وصلني عبر البريد رسالة تحتوى على مقالة لكاتب يسمى رفيق رسمي يقول فيها إن أحد المسؤولين الكبار طلب منه أن يهاجم زكريا بطرس بكل ما يملك من مواهب وفصاحة وبلاغة ووقت وجهد, ويقول في مقدمة مقاله أنه سيفعل ذلك بكل ما يملك ويتساءل ما النتيجة؟!
وفى الحقيقة أنا لست هنا لأجيب على هذا السؤال بل لأرد بالحق والدليل والبرهان على ما تلا تلك المقدمة من افتراءات وأكاذيب, فالكاتب استخدم تلك المقدمة التي تشعر وتوهم القراء السذج أن الكاتب يهاجم زكريا بطرس فعلا أو على الأقل لا يوافقه فيما يقول, لكن الكاتب دس السم في العسل وردد أكاذيب زكريا بطرس ولكن بطريقة أخرى, طريقة مكر وخديعة.
فيقول رفيق رسمي: "ولكن زكريا بطرس دائما وأبدا يعلن أنه ما هو إلا مجرد قارئ لكتب تراثيه مع فريق ضخم من الباحثين بطرق علميه حديثه، لم يتجرا أحد من قبل لمدة قرون على مناقشته هذا التراث".
وهذا كذب بين وافتراء عظيم, فزكريا بطرس ليس مجرد قارئ كما يعلن, بل هو قارئ مخادع كذاب, يقرأ ما يحلو له ويترك الباقي الذي فيه الجواب الشافي الكافي, زكريا بطرس لا يناقش التراث الإسلامي بل هو يكذب على التراث الإسلامي, زكريا بطرس يقرأ التراث الإسلامي على طريقة (ولا تقربوا الصلاة أو ويل للمصلين) يقتطع من الكلام ما يدلل على خبث فكره وسوء نيته, زكريا بطرس يا أستاذ رفيق يدعى أنه يبحث بطريقة علمية ولكن أين العلم وأين البحث العلمي وأين الأمانة في النقل, حين يكذب صاحبكم على البخاري ومسلم وعلى غيرهم من علمائنا وأئمتنا, وانظر إلى هذا المثال الذي آتيك به لتعلم كذب صاحبكم.
كان يتكلم عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول إنه ليس ابن عبدالله فقال: (وهذا الكلام موجود في كتب المسلمين في البداية والنهاية لابن كثير باب تزويج عبدالمطلب لابنه عبدالله جزء (2/316): بلغ النبي أن رجالا من كنده يزعمون أن محمدا منهم وهم منه ..... فقال "إنا لا ننتفي من آبائنا نحن بني النضر بن كنانة" ويعلق صاحبكم قائلا (بيعترف)"[1] انتهى.
وفى هذا المثال يا أستاذ رفيق أكثر من دليل على كذب صاحبكم وافترائه, فبداية الحديث الذي ذكره ليس في باب تزويج عبد المطلب لابنه عبدالله, بل هو في الباب الذي يليه الذي هو باب (ذكر نسبه الشريف وطيب أصله المنيف) طبعا الآن علمت لماذا غير اسم الباب, لأن مجرد ذكر الباب الحقيقي الذي يندرج تحته الموضوع يتبين كذبه وافتراءه, ثم بعد ذلك قام ببتر النص, ثم بعد ذلك حاول خديعة الناس بقوله (بيعترف) مع أن النبي قال الحق وهو أنه من بني النضر من كنانة, فهو صلى الله عليه وسلم (محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة...) وهذا يا أستاذ رفيق مذكور في نفس المصدر الذي جاء به صاحبكم, فهل يا ترى لا زلت ترى صاحبكم باحث علمي أم أنك أدركت أنه لا صلة بينه وبين البحث العلمي, لا تتعجل فسآتيك بالمزيد.
يقول صاحبكم (أبو بكر جاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقابله وهو عريان، ثم جاء عمر فقابله وهو عريان، ثم جاء عثمان فتغطى فقالت له عائشة لم تفعل هذا فيقول: كيف لا أخشى من رجل تخشى منه الملائكة)[2].
وهذا الكلام أيها الكاتب القبطي لا دليل عليه البتة, لكن صاحبكم يحرف الكلام على هواه, والحديث عند مسلم كتاب فضائل الصحابة حديث رقم (4414) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ".
فأين العرى هاهنا يا رجل, رجل يكشف ساقه أو جزء من فخذه, أهذا عرى فما بالكم بالعرى الفاضح في الكنائس, رجل يجلس مع إخوانه وأحبابه ويأخذ راحته في جلسته هل هذا عرى؟ أم أن الذي يحدث في الكنائس هو الشيء الذي تتقزز منه النفس البشرية.
ويقول صاحبكم: (الكائن الذي رآه في غار حراء كان يخنقه، ويستدل بهذا على أنه كان شيطان ولو كان ملك ما كان شريرا يخنق، ويقول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفكر أبدا انه ملك بل كان يجزم أنه جني وكان يقول لخديجة رأيت تابعا أو مسني جن)[3].
ولكن أين الدليل على هذا الكلام؟
الإجابة عند زكريا بطرس هى لا دليل, وإن جاء بدليل فسوف يأتي بدليل مفبرك وهمي يوهم به الناس أنه صادق, ولا يصدقه إلا المغفلون.
أما الدليل على كذب صاحبكم فهو صحيح البخاري - هل عرفت الآن لماذا يهاجمون البخاري ويطعنون فيه؟! لأنه فاضحهم- حديث رقم (3) باب بدء الوحي من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (.... فجاءه الملك فقال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق : 1 - 3].
فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل الله على موسى".
فأين ما قاله صاحبكم يا هذا, ألم أقل لك أنك تردد دون أن تفهم, اذهب وكلف نفسك عناء البحث لتعرف أن صاحبكم أستاذ في مدرسة الكذب, وممثل بارع في مسرحية الخداع, ولعلك بعد هذه الأمثلة الكثيرة تفهم وتدرك أنه لا صلة أبدا بين صاحبكم وبين البحث العلمي.
يقول رفيق رسمي:
"ولم يتصدر له سوى الكثير ممن لا يجيد سوى السباب واللعان بطريقه تثير المشاعر لا العقل والمنطق، هل هذه ردود مقنعه مفحمه تخاطب العقل الحر الواعي في القرن الحادي والعشرون؟؟ هل هذه هي طريقتكم الوحيدة لإقناع أتباعكم وانتم خبراء وعلماء في علم المنطق وعلوم الكلام والإقناع والحجة، والمتخصصون فيه؟ دون أي تخصص آخر على الإطلاق، فهل تهزمون هكذا في أول جولة؟؟".
وهذا يدل على أنك لم تتعب نفسك في البحث عن ردود المسلمين على زكريا بطرس, وهى والحمد لله تملأ الآفاق, تجدها في كل مكان على شبكة الإنترنت، ردود إخواننا من طلاب العلم والحمد لله كثيرة وكلها بالدليل والبرهان, لا تدليس ولا غش ولا خداع كما يفعل صاحبكم, ونحن لسنا مسؤولين عند عدم معرفتك بهذه الردود, فأنت اخترت الطريق السهل كي تشارك في خديعة الناس, نحن لم نهزم, وأعلن إخواننا التحدي لصاحبكم, دعاه للمناظرة شيخنا منقذ السقار, وشيخنا وسام عبدالله, لكن صاحبكم راوغ كما يراوغ الثعلب وفر كما تفر الفئران وتهرب لأنه ببساطة شديدة جاهل كذاب لا صلة بينه وبين العلم على الإطلاق, واليوم هو الذي توقف, بعدما رأى رجالا يعرفون كل شيء, ردودهم جاهزة عن كل أسئلته, بينما لا يجدون إجابة واحدة منه عن سؤال واحد لهم، فأي الفريقين على الحق, وأي الفريقين يتبع الأسلوب العلمي في مواجهة الآخر, أظنك تعرف لكنك تتكبر.
