قرون وقرون بعمر الأبد..والنبي محمد"صلى الله عليه وآله وسلم" يشارك الناس الحياة اليومية المعاشة من ايامهم.. يعاصر الزمن ويتسيد السنين ويبقى الناس يرددون اسمه كل يوم ذاكرين حامدين شاكرين النبي الذي منحهم الشعور بالحرية..
حيوات واجيال وامم كاملة تمر والرسول الاكرم جزء كامل محسوس من حياة الفرد المسلم.. يلهج بذكره وينطق اسمه مرات ومرات في كل غدو وعشية..يصبح المسلمون على اسمه ويمسون عليه..ويحتفلون كل عام بمولده ومعراجه وهجرته وحروبه وغزواته..ويصلون ويسلمون عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا..ولاءً ووفاءً وعرفاناً لمن حرر الناس من ادران الجهل والتخلف والارتهان..
قرون وقرون وما زالت صدى الرسالة التي جاء بها النبي الامي تتردد في ارجاء الكون هاتفة بالنداء الذي اعتق الانسان من الاغلال التي تبعده عن الحق ..معلية كلمة الحرية التي كسرت القيود التي كانت تكبل عقله وتفكيره وصفاء نفسه وتمنعه من الانطلاق بحرية في الحياة من أجل تأمين سعادته واستقلاله وكرامته وحقه في الحياة..
تلك الحرية التي كانت الشرط الاول للايمان بالله الواحد الاحد..الرحمن الرحيم الذي خلقنا احرارا..وارسل رسوله ليرفع عنا نير العبودية والخوف والخرافة وعبادة الطاغوت..تلك الحرية التي سبق بها الاسلام جميع الشرائع والمواثيق التي تنادي بالعدل والمساواة واحترام حقوق الانسان..
لقد جاءنا الرسول الكريم بمبدأ المساواة التامة بين افراد المجتمع الانساني على اختلاف انتماءاتهم العرقية والطبقية..وما بين الذكر والانثى وهو يتلو قوله سبحانه وتعالى(يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)
كما علمنا حرية الاعتقاد والرآي , بنقله رسالة سبحانه وتعالى (لاأكراه في الدين) وقوله تعالى (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
واعلى مبدأ اولية العدالة بالصدع بقوله تعالى (واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل)
وكذلك دعا الى حق الناس في المشاركة في الادارة السياسية وتسيير شؤون الحكم مناديا بقوله تعالى (وامرهم شورى بينهم)
لقد انتصر الرسول للإنسان الحر..ودافع عن حق المرأة التي كانت تعد كالسقط وتوأد وتسود وجوه من يبشر بها.. كما انتصر للعبيد والأرقاء.. وانتصر للمظلومين وكان لهم نوراً اهتدى به وقوي به المستضعفون.. وعزز الرسول الإنسان بسيرته وسلوكياته مكارم الأخلاق بالحث على الصدق والبر والإحسان، والعفو، والكرم، والصبر، والزهد..ليكون المجتمع المدني الذي شيده بالمدينة المنورة أساسا مكينا للطهر الإنساني في اسمى صوره واكثرها مثالية..
وكان الرسول الكريم سباقاً إلى تثبيت دعائم الحرية الدينية، فقد كان كفاحه المرير في بواكير بعثته بمكة المكرمة..من اجل الدعوة الى حرية الفرد في خياراته الدينية..وكان نضاله من اجل انتزاع حرية العقيدة.. وعندما هاجر المسلمون إلى المدينةالمنورة..كان اول ما اهتم باقراره هي وثيقة المدينة التي أسست لمبدأ المواطنة واحترام الحريات الدينية..
إن المسلمين معنيون الآن قبل غيرهم بإبراز الصورة الإنسانية الشاملة للإسلام كما جاء بها النبي الاكرم.. وكما ناضل وجاهد وجالد من اجلها.. وليس كما يريدنا الطاغوت ان نتعبد.. والتأسي به - عليه الصلاة والسلام - يبدأ من خلال التزام القيم الكبرى التي جاء بها الإسلام..قيم الحرية والعدالة والشورى والمساواة والتكافل الاجتماعي. والتأكيد على اولية المشترك الإنساني الاشمل الذي تجلى بسنة وممارسات وسيرة النبي الكريم..
يتوجب علينا كمسلمين أن نكون الانعكاس الذي يقدم تلك السيرة العطرة كنموذج إنساني للعالم قاطبة..فان القيم التي تعلي من حقوق الانسان وإن كانت قد ازدهرت وأثمرت خارج حدود واسهام العالم الاسلامي، فإن جذورها تمتد إلى البقاع الطاهرة التي احتضنت محمداً قبل اربعة عشر قرناًً.محمد الذي مكنه الله من الارض ولكنا نراه يقول لامرأة كانت ترتجف بين يديه هيبةً ووجلاً..هوني عليك إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة.
صلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحبه المنتجبين وسلم..
التعليقات (0)