مواضيع اليوم

الرد على عبد العراقي

عبدالأمير جاووش

2009-12-05 16:12:10

0

الى ابن العراق الغيور

اخي في العروبة والاسلام ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد ...

يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم ... عفى الله عنها , ان ما تقرأه على الورق من التغيرات السياسية وما يرافقها لا يشبة ما يجري على ارض الواقع . فأذا انكرت ما جرى من واقعة الدار , فأن هجوم المشركين على بيت النبي ليلة الهجرة لا يعني ضعفا من رسول الله ( ص) وهو خير من علي . على كل حال نحن لا نطرح المشكلة من ناحية دينية بحته , وانما نتعرض لها من حيث الدراسة العلمية فقط , وبعيدا عن العواطف الساذجة , وانما ندرس الوقائع لأجل ان نصحح الحاضر والمستقبل ومن الواضح انك لم تطلع على خطبة الزهراء ( الخطبة الفدكية ) , ثم لم تستوعب مضمون البحث لذلك اقحمت الاسئلة دونما ربط بينهما واذا تجردنا من الثقافة الموروثة والاحكام المسبقة , يهمني بدأ ان انبه الى امور هي :

1- من الصعب في موضوع التاريخ البحث عن الحقائق الثابته , لأن الرواة هم بشر , والاصعب هو الربط بين الاحداث المفردة والوقائع المتلاحقة وحركتها المستمرة .
2- ان تفسير التاريخ يختلف بحسب المجتمعات , بما تملكه من ادوات التحليل العلمي , فيعتمد على درجة تطورها . لذا فأن صياغة وقائع الماضي تكون من خلال منظار الحاضر , وفي ضوء مشاكله لذلك تختلف قيم تلك الوقائع – زمنيا – من خلال تفهم اهميتها الايجابية وتأثيرها في الاحداث اللاحقة .
3- يكون للكاتب – المؤلف – تأثير كبير في صياغة الحقائق واظهارها وعرضها على المجتمع , من خلال موقف المؤلف وثقافته الخاصة والبيئة التي يعيش فيها .
4- بالنسبة للباحث يجب توفر الدقة من خلال منهج البحث وعدم الحيزة فيبدأ دراسته دون ان يكون له رأي مسبق , فهو يبدأ دراسته لا ليبرهن على شيء , بل ليكشف عن شيء , أي يجب ان يسعى الة جوهر الحقيقة أو يقترب اكثر من الواقع .
5- في المواضيع الاسلامية يجب اعطاء الاهمية الكافية للقواعد الفكرية الاساس التي يرتكز عليها بناء العقيدة ( وهو مبدأ التوحيد ) والابتعاد عن طريقه حشد المعلومات في عقل المتلقي بطريقة التلقين .
6- بالنسبة لنا نحن نطمح ان نتعلم كيفية التفكير , وليس وراثة الافكار التي تدور حولها المعتقد الجامد لتحصيل الاعتقاد به .
7- مع تقديري لك انا لا اسعى لتغيير قناعة احد , عن الصادق ( ع ) : لا تدعو الى امركم هذا احدا , فأنهم اسرع اليه من الفراش الى السراج ) والله يهدي لنوره من يشاء .
8- ان موقفي من الخلفاء الراشدين وهو كما عبر عنه الامام الحسين (ع) يوم عاشوراء , حين سأل عن رأيه في عثمان , قال : تلك امه قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ولا تسألون عما كانو يعملون
9- في عصر مابعد الراشدين كانت الدكتاتورية تفرض الطاعة العمياء للعقيدة وللزعيم كعناصر اساسية لاستمرار الحرب التي تشنها على الغير , لذا كان ازلام النظام رجال متعصبون يعملون على تحطيم المغلوب بالعنف , بالاضافة الى منع وسائل التخاطب الجماعي بين افراد العقيدة المغلوبة حتى يضمحل الايمان بها , أي ان تنظيم الحرب كان ضد العقول وليس الابدان العدوة فقط .
10- ما ارجوه ... هو عدم التعامي عن الحقائق التي رواها المسلمون كافة كأختلاف الصحابة مثل قول عمر ( رض ) في ابن مسعود (رض) ( كنيف ملء علما ) وكيف وطأه عثمان بقدمه حتى فتق , ومن هم الذين تسوروا على عثمان وقتلوه استنادا الى لقول ( اقتلوا نعثلا قد كفر ) ثم دفنه ليلا في مقبرة اليهود , وغير ذلك كثير .