ويقول رفيق رسمي متحدثًا عن زكريا بطرس: "فلم ينجح في شيء مثلما نجح في آثاره الجدل حوله من الكل بلا استثناء واحد وقسم البشر بقوه ووضوح صارخ ما بين مؤيد له ومعارض... وهو من أكثر الشخصيات في التاريخ الحديث وبلا منازع وبتفرد نجح ببراعة في إثارة الجدل الفكري المنطقي العقلاني الحر في التراث الإسلامي".
أما قوله أنه نجح في إثارة الجدل فهذه حقيقة, لكن ليس لأنه صادق فيما يقول, وليس لأنه يتبع أسلوب علمي كما تقول ويقول, ولكن لأنه يقلب الحقائق, ويزور التاريخ, لأنه أشبه بممثل في فيلم سينمائي أو مسرحية كوميدية, يتحرك كالبهلوان, وإذا تصدر له أحد لا تجد سوى المراوغة والهروب ثم السباب والشتائم.
ويقول رفيق رسمي: "يكفى أنه جعل علماء الإسلام أنفسهم يكتشفون بعد 14 قرنًا أخطاء كثيرة جدًّا جدًّا، كانوا يقعون فيها وهم لا يدرون منها على سبيل المثال لا الحصر (أسماء الله الحسنى) أين كانوا طوال تلك القرون؟ مستحيل أنهم كانوا سيكتشفوها.. وجعل الكثير يطالب بتنقية الأحاديث الشريفة بعد أن وجدوا أخيرًا، وبسب طرحه ما هو مدسوس في البخاري نفسه ومسلم والترمذي ومنه إسرائيليات و... و... و....
وهذا هو السم الذي دسه الكاتب في العسل, فمن أدراك أيها الكاتب والمفكر القبطي كما تسمى نفسك ولا أرى دليلا على ذلك, أن هناك أخطاء كثيرة جدا كان يقع فيها علماؤنا؟!, ومن أدراك أن هناك أخطاء في أسماء الله الحسنى؟!, ومن خدعك وأخبرك أن صحيحي البخاري ومسلم فيهما إسرائيليات؟!, أيها الكاتب القبطي, إن عندنا علما يسمى علم الحديث, هذا العلم تصدر له الرجال, رجال ليسوا كأي رجال, ما كانوا يصححون حديثا إلا إذا تيقنوا أنه حديث صحيح, ليس هكذا اعتباطا ووفق أهوائهم, بل هناك قواعد وأصول ثابتة ساروا عليها, وبينوا بها الصحيح من الحسن من الضعيف من الموضوع, هذا العلم أيها الكاتب تتميز به أمتنا وأمتنا فقط, غير موجود في أي دين آخر حتى كتبكم لا سند لها إطلاقا, وها أنت تردد كلامه بلا عقل ولا منطق, وهذا البخاري الذي تقول أن كتابه به أحاديث مدسوسة, قضى أربعة عشر عاما لكي يجمع أحاديثه, أربعة عشر عاما اختار فيهم ما يزيد قليلا عن سبعة آلاف حديث.
أما الذين يطالبون بتنقية الأحاديث في الصحيحين فإنهم قوم لا عقل لهم, ولا حجة لهم, وإنما هم رجال يعرفون أنهم فئة في المجتمع لا قيمة لها ولا نتاج, يريدون شهرة ومالا, وفى ظل التوجه العلماني ليس هناك من سبيل لذلك أسهل من الهجوم على ثوابت الإسلام, وخاصة بالطعن في الصحيحين, حيث يدركون جيدا أن لهما مكانة عظيمة في نفوس المسلمين, وأنهما قلعة عظيمة من قلاع الإسلام التي حمته من التحريف والتبديل,لهذا تراهم يخرجون وينعقون كما تنعق البهائم, وفى النهاية يندثرون تحت التراب لا قيمة لهم ولا مكانة.
ويقول رفيق رسمي: "لا يهم عدد من تحولوا من هذا الدين أو ذاك مهما زادوا أو قلوا (فهم مجرد رقم كبر أو صغر) فهؤلاء فئة مترددة غير ثابتة في الإيمان لا فائدة منهم في حظيرة هذا الدين، ولن يزيدوا الدين الآخر أو يقللوا من الدين الذي كانوا عليه".
وهنا أقول له ما قاله شيخنا محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى حيث قال: "إنما يذهب إليهم سفهاؤنا, ويأتي إلينا عقلاؤهم".
وهذا هو الحال حقا أيها الكاتب القبطي, فمن يترك الإسلام ويتنصر فهو إنما يبحث عن مال وعن شهرة, ولعلك تعرف قصة محمد رحومة ونجلاء الإمام ووفاء سلطان ومصعب يوسف وغيرهم ممن تنصروا قديما وحديثا, فهؤلاء إنما تنصروا من أجل الحصول على المال, وأنا شخصيا أعرف شابا كان يفكر في التنصير وكان السبب الرئيسي أنه يريد تحسين ظروفه المادية, أما من يترك المسيحية ويسلم لله رب العالمين فهو يترك خلفه مالا وجاها ومكانة, يأتي إلينا القساوسة الذين يكتشفون الحقيقة, وتأخذون منا شبابا جهالاً لا علم لهم ولا دراية.
ويقول رفيق رسمي: "إن أكثر من خدم الإسلام والمسلمين في التاريخ الإسلامي كله هو القمص زكريا بطرس، حيث حماه من الرجعيين السلفيين المكفرين المصابون بكافة الأمراض النفسية، ومنها جنون العظمة "البارانويا" والنرجسية، الذين جعلوا من الإسلام دينًا إرهابيًّا، وهم يظنون أنهم يخدمون دينهم".
طبعا المفكر القبطي لا يعرف عن أي دين يتحدث, فهو يردد كلام غيره دون تفكير, ودون محاولة فتح كتب أئمة الإسلام والقراءة فيها, ولهذا لا يجيد غير السب والشتم ومقالته مبنية على هذا.
أما قوله: إن زكريا بطرس أكثر من خدم الإسلام في التاريخ الإسلامي كله؛ فهذا لعمري كذبة كبيرة، ويبدو أن الكاتب كان يشاهد زكريا بطرس فأصيب بعدوى الفشر, فالذين خدموا الإسلام كثيرون منهم العلماء والمقاتلون والساسة والمفكرون, وكلهم أئمة أعلام, وزكريا بطرس لا يرقى أن يكون شيئا قذرًا يدوسون عليه بنعالهم, لكن أتفق مع الكاتب القبطي في قوله أن زكريا بطرس خدم الإسلام - وهذا هو الشيء الصحيح الوحيد الذي قاله الكاتب في مقالته الطويلة - لكن زكريا بطرس خدم الإسلام ليس لأنه كشف أخطاء فظيعة كما يتوهم الكاتب الذي لا يعرف شيئا, بل لأنه نبه شباب الإسلام إلى ما يحاك لدينهم وأمتهم وجعلهم ينظرون في كتب أئمتهم فيعرفوا دينهم ويدافعوا عنه وبذلك صاروا أفضل من المتخصصين في مقارنة الأديان, وهذا جعلهم عقبة أمام خطط التنصير التي ترعاها الكنائس والتي يتم تمويلها بمبالغ ضخمة مهولة.
أما قوله أن زكريا بطرس حمى الإسلام من الرجعيين السلفيين ويقصد بذلك المسلمين المتمسكين بدينهم القابضين على الجمر, فلعمري هؤلاء هم الذين أسكتوا صاحبه, وجعله يهرب ويختفي ويكذب, وهؤلاء هم الذين صاغوا الردود وصنفوا المؤلفات في الرد العقلي والمنطقي وبالدليل والبرهان على الكذاب اللئيم زكريا بطرس, وهؤلاء سيبقون دائما إن شاء الله غصة في حلق كل من يريد للإسلام سوءا.
وقوله: إن السلفيين جعلوا من الإسلام دينا إرهابيا يدل على أنه هذا الكاتب جاهل, لا يعرف عن أي دين يتحدث, بل لا يعرف عن دينه شيئا, ولا عن كتابه شيئا, فهو يردد دون وعى ودون إدراك ولا فهم ما يقوله رئيس الكذابين وسيد الجاهلين زكريا بطرس؛ فيا هذا ارجع إلى كتابك وانظر فيه واقرأ ماذا يقول كتابك, اقرأ على الأقل سفر يشوع والقضاة, فلعلك تسكت فلا نسمع لك صوتا أبدا, هذا إن كان ثمة دماء في عروقك, أما الإسلام فهو دين السماحة والسلام مع من يستحقها, أما المعتدون والظالمون فليس لهم عندنا إلا السيف حتى يعودوا إلى الحق ويكفوا عن اعتدائهم.
ويقول رفيق رسمي: "وأجبر علماءه – يقصد علماء الإسلام - بالقهر على أن "يفكرون"، بل وأجهدهم إجهادا شديدا وعظيما وعنيفا للغاية، وتألموا من كثره الإجهاد؛ ففي العصر الحديث بعد الشيخ محمد عبده وابن رشد لم يوجد مفكر إسلامي مجدِّد، وهى كارثة كبرى، فوجد علماء الإسلام فجأة من يحاسبهم ويراجعهم بالأسلوب العلمي الحديث، فكانت الكارثة والطامة الكبرى".
وهذا لعمري كذبة أخرى كبيرة بل هي عدوى الفشر التي أصيب بها الكاتب من زكريا بطرس, فما علمنا من أحد تألم من الرد على زكريا, بل قد يتألم من غباء بطرس وكذبه, لكن لا يتألم من الرد عليه, لأن بطرس ليس إلا كذاب جاهل, قلبه يمتلئ حقدا وغلا على الإسلام, وهذا هو السبب الرئيسي لهجومه على الإسلام, فعلماؤنا -أعزهم الله- لم يشغلوا بالهم بزكريا بطرس وسفاهاته وبذاءاته, وعندما بدأ أحدهم بالرد عليه لم نجد له أثرا, وإنما تصدى لبطرس شباب الإسلام, شباب في الجامعة أو أكبر بقليل هم الذين أذاقوا بطرس الويلات, فهرب منهم مرارا وتكرارا, وكلهم يتحداه حتى جعل غرفته على البالتوك غرفة خاصة ولا يتكلم فيها مسلم خشية أن يفضحه على رؤوس الأشهاد.
أما قوله في العصر الحديث بعد الشيخ محمد عبده وابن رشد لم يوجد مفكر إسلامي مجدد, فهذا أمر لا شأن له به, لأنه إذا كان جاهلا بدينه لا يعرف عنه شيئا فهو من باب أولى جاهل بالإسلام, فابن رشد ليس مجددا وكذلك محمد عبده, ولقد جاء في القرن العشرين مجددون كثر منهم الإمام ناصر السنة محمد بن ناصر الدين الألباني, والإمام محمد بن صالح العثيمين, والشيخ المجاهد أحمد ياسين, والشيخ المجاهد بلسانه فارس المناظرين وقاهر الصليبيين أحمد ديدات الذي تحدى بابا الفاتيكان أن يناظره فتهرب منه, فهؤلاء هم أئمتنا المجددون الذين نعرفهم ونثق فيهم ولا نريدك أن تأتى أنت أيها الجاهل بدينك لتعلمنا ديننا وتقول هذا مجدد وذاك لا.
