قبل البدء الفعلي لعملية غزو العراق قال الرئيس جورج بوش في لقاء مع مسؤولين فلسطينيين "ان الله امرني باحتلال العراق" اعتقدنا ان الوحي الالهي الذي اصاب نيرون بغداد مجرد سحابة صيف عابرة لكن خطاب اوباما بالامس بعد اكثر من اسبوع من الحملة العسكرية الامريكية على ليبيا ادركنا ان لا فرق بين رئيس امريكي اسود او ابيض او متعدد الالوان فأمريكا كلها بألوانها و اجناسها و طبقاتها تتصل بالسماء لأخذ الاوامر و التعليمات.
خطاب الامس لبراك اوباما لا يخرج عن خانة الغطرسة و الجبروت الامريكي في الدفاع عن الانسانية و الحرية و التي نعرف سلفا نتائجها اذ لا تخلف وراءها الا الدمار و الخراب و الثكالى و الأيتام، و ما بين خطاب جامعة القاهرة و خطاب الامس بات جليا مضامين مد الجسور و التواصل و مبدأ الاحترام الذي حملته نظرة الرجل الاسود الجالس في البيت الابيض للعالم العربي و الاسلامي و ما على الاقلام التي اصابتها انفلونزا الديمقراطية الامريكية بعد وصول ابن كينيا الى السلطة الا ان تقدم اعتذاراتها الى كل الحالمين بالسلام و الاستقرار.
ما لفتني في الرسالة الالهية الاخيرة التي تلاها اوباما هي الاصرار الفج لأمريكا على مصادرة حق الشعوب في التعبير عمن يمثل ارادتها و يحقق طموحاتها فمن يسير من حكامنا في ركاب الاجندة الامريكية تناله كل اشكال الرضى و القبول و لو كان من اعتى المجرمين و اكبر المستبدين اما من رفض تقبيل يد البيت الابيض يصبح مطلوبا و مطاردا في الفيافي و الوديان و الجبال و خارجا عن القانون بتهمة الابادة و المجازر الانسانية التي يعرف لويس مورينو اوكامبو مدعي محكمة الجنايات الدولية كيف يستخرجها من درج مكتبه في لاهاي.
لا ننكر كوننا كشعوب عربية عاشت طويلا تحت التسلط و القمع و التنكيل اننا مصابون بعقدة استكهولم النفسية فمع توالي سنوات الاضطهاد و الكبت السياسي استطعنا خلق آليات نفسية للتعايش مع حكامنا و التي سمحت بان نبدي حبنا و اعجابنا بجلادينا كلما تعرضوا للتهديد فكثيرا ما اختلفنا مع صدام حسين و ياسر عرفات في الكثير من السياسات و القرارات لكننا عبرنا عن احترامنا و تقديرنا الكبيرين لهذين الرجلين بمجرد انهما وقفا ندا ضد التغطرس الامريكي و الصلف الاسرائيلي، اليوم تعيد الهمجية الامريكية نفس الخطأ فمن كان لا يطيق سماع اسم معمر القذافي اصبح اليوم من مريديه و عشاقه يسارع الى اعلان استعداده لتقديم الدماء و الانفس حتى انني سمعت اجمل عبارة منذ سنوات خلت حين صرح احد ليبيين " لا اريد الحياة بل اريد لمعمر الحياة "، و هو نفس الاستعداد الذي نلمحه كذلك في عيون مئات الالاف من اليمنيين كلما ظهر الرئيس علي عبد الله صالح على منبر الخطابة.
ان الفرق بين زعماءنا و زعماء العالم المتحضر اننا نرى معظمهم رغم ديكتاتوريتهم يؤدي الصلاة و يرفع اكفه للسماء تضرعا و خيفة اما المتحضرون فنجد احدهم يكلمه الله و اخر يرتمي في احضان الصغيرات و اخر ابله لا يفقه في السياسة الا السهرات المخملية و اخر يتخلى عن اسرته الصغيرة و يعقد الزيجات الجديدة بدعوى المنصب الجديد و النيولوك الجديد.
الاكيد ان عالما بلا امريكا سيكون افضل استقرارا و تعايشا على الاقل ستتوقف ترهات الرسالة الالهية التي يحملها ساكنو البيت الاسود
التعليقات (0)