الشورى والنظام القبلي :

ملخص عن ( د. محمد , فاضل زكي 1970 . الفكر السياسي العربي الاسلامي بين ماضيه وحاظره ط1 دار الطبع والنشر الاهلية – بغداد )

ان دار السقيفة التي اجتمع فيها اهل الحل والعقد , والذين توصلوا الى نظرية الخلافة , لم يكونوا قد توصلوا اليها بمحض ابداعهم الكلي , وانما الابعد منه , اسلوب الحياة السياسي الذي تكون لدى العرب عبر زمن طويل . ص166

ان الطابع الغالب على الرياسة عند العرب هو الابتعاد كل البعد عن مفهوم الرياسة التي تقوم بالوراثة , والتأكيد على ان تكون الرياسة اتية من رضى الناس , بمعنى اخر اتية عن اختيار الناس للرئيس .ص70

يكون مجيء الرئيس بالانتخاب ( ص 113) على ان هذا الاختيار أو الانتخاب لا يكون مطلقا , وان هناك اشتراطات فرضها دستور القبيلة ( قانون التقاليد ص68 )

وتأتي في مقدمه هذه الاشتراطات مركز ذلك الفرد الاجتماعي بحيث تتمثل فيه قناعة القبيلة بأن هذ الفرد هو اجدرهم لياقة لتولي اعباء ادارة شؤون القبيلة بمعاونه مجلسها ..ومما يعمل على تحقيق هذا النوع من الاحترام عند افراد القبيلة هو ان يكون اكبرهم سنا (ص113)

واعضاء مجلس القبيلة لا يأتون كيفما اتفق , وانما هم اولئك الاشخاص البارزون في القبيلة (ص116) وعضوية المجلس كانت محصورة بكبراء القوم وكفوئيهم ممن اشتهروا برجاحة العقل وبعد النظر ( ص117)
ولا يستطيع ( الشيخ ) اصدار أي قرار بمفرده , وانما عليه ان يحظى بتأييد الاكثرية الساحقة في مجلس قبيلته . فالقرار – بعبارة اخرى – هو قرار مجلس القبيلة ( ص 116)

ان سلطة العرب عند الاقدمين كان يمارسها رئيس القبيلة ويشترك فيها معه مجلس القبيلة أو الاقليم . وكانت السلطة تنفذ قراراتها عن طريق ما يستقر في اذهان الاغلبية .. ولا دخل للسلطة بالمسائل الدينية . اذ ان الدين من شأن أولئك المكرسين حياتهم لشؤون الدين . وقد ظلت هذه الحدود مؤكدا عليها فيما بعد في المسائل الشرعية .

وهكذا نلاحظ ان لهذه الامور جذورا في المجتمع العربي القديم . ومع ان بعض المفكرين العرب والمسلمين بعد الرسالة كانوا يريدون من الخليفة ان يكون متفقها في شؤؤون الاسلام , الا انهم لم يكونوا ليريدوا من كل هذا الا سعة الاطلاع والاجتهاد ص71

لذا قال عمر (رض) (كانت فلته وقى الله المسلمين شرها ) وحين اوصى اليه ابو بكر (رض ) بالخلافة لم يعترض احد بأصل شرعي وهو الشورى .

الاتجاه العروبي والعصبية القبلية

روي عن الخليفة الثاني ( العرب مادة الاسلام واذا ذل العرب ذل الاسلام ) فكان يقدم العرب على الموالي , ويقدم العدنانيين على القحطانيين لأن النبوة فيهم , ثم يقدم مضر على ربيعة , ويقدم قريشا على غيرها , ثم يفضل بني هاشم على بني امية , ثم يرتب بني هاشم بدرجة قرابتهم للرسول (ص) ( انظر الماوردي , الاحكام السلطانية )

لقد كان العرب ايام الجاهلية يشعرون الى حد ما بالعصبية العربيه وكانوا على الرغم من تأخرهم في الاخذ بأسباب المدنية يغالون في تقدير انفسهم ويحتقرون الاجناس الاخرى ص10

ثم كانت النتيجة الحتمية لتساهل عثمان وضعف قضبته على الحكم وعصبيته لأقاربه ان استيقضت العصبية القديمة . ص 25

وكان علي بن ابي طالب يؤمن برأي ابي بكر في العطاء وهو التسوية ( وهو ما امر به الني ص – الباحث ) ولكن المجتمع العربي كان قد تسمم منذ جاء عهد عثمان بالأثرة والانانية ... ولذا تعرض علي بن ابي طالب لسخط الكثير من العرب ص 26

