مواضيع اليوم

الربيع السلفي في الكويت..توجه جديد وهدف ثابت

جمال الهنداوي

2011-11-20 11:09:03

0

تطور لافت ومريب للاحداث هو ذلك التحول الدراماتيكي للمناكفات التقليدية التي تصبغ سجل العلاقة الملتبس بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت الى حد انتحال تقنيات الاحتجاجات الشعبية من خلال تحركات واعتصامات تشهدها الساحة الكويتية يراد لها ان تتخذ الطابع الشعبوي المجهر باستهداف الحكومة الكويتية ..

"لقد دخلنا مجلس الأمة" هتاف كان يبدو وكأنه اعلان عن انتهاء مرحلة التخريب "الديمقراطي"وارتهان المجلس بيد مجموعة من النواب السلفيين من خلال الوسائل التي توفرها العملية الساسية المستندة على مبدأ التعددية والانتخاب المباشر..والانتقال الى مرحلة اكثر خطورة من خلال استنساخ تجارب الثورات العربية واساليبها في خدمة هدف احكام سيطرة التيارالسلفي المتشدد على الشارع الكويتي..متكئين على الغياب التقليدي المأزوم للمواقف الحازمة والمسؤولة من قبل الحكومة المقيدة بالضغوط والفساد والجوارات الصعبة وضعف مبادراتها للحد من تداعيات هذه الظاهرة..

 كما انه لا يمكن التغافل عن مسؤولية الحكم في الكويت عن الاحداث جراء التستر التواطؤي على الفساد المستشري في اوساط العائلة الحاكمة من جهة ..ومن جهة اخرى التخاذل النعامي تجاه التحرشات التي كان يمارسها نواب التيار السلفي من داخل البرلمان الكويتي والمجاملة والمجاراة الحكومية الخنوع تجاه التخريب الذي يمارسه هذا التيار ضد الحياة السياسية من خلال الاستخدام المغرض والمبيت للآليات الدستورية التي منحتها له الديمقراطية نفسها..

ان تنظيم التظاهرات والتصادم مع القوى الامنية واقتحام مبنى مجلس الأمة من قبل نواب التيار السلفي ومسايريهم من الشباب لا يمكن النظر اليه الا على انه جزء من صراع تحاك مفرداته في المناطق الاكثر عتمة واظلاما في المشهد السياسي العربي بين قوى واجنحة الاسلام السياسي للهيمنة على مصائر الشعوب العربية مستغلين الارتباك الذي يسود النظام الرسمي العربي نتيجة الفصام السياسي الذي تمارسه الحكومات العائلية المغلقة والاستبداد المعمر المفتقر للشرعية الذي يدمغ الانظمة الحاكمة في المنطقة..

فليس من السهل تجاهل الطابع الاستباقي المتلهف لتثبيت المواقع على الارض لهذه التحركات في ظل كل ذلك التلقف اللاهث الجذل لايماءات القوة الاعظم بامكانية التعامل مع القوى الاسلامية التي قد تصل الى الحكم في بلدان المنطقة..كما انه من غير الممكن ملاحظة النقاط الكثيرة التي يسجلها الاخوان المسلمون ضد التيار السلفي ونجاحاته في امتطاء الثورات العربية مستفيدا من الدعم الاعلامي الضخم والقدرة التنظيمية الافضل وتخففه من الارتباطات العلنية مع الانظمة القمعية المتهاوية..

ان القناعة التي يبدو ان القوى المتبنية للتيار السلفي قد توصلت اليها اخيرا هي ان المحاولات الروتينية الملحاحة لنواب التيار السلفي في مجلس الأمه الكويتي للضغط على رئيس الوزراء ومحاولة اجباره على الاستقالة من خلال الاستجوابات المتناسلة قد تشكل اضاعة مأساوية للوقت والجهد والمال في ظل الخسائر التي اصابت القوى السلفية في اكثر من مكان على الارض العربية..كما ان الاسى الذي يرافق مكابدة الحنق الذي تولده مراقبة الاستثمارات السياسية والاعلامية والمادية الضخمة وهي تجير لصالح الاخوان المسلمين قد تكون اكثر ما يمكن تحمله خصوصا في خضم كل هذه التحولات التاريخية الجارية على الساحة العربية بفعل الأنتفاضات الشعبية..

كما ان الارضية الاعلامية المعدة باتقان من خلال الاستهداف الطويل لرئيس الوزراء والحكومة الكويتية على خلفية الاتهامات المتكررة له بالتهاون مع الملف الايراني والتقاعس عن ارسال القوات الكويتية المسلحة الى البحرين قد تكون الاساس الذي جعل السلفية تختار الكويت كمنطلق لتحركاتها التحريضية على الارض والتحلل من التخابئ خلف احاديث الفتنة وتحريم الخروج على الحاكم واشتراطات الكفر البواح..

كما انه لا يمكن المرور على ارتباط القوى السلفية الكامل والمباشر بقوة اقليمية معينة تعدها الذراع السياسية والاعلامية الداعمة لثوابت ومتبنيات تلك الدولة التي تعمل على فرضها كظاهرة سياسية عقائدية على المجتمعات العربية بالقوة والتكفير واستخدامها كورقة ضغط امنية واجتماعية لتكييف المواقف والسياسات المحلية والخارجية لتلك المجتمعات والانظمة تماشيا مع مصالح وتوجهات تلك القوة..فليس من الخفي ان السياسات الكويتية المتشنجة والمرتبكة غير المبررة تجاه الجار العراقي ومحاولة الانتقاص من سيادته واستهداف اقتصادياته  لم تكن الا رضوخا وانصياعا واستخذاءً منافقا امام التغول السلفي المدعوم من تلك القوة شديدة التحسس من مفردة الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية والمأزومة برهاب البزوغ الحتمي لفجر الشعوب الحرة المؤمنة بذاتها والمحتكمة الى ارادتها الواعية الحرة في تكوين خياراتها..

ان السلفية لها برنامج واضح ومعلن في تسفيه وتكفير ورفض الديمقراطية كنظام أساسي وتستهدف استبدالها بتفسير انتقائي ملتبس لمفهوم الشورى..مما يجعل من خضوع السلطة لقوى التطرف والإمعان في استرضائها، ليس الا مهادنة وقتية غير مأمونة العواقب ومقايضة لتعاون لن يكون الا تحت عنوان مرحلي ولