ماهر حسين .
في أجواء الاعتداء الغاشم على غزة هاشم وأهلها الصامدين وفي الوقت الذي يعبر فيه المصريين عن غضبهم من الاعتداءات الإسرائيلية على جنودهم وفي استعادة لنبرة الشارع المطالب بصد العدوان الإسرائيلي على مصر وحيث أعاد المصريين رفع صور القائد الراحل جمال عبدالناصر للتعبير عن غضبهم حيث توافدوا واحتشدوا أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وبنفس الوقت وليس بعيدا" عن مصر في الجماهيرية ..ليبيا .... وبظل الأخبار المتواترة عن معركة طرابلس وما قد تحمله من خسائر أو ما قد تحمله من أفق جديد لليبيا في ظل كل ما سبق وعلى وقع أصوات الحرب تأتي بشائر النصر من هنـــاك
من سوريا ...سوريا العروبة من هنــــاك تأتي بشائر النصر ..بشائر نصر الشعب السوري البطل ...هذا الشعب الذي عبر عن صمود غير مسبوق في مواجهة آلة القمع الإجرامية التابعة للنظام ...هذا النظام الذي يتهاوى أمام قدرات الشعب السوري على التضحية لتحقيق أهدافه بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية
في هذه الأيام المباركة وبالعشر الأواخر من رمضان قدم الشعب السوري العظيم درسا" للعالم على قدرة الشعوب على التضحية واستعدادها لمواجهة كل أشكال القمع من اجل نيل حريتها وما نراه بسوريا من مظاهرات ومسيرات وإصرار شعبي لهو أكبر دليل على أن الشعب السوري اختار الطريق وما نراه بالمقابل من علميات قمع وتعذيب المواطنين على أيدي أتباع ومنتسبي الأمن السوري والجيش الممانع جدا" وعصابات الشبيحة هو تعبير عن عدم قدرة النظام على فهم التطورات الحاصلة بسوريا ...فمنذ اليوم الأول وبمجرد تناولنا للقضية السورية وبمشاعر الحب لسوريا ولشعبها قلنا بأن التعامل الأمني مع الأحداث خطأ كبير وسيقود إلى كارثة ولكن وللأسف وجدنا البعض يبرر ويهاجم ويخون كل من يقدم النصح حتى لو كان الحليف التركي الكبير أو الأصدقاء وربما الأتباع .
فمنذ التصريحات الأولى للرئيس بشار و التي تعاملت مع ما حدث بمصر وتونس كان من الواضح للجميع بان تحليل الرئيس السوري وحرسه يعتمد على معطيات غير صحيحة مرتبطة بكونه يعتبر نفسه ممانعا" وممانعة سوريا واحده من عجائب الدنيا فهي الممانعة الكلامية البعيدة عن الفعل والمرتبطة بأهدأ حدود في العالم لأرض محتلة (الجولان) فممانعة سوريا لم تكن مقنعه لأحد لأنها ممانعة قائمة على عدم الفعل والشعب السوري يفهم ويعي بأن قضايا فلسطين ولبنان والجولان هي قضايا لإبقاء الوضع قائما" على ما هو عليه ...فالديمقراطية والحرية ومحاربة الفساد كلها تتراجع أمام قضايا الممانعة وبالتالي أصبح شعب سوريا يدفع ثمن ممانعة كلامية يتم استخدامها للحفاظ على النظام القائم بسوريا وهذا لم يعد ينطلي على أحد فلقد مل الشعب الشعارات والكلمات .
بشائر النصر تأتي من هنـــاك ....من سوريا ...فرحيل الرئيس السوري أصبح مطلب دولي فبعد ستة أشهر من اندلاع المظاهرات المطالبة بالحرية بدأت تتبلور المواقف وبدأت تظهر نتائج تضحية هذا الشعب العظيم فالموقف التركي ولاحقا" له المواقف العربية في كل من السعودية والكويت والبحرين وقطر ومن ثم وأخيرا الموقف الأمريكي والأوروبي والكندي جعلت صورة الأحداث تتغير فلقد أخذت الأحداث بالمواقف الدولية الجديدة منحنى جديد ينتصر فيه المجتمع العربي والدولي للشعب السوري التواق للحرية والذي يعبر بكل سلمية عن رفضه للنظام القائم .
موقف الشعب السوري ليس غريبا" عن أهل الشـــام وأحرار العرب هناك فلقد تسابق الشعب المصري والسوري دوما" للتضحية من أجل أمتنا وبعد أن أثبت شعب مصر قدرته على التغيير السلمي كان لا بد لشعب سوريا للوقوف بكل إيمان أمام الظلم والفساد والتوريث الذي تم بانتقال السلطة من الأسد الأب للابن في مسرحية من الصعب أن ينساها أحد ...وأخيرا" وبعد ستة أشهر وبعد تضحيات كبيرة قدمها شعب سوريا بدأ العالم يتحرك لنجدة الشعب السوري وبدأ الموقف الدولي يتبلور من النظام السوري مطالبا" برحيل الرئيس السوري وحرسه القديم منهم أو الجديد .
وهناك إشارات إلى أن الموقف الأمريكي لم يأتي من فراغ ولكنه بحكم معلومات تشير إلى تهاوي النظام فقد نشرت صحيفة (واشنطن بوست) نقلا" عن مصدر من البيت الأبيض أن التحرك الأمريكي جاء لأنه متأكد (من أن الأسد في طريقه للخروج من السلطة ).
الرحيل الآن وللمرة الأولى يتبلور كمطلب دولي من نظام الرئيس بشــار وهذا الطلب برحيل الرئيس بشار جعل الأمل بالنصر أقرب لشعب سوريا وهو ما حذا بثوار سوريا لإطلاق أسم (جمعة بشائر النصر) على الجمعة الفائتة ... إن بشائر النصر للشعب السوري تأتي في هذا الشهر الفضيل لتذكرنا بأنه شهر الانتصارات وشهر التضحيات فمزيدا" من الصبر ومزيدا" من التضحية ستكون الطريق الحتمي والوحيد للتخلص من هذا النظام إذا كان هذا هو خيار الشعب السوري وطموحه فلسنا بموقع المزا وده على الشعب السوري الأعلم بشؤونه .
والرحيل كلمه يخشاها بشار وصحبه وهي مرتبطة الآن بقدرة الشعب السوري على الصمود والتضحية والعمل من اجل التخلص من النظام ليعيش شعب سوريا العربي حرية القرار وليتمكنوا من ممارسة الديمقراطية في محاولة للوصول إلى العدالة الاجتماعية التي يتوق لها شعب سوريا المغلوب على أمره ..وكنا نتمنى أن يكون الرئيس بشار قد تعامل مع الأحداث ومنذ اليوم الأول بعيدا" عن منطق الأمن والقمع ومن خلال التفاعل مع الشعب والتعامل مع طلباته وطموحاته .
لقد عبر الشعب السوري وثوار سوريا عن رغبتهم برحيل النظام ورحيل الرئيس بشار فوصلت مطالباتهم وشعاراتهم وأهازيجهم القائلة (أرحل ..أرحل يا بشار ) الى كل عواصم الدنيا كما وصلت الى قلوب كل العرب مما جعل العالم ينتصر للحق وللشعب السوري وما سبق لم يتحقق بسهولة فهناك ألاف الشهداء والمعاقين والمعتقلين الذين قدمهم الشعب السوري من اجل الحرية والديمقراطية والتخلص من الفساد والعبودية .
إن ما يحدث بسوريا سيكون له تأثير كبير على المنطقة وسنتأثر به نحن في فلسطين ولكن وبغض النظر عن أي نتائج فإننا لا نمتلك سوى أن نحترم أرادة الشعوب التي كسرت كل القيود لتقول كلمتها بلا خوف وعلى المنظمات الفلسطينية التابعة لسوريا أن تفهم بأن صمتها الآن أبلغ من كل الكلمات فالشعب السوري هو من احتضننا وهو من أيدنا وعلينا أن نحترم هذا الشعب وعلينا أن نتوقف عن التجارة بقضيتنا وشعبنا وعلينا أن نتناسى مصالحنا مع النظام السوري وعلى حماس أن تعيد التفكير بمواقفها وأن تعلم بأنه لا مجال لها للبقاء والاستمرار إلا في منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد وهو الكيان الوحيد الحامي لها .
التعليقات (0)