ثم ان موجة شديدة من العصبية القبلية قد غمرت المجتمع في عهد بني امية فتحكمت في سياستهم وتطاولت على ولاتهم وخلفائهم حتى كانت هي التي تقيم وتقعد وتنقض وتبرم وتوجه دفة الامور الى الاغراض والاهواء كلما اختلفت الاعاصير والانواء ص32

كذلك في العصر العباسي كانو ايضا يشعرون بالعصبية العربية شعورا لاريب فيه ص46 ( النجار , محمد الطيب 1949, الموالي في العصر الاموي , ط1 دار النيل للطباعة )

حتى ذاب الموالي في القبائل قال ابن خلدون في المقدمة ( كان موالي كل قبيلة ينتسبون اليها ويحاربون في صفوفها ) وهذا ما تفرضه القسوة المفرطة مثلا ( في خلافة عبد الملك خرج محمد بن مروان عامله على الموصل فغزا ارمينية وحرق الكنائس بمن فيها اليعقوبي ج 3 )

وانصرف الكثير من الموالي الى الصناعة والزراعة والعلم فكان منهم سليمان بن يسار ونافع وربيعة الرأي ومجاهد بن جبر وعكرمة وعطاء بن ابي رياح وسعيد بن جبير والحسن البصري ومحمد بن سيرين ومكحول بن عبد الله ويزيد بن حبيب وكثيرين غيرهم .

وفي العقد الفريد لأبن عبد ربه : ان الموالي ظلوا محرومين من بعض المناصب الكبرى التي تحتاج الى شرف العصبية كالقضاء , ولما اراد عمر بن عبد العزيز ان يولي مكحولا القضاء , قال مكحول : لا يقضي بين الناس الا ذو شرف في قومه وانا مولى .

وذكر الطيب النجار ماروي انه لمل مات سوار قاضي البصرة . دعا ابو جعفر المنصور ابا حنيفة فقال له : ان سوارا قد مات وانه لا بد لهذا المصر من قاض فأقبل القضاء فقد وليتك قضاء البصرة . فقال ابو حنيفة : والله الذي لا اله الا هو اني لا اصلح للقضاء , ووالله يا امير المؤمنين لئن كنت صادقا فما يسعك ان تستقضي رجلا لا يصلح للقضاء , ولئن كنت كاذبا فما يسعك ان تستقضي رجلا كاذبا وانه لا يصلح للقضاء الا رجلا من العرب وقد اصبحت مخالفا لك .

ثم تشبه الخلفاء الامويون بأباطرة الروم في الظهور بمظهر الابهه في حياتهم الخاصة وتميزت الملابس في دمشق في العهد الاموي بالطراز الذ اخذوه من الروم فكانوا ينقشون اسماءهم او علامات تميزهم على اثوابهم بخيوط من الذهب .

وفي الحفلات العامة كان الخليفة يجلس في صدر قاعة الاستقبال وعلى يمينه امراء البيت الاموي , وعلى يساره كبار رجال الدولة ورجال القصر , ويقف من يريد التشرف بمقابلته من رسل الملوك واصحاب الحاجات وغيرهم .
وكان معاوية يستصفي اموال الناس ويأخذها لنفسه واستصفى معاوية لنفسه كل ماكان لكسرى وال كسرى من الضياع , وصادر الخلفاء اموال عمالهم التي يجمعونها بطرق غير مشروعة فكان بيتان للمال احدهما يعرف ببيت المال العام وثانيهما بيت مال الخاصة وهو خزانة الخليفة . ( اليعقوبي )

وخالف بنو امية قواعد الفيء , فأستأثروا بالفيء وحرموا بني هاشم وزعموا انهم ذوو القربى لقرابتهم من الخليفة الاموي ( المقريزي : النزاع والتخاصم ) .

كتب يوسف بن عمر الثقفي والي العراق الى هشام بن عبد الملك ( ان اهل هذا البيت من بني هاشم قد كانوا هلكوا جوعا حتى كانت همه احدهم قوت عياله , فلما ولي خالد العراق اعطاهم الاموال فقووا بها حتى تاقت انفسهم الى طلب الخلافة ) الطبري ج8

وكتب هشام الى يوسف ( واما بعد فقد علمت بحال اهل الكوفة في حبهم اهل هذا البيت , ووصفهم اياهم في غير مواضعهم لأنهم افترضوا على انفسهم طاعتهم ووظفوا عليها شرائع دينهم ونحلوهم على ماهو كائن حتى حملوهم من تفريق الجماعة على حال استخفوهم فيها الى الخروج ) الطبري ج 8

وقال الدينوري في الاخبار الطوال ( تولى يوسف بن عمر حكم العراق في خلافة هشام فتعصب للعرب واضطهد الموالي وتتبع الشيعة في كل مكان )