فنحن نعرف جيدا ماهية التجديد الذي تريد, إنه تحريف وتبديل في صورة تجديد, كذلك التجديد الذي قام به النصارى في القرن الرابع الميلادي حيث بدلوا المسيحية الحق التي تدعو إلى التوحيد الخالص بأخرى أشبه بالوثنية, لكن الإسلام ليس كغيره ولسوف يبقى دائما وأبدا دين الحق, دون تحريف أو تبديل.
ويقول رفيق رسمي: "يكفي أن زكريا بطرس طرح لأول مره في التاريخ مناهج وطرق التفكير بالبحث العلمي المنطقي، حتى في الأمور الدينية، والاستشهاد بالمراجع الموثقة، وليس إطلاق الكلام على عواهنه كما يفعل كافه رجال الدين الأفاضل بلا استثناء في كل مله ودين، حتى الدين المسيحي".
ومع أنى أوضحت سابقا أن بطرس لا علاقة له بالبحث العلمي من قريب أو بعيد, لكن سأوضح فقط للكاتب القبطي لعله يفهم, فبطرس لا يأتي بجديد لكنه يفعل شيئا من ثلاث: إما أنه يكذب على المصادر فيذكر منها ما ليس فيها, وإما أنه يقوم ببتر النص من سياقه على طريقة (ويل للمصلين), وإما أنه يعتمد الضعيف والشاذ والموضوع والمنكر ويوهم الناس أنه حديث صحيح أو أنه مسلم به عند علماء المسلمين.
أما علمائنا الأجلاء فكل كلامهم بالدليل والبرهان, من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم, وهذا ما تعلمناه منهم, ولا قياس في ذلك بين الإسلام والمسيحية حيث لا يوجد سند واحد ولو موضوع لسفر واحد من أسفار كتابهم, وأتحداهم جميعا أن يأتونا بسند واحد ولو موضوع.
وفى النهاية لقد تركت نقاط كثيرة في مقالة رفيق رسمي دون رد, لأنه ببساطة بذاءات لا تستحق أن أتعب إخواني بقراءتها, فالرجل تعلم فن السب والشتم في أفضل مدارس البذاءة والوقاحة, ألا وهى مدرسة زكريا بطرس, كما أنه بارع في الكذب والخداع, فذكر أنه كلف من مسؤول كبير! بمهاجمة زكريا بطرس, فكتب مقالة يمتدح فيها زكريا بطرس بما ليس فيه ويهاجم الإسلام, فهل يا ترى يستطيع ذلك الكاتب أن يخبرنا من هو ذلك المسؤول الكبير الذي يطلب من كاتب مغمور لم يسمع أحد عنه من قبل أن يهاجم زكريا بطرس؟ ما أرى ذلك إلا أسلوبا ساذجا لدس السم في العسل.
وفى نظري فهذا الكاتب ليس إلا نسخة مصغرة من بطرس, يحاول أن يجد له طريقا نحو النجومية والشهرة, وكما قلت سابقا ليس هناك أسهل من سب الإسلام والهجوم عليه, لكن أمثال هؤلاء بحول الله نحن قادرون على فضحهم وتبيان حقيقتهم للناس.
إن ما دفعني للرد على هذا الكاتب هو رغبتي في إظهار كذبه لعوام المسلمين, كي لا ينخدع الناس بكلامه ويظنون أنه رجل محايد, هذا رغم علمي أن الرد على هؤلاء يجعلهم يفرحون أن أحدا كلف نفسه ورد عليهم, لكنى أنظر إلى من لا علم بحقيقة القوم وأود توضيح الحقيقة لهم.
ـــــــــــــــ
[1] في الصميم , الحلقة الثالثة , د/ 17.
[2] سؤال جريء الحلقة الثانية هل القرآن كلام الله ؟ د /44.
[3] سؤال جريء: الحلقة الأولى من هل القرآن كلام الله د/17.
التعليقات (0)