الرَحَـط السوداني لجسد نسائي رشيق
بيني ميلور
خرجت علينا هذا الأسبوع سيدة بريطانية مهتمة برشاقة وجمال المرأة تدعى "بيني ميلور" بإبتكار جديد / قديم ؛ عبارة عن طوق فضي تلبسه الفتاة حول خصرها فيساعد على منع ترهل منطقة الخصر والبطن .
وهذا الطوق الفضي الذي قدمته البريطانية "بيني ميلور" بدائي وبسيط للغاية ولايحتوي على أية مواد مغناطيسية أو مشعة. أمّا سعره في داخل بريطانيا فهو يتراوح مابين 25 و 40 جنيه إسترليني حسب الأناقة.
الرَحَــط الإنجـليزي .. عام 2013م
وتقول السيدة ميلور أنها توصلت إلى فكرة هذا الطوق من خلال دراستها للأسباب الكامنة وراء إحتفاظ نساء الهنود الحمر في الولايات المتحدة بأجساد رشيقة وغياب الكروش . وكذلك لدى نساء النوبيين أهل الحضارة الفرعونية القديمة اللواتي يتمتعن بأجساد رشيقة.
لكن ينبغي عدم أخذ مقولات البريطانية ميلور هكذا دون حذر .. فهذا الطوق الذي نطلق عليه في السودان مسمى "رحــط" لا يفيد إلا في حالة إستخدامه خلال فترة الطفولة ....
صورة من التاريخ تعود إلى عام 1898م تظهر فيها فتيات صغيرات يرتدين الرحـط السوداني
الرحط عبارة عن حزام جلدي يحيط بخصر الطفلة وتتدلى منه سيور جلدية تغطي فخذيها كان أجدادنا حتى إلى عهد قريب يلبسونه للطفلة اليافعة للحفاظ على رشاقتها وتشكيل جسد بمرور الأيام يتميز بتضاريس أنثوية جذابة فهو يؤدي إلى حفاظ البنت على خصر نحيل وأرداف أسطوانية ومؤخرة بارزة ؛ وتأخر بروز البطن (الكرش) إلى مابعد سن "التقاعد" الأنثوي تقريباً ....... كما أنه من ناحية أخرى يدل على أن البنت غير متزوجة مما يفتح الطريق لكل من يعجب بها للتقدم وخطبتها من أهلها......
صورة تاريخية لفتيات سودانيات يرتدين الرحــط
وعند زواج البنت (وبعد عقد قرانها الشرعي) تجرى إحتفالية إجتماعية تراثية راقصة تسمى ليلة قطع الرحــط بمناسبة زفافها (دخلتها) إلى زوجها في حضور النساء والأطفال من الجنسين فقط ؛ وفي ختام هذه الإحتفالية يقطع العريس بعض سيور هذا الطوق بيده معلنا للكافة إنتقال عروسه من عالم الفتيات الضيق إلى رحابة عالم النسـاء الواسع.
نساء من فترة حضارة نبتة النوبية السودانية (شمال السودان) عائدات بالماء من النيل وتظهر وسطهن فتيات يرتدين الرحط السوداني
ولكن ... وبمرور الزمان وتعاقب السنوات ... وتحت مزاعم الإمساك بتلابيب الحضارة الغربية العلمانية ، التي ظن الناس في العالم العربي وأفريقيا أنها ستخرجهم على علاتها من الظلمات إلى النور ؛ فقد تنكر أهل السودان لهذا الرحط الجلدي وتخلوا عنه شيئا فشيئا حتى إختفى في بداية السبعينات.
وتفيد الدراسات أن إستخدام الرحط قد كان متعارفاً عليه في مصر الفرعونية أيضا كما تسجل الوثائق أن الهنود الحمر كانوا يلبسونه لفتياتهم. وهو ما يعتبر واحداً من الأسباب الكامنة وراء إحتفاظ نساء الهنود الحمر في العالم الجديد بأجساد رشيقة وغياب الكروش . وكذلك لدى النوبيين (جنوب مصر وشمال السودان) أهل الحضارة الفرعونية القديمة حيث تتمتع نساؤهم بأجساد رشيقة متناسقة ، وتضاريس أنثوية مثيرة.
يبقى بعد ذلك التوجس من أن لبس الرحط البريطاني وحده قد لايكون كافياً بالنسبة للكثيرات من النساء في زماننا الراهن والسبب هو إختلاف أنماط التغذية والميل إلى الدعة والكسل والإستعاضة عن الحركة بالكثير من وسائل الخمول. وهناك من يرغب بالمرأة المليانة المكلبظة وفي مدحها أمثالها قال الشاعر:
غــراء فرعـاء مصقول عوارضها ..... تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
وكانت العرب ولاتزال تمدح المرأة بأنها "نؤومة الضحى" للدلالة على العز والشرف والنعومة .....
التعليقات (0)