قال الفاسي في كتابه الفكر السامي ( في صحيح مسلم في الزكاة قال معاوية : اياكم واحاديث الا حديثا كان في عهد عمر فأن عمر كان يخيف الناس في الله عز وجل . الحديث , قال محمد ابن سيرين : لم يكونوا يسألون عن الاسناد فلما وقعت الفتنة ( مقتل عثمان ) قالوا سموا لنا رجالكم فينظر الى اهل الناس فيؤخذ حديثهم وينظر الى اهل البدعة فيترك حدبثهم . وقال جرير بن عبد الحميد : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم اعتقد به لأنه كان يؤمن بالرجعة .

وقال سفيان ( ابن عيينه ) سمعته ( أي جابر ) يحدث بنحو ثلاثين الف حديث ما استحل ان اذكر منها شيئا ولو كان لي كذا وكذا . وقيل ان جابر كان له سبعون الف حديثا يرويها عن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي . وذكر ابن خلدون ان بعد عصر الخلفاء الراشدين , نجد المسلمين من الاعاجم – وهم الموالي – يقفون في الطليعة , ويحملون قبس العلم والمعرفة امام الناس , وتأثرت الثقافة الاسلامية تأثرا كبيرا بالثقافات الاجنبية . ونقل ابن خلكان انه كان المفسرون اذا احتاجوا الى معرفة شيء عن بدء الخليقة والكون اسرار الوجود يسألون عن اهل الكتاب . ويأخذون برواياتهم فأمتلأت التفاسير بالاخبار التي نقلت عنهم .

الحكومة الاسلامية

حين فسر الامام الصادق (ع) اية الوضوء قال نحن العرب وغيرنا الاعاجم وذلك لما كثرت الفتاوى من الموالي . فمن المهم ان نفهم انه لابد للناس من امير بر او فاجر , ومفهموم الامامة يختلف عن عن مفهوم الخلافة نظريا , والتلازم بينهما هو لتحقيق العدالة في الواقع .

وما ورد في القران الكريم والسنة النبوية يدل على ان للأسلام نظامه الخاص في الحكم – السياسة , الاقتصاد , الاحكام ( القانون) – بمعنى ان هناك دستور تستند اليه مسأله الخلافة والتي هي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا كما عرفها ابن خلدون في المقدمة . ويعتقد ابن تيمية ( في السياسة الشرعية ) ان ولاية امر الناس من اعظم واجبات الدين , بل لا قيام للدين إلا بها . لذا نفترض ان المسألة ليست قيد قيد الحلول المشاعة حتى ما بين الصحابة فبعضهم كان من المجسمة – يؤمن بقدم الزمان والمكان والمادة – ولم يفارق النزعة القبلية او الركون لأهل الكتاب , ولا سبيل لفرض العصمة الجماعية للصحابة لقوله تعالى ( افأن ان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ) وسياق الاية مغاير للسياقات في سورة المنافقين . وايضا حدد القرأن افضلية للبعض على الاخرين في قوله تعالى ( فأن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله ) بمعنى اذا قضى الله امرا فليس لهم الخيرة والخطاب لا يستثني احدا . وقال تعالى ( ولو ردوه الى الرسول واولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) والاستنباط محصور بقضاء الله وامر الرسول . وقال تعالى ( يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) ويرى الزمخشري انه لما امر الولاة بأداء الامانات الى اهلها وان يحكموا بين الناس بالعدل , امر الناس ان يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم , والمراد بأولي الامر , امراء الحق , لأن امراء الجور , الله ورسوله بريئان منهم , فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم .

بهذا لا نجد لنا حاجة الى سيرة الشيخين التي تمت بأشتراطها البيعة للخليفة الثالث وما قيل عن مفارقة الجماعة . وتأويل الشوري في قوله تعالى ( وامرهم شورى بينهم ) وقوله ( وشاورهم في الامر ) فهي داله على ما فيه سعة وفسحة وليس تأسيس الاحكام والدستور والا فأن الدين فيه نقصان – وحاشاه – فأستعان بعقول الرجال .

المذاهب الاسلامية

لقد تخندق المسلمون في فرق وشيع , وتمذهبوا ( عدا اتجاه الائمة الاثني عشر ) والمذهب هو حركة اخرى الى جانب العقيدة الاصلية , تمهد تعاليمه الطريق لعملية المراجعة الاخلاقية ( الفلسفية ) فهو حركة اصلاحية او معدلة في بدايتها , ولكنها تنتهي بالانشطار الجزئي او الكلي عن تركيبة القيم في العقيدة الاصلية . بمعنى اخر فأن المذهب يتشكل من العناصر الاساسية مصحوبا ببعض الاراء المستحدثة , اذ تتأثر بنى المباديء الركيزة و وتتغير استراتيجية الافكار في العقيدة الام ( التوحيد ) , فأذا كانت الاسس الاولى تحقق تصنيفا منطقيا متألفا , اعوزت الاضافات الى اطار من المزيج الفلسفي التلفيقي . حينها يتحول المذهب الجديد في جانب من جوانبه الى اتجاه اخر لافت للنظر , لأن العقيدة المنطقية في عمومها تتسم بالبساطة الشديدة التي لاتنطوي على المباطنة او الغموض التهويمي , وذلك الطابع المباشر الحر يظل واضحا ومستمرا حتى في النتائج التفصيلية , فيحتاج منظروا المذهب الى وضع اطار لا يخلو من ميتافيزيقيا عقلية اضافية والتي غالبا ماتكون مفاهيم ترتد الى تعابير منهجية وضعت من قبل .
يكون الموقف الاخلاقي للعقيدة – في البداية – واضح المعالم , ولايكون من المتوقع او المحتمل قيام أي خطر يهددها , حتى يتبلور اتجاه النزعة الاصلاحية من خلال الصراع المكبوت , والذي يدور حول مطلب جماعي له قوة الحاح مسيطرة .
ومن حيث المبدأ فأن اصحاب الحركة الاصلاحية , هم اكثر اعتدادا بأنفسهم واشد ازدراءا للأخرين واعظم تحديا للغير , وغالبا ما يستندون الى قوة داعمة , ولكنهم في الظاهر يمثلون حلا وسطا بين الموروث والمستحدث , ولا يشكلون حركة انقلابية .
وعندما يتحول الاصلاح الى مذهب رسمي يظهر اكثر تشددا ثم يقع في مواجهة العقيدة الاصل , بوصفهما اتجاهين ( غابر و تقدمي ) متميزين ومتعارضين .
وحينما لايكون الدافع الاخلاقي – الوازع الديني – هو الوحيد في واقع الامر , لجأ المحدثون الى الاضطهاد المخيف , او يتحول الضغط الى الضراوة الشرسة بمجرد امساكهم بزمام الامور , فتشن الحرب ضد الاقلية الفقيرة . فيعود اصحاب العقيدة المغلوبة يعيشون على هامش المجتمع مضطهدين ومستغلين , الا في بعض الاماكن المعزولة , وهناك لاتكون قادرة على اجتذاب اتباعا جددا في ظل ظروفها الحرجة , الا اذا وجدت الوسائل الدفاعية التي تحفظ لها هيبتها , او ان يأخذ احد اتباعها على عاتقه ان يوسع حركة الانتماء اليها خارج جغرافية الصراع , وعمله مرهون بأشتراط ان يزيح العقبات الخارجية ليكون عمله مقبولا على نطاق مساحة اوسع .

اعتقد البعض ان الله يفرح بمعنى يسر ويضحك حتى تبدو ناجذبه ويتبشبش وله يد وله رجل لكن لا كالايدي والارجل .

قال ابن تيمية في النبوات ( المطبعة السلفية – القاهرة 1386 ) حدوث الشيء لا من مادة قد يشبه حدوثه من غير رب خالق .. واذا كان الحدوث لابد له من سبب حادث , فذاك السبب ان كان قائما بذات الرب فذاته قديمه ازلية . واختصاص ذلك الوقت بقيام مشيئة او تمام تمكن , ونحو ذلك لا يكون الا مسبوقا بحادث مباين له . فالحدث مسبوق بأمكانه ولابد لأمكانه من محل ص 16

اقول ان الركون الى الفلسفة القديمة التي تتصور ان المادة والمكان والزمان هي وجودات ازليه منفصلة مطلقة , تلك الفلسفة توقع في مغالطات التجسيم لله عز وجل , وايضا تكون معادية للفيزياء الحديثة وكل التطور الحاصل في العصر الحديث . وما يعوق الحركة العلمية اكثر هو اعتقاده بأن ( الجزم بوقوع ما سيكون , وان ذلك واجب حتم لابد منه ) ومهما تبرر الاسباب سيظل المشكل الاخلاقي القانوني مثلا – والامثلة التي تضرب ولا تقاس – فأن الحتمية التأريخية التي فرضها ماركس اوقعت فلسفته في دكتاتورية البوليتاريا وحتى الاقرار بحيوانية الانسان وان الاخلاق هي نتاج البيئة ...

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !