المناخ السياسي الجديد في تونس
الربيع السلفي يجتاح خريف الإسلاميين و الديمقراطيين
تواترت كثيرا لفظة السلفية و السلفيين في الآونة الأخيرة وسط المجتمع التونسي لتصبح إشارة استفهام عن هوية هؤلاء السلفيين وعن توقيت ظهورهم بهذا الشكل المتصاعد و المفاجئ في الآن نفسه.
فالأحداث الأخيرة البارزة التي شهدتها تونس كحادثة جامعة منوبة وهي حادثة لا تخلو من عملية تسييس واضحة للمشهد السياسي القائم و الحديث عن وجود إمارة إسلامية بإحدى المدن التونسية وتليها حادثة بئر خليفة و التي أججت الحيرة و الغموض لدى المواطن التونسي البسيط.
فلم يعرف التونسيون هذه الاخلالات الاجتماعية – بشكلها السافر – منذ ما يزيد عن 50 سنة أي منذ الدولة البورقيبية مرورا للعهد النوفمبري نظرا لما عاناه المجتمع من كبت و قمع..ولهذا فان ظهور السلفية تعد ظاهرة طبيعية تزامنا مع الموجة الثورية في تونس وموازية لصعود الحركة الإسلامية لسدة الحكم من جهة ثانية، فنجاح حزب النهضة لم يكن مفاجئا لسياسيين في تونس وخارجها
فهذا الفوز كان منتظرا لان التونسيين يرون الإسلام مظهرا محددا لهويتهم الشخصية ، ولكن هذا النوع المتطرف والراديكالي للإسلام هو دخيل على المشهد الاجتماعي و السياسي.
فنحن ندرك حق الإدراك لوجود التطرف يمينا او يسارا وكذلك في جميع الأديان من اليهودية المتطرفة إلى المسيحية المتطرفة كذلك الاسلام المتطرف الذي تجسد في تنظيم القاعدة.
و لكن ما يحدث في تونس يفتح عدة ابواب للتساؤل ، ان تركيبة المجتمع التونسي و انفتاحه على الغرب سياسيا وفكريا يجعل ظهور هذه الموجة السلفية كنشاز وسط لحن غربي، كما يستغرب توقيت ظهورها وتناميها- وهو مايستوجب حتما توفر مصدر تمويل قوي لفرضها بهذا الشكل البارز وسط المشهد السياسي، فاذاتتبعنا مسار الخارطة الجغرافية و السياسية الجديدة للدول المجاورة من ليبيا وتطبيق للشريعة الإسلامية كأول قرار بعد انتصار الثورة الليبية وصعود الاخوان والسلفيين في مصر.
لنجد ان هذا ليس بمحض الصدفة البريئة بل محاولة واضحة لضرب الثورات التحررية وحصرها في تنازع حول الهوية الدينية وإبعادها عن جوهر ثوراتها المنادية بالحرية و الكرامة والحق في التشغيل.
إن ظاهرة السلفية في تونس واشدد على كلمة ظاهرة لأنها اخترقت التركيبة المجتمعية التونسية بصفة غير مسبوقة من حيث الهيئة الخارجية كاللباس الأفغاني او مضمونها الفكري. فنحن أمام شقين من السلفيين في تونس السلفية الدعوية السلمية و السلفية الجهادية و هذه الأخيرة الأخذة في الانتشار لدى شباب تتراوح أعمارهم بين25 و 30 سنة، و هي الفئة التي تعاني من البطالة لتجد في هذا المنهج الفكري متنفسا لنشاط جسدي وعقلي ينتشله من حالة الجمود و الخمول التي يعيشها.
فأصبح لها قاعدة واضحة وهي في الحقيقة خلايا نشيطة، لتتحول من منهج فكري إلى عقيدة راسخة بان الجهاد حق وواجب وان فرض الشريعة الإسلامية وتفعيها هو هدف واضح لهذا التيار ، وكل مايعطل لغة القانون يفرض بقوة السلاح و الجهاد.
ورغم أن الثورة التونسية هي ثورة الشباب السلمية الباحث عن الحرية ،الكرامة والحق في التشغيل اصبحت اليوم ثورة جهادية لشباب باحث عن الهوية الدينية.
أم إياد
التعليقات (0)