سبب أهم سبب تندرج تحته الحياة (الماء) أين الماء ؟ أين السيول ؟ فبالرغم من قسوة مناخ ديارنا وشح الأمطار فيها إلا أن أوديتنا لم تبخل يوماً بالماء الذي طالما كان سبب بقائنا ومصدرنا الأوحد للزراعة وكذلك أجدادنا , ولاكن ماذا أصاب أوديتنا؟
كلكم تعلمون ... إنها "السدود" سد في عتود وسد في مربه وآخر عملاق في بيش ..وجيزان وسدود لايعلم مواقعها الإ من أنشئها ومن أمر بإنشائها وكلكم تعلمون أيضا إن تلك السدود لم يكن الهدف من إنشائها حماية لأرواح ساكني تهامة ولا لتكون مخزونهم الاستراتيجي الذي يساعدهم على ديمومة زراعتهم ..فالهدف اكبر..
(حل أزمة المياه في عسير) ولكي يتمكنوا من غسل سياراتهم ويرو حدائقهم ويحركوا شلالاتهم الاصطناعية ويملئوا سدودهم الضحلة دعماً للسياحة الداخلية .
ألا يكفيهم بأن كل مشاريع تحليت المياه التي كلفة الدولة عشرات المليارات هي لعسير ولا يعدو نصيبنا منها سوى قطرات يستولون عليها أيضاً عندما يجتاحون أراضينا في فصل الشتاء, هل السياحة وغسل السيارات أهم من التصحر الذي تعانيه أراضينا وتندثر على إثره زراعة آبائنا وأجدادنا ! أوليس المسؤل عن حل أزمة المياه في عسير هو مسؤل أيضا بشكل أو بآخر عن ارتفاع أسعار المواشي الحاد الذي طرأ في المنطقة الجنوبية وفي المملكة بشكل عام ! فحين شيدت السدود قلت بل انعدمت زراعة الذرة وكذلك الأراضي الصالحة للرعي وأصبح "محزم" القصب بسبعة ريالات بعد أن كان بريال واحد فقط بارتفاع قدرة 700% مترافقاً مع عدم مقدرة وزارة التجارة في السيطرة على تلاعب المستثمرين الرأس ماليين الجشعين بأسعار الأعلاف المستوردة.
ليست الذرة مشكلتنا المباشرة اليوم مع التنوع الغذائي الحاصل في حياة الشعوب ولاكن لكل شعب ثقافته الغذائية ولابد أن تسقط السلسلة بسقوط إحدى حلقاتها, فلو شحت مياه السيول بهذا القدر قبل عشرين عام لمات الكثيرين جوعاً, إن الذرة التي كانت أساس حياتنا وقوت أجدادنا الوحيد مازالت بنفس الأهمية فهي الترمومتر والمؤشر الحقيقي الذي يجب أن نقيس به أسباب رخائنا وأزماتنا.. ودمتم
التعليقات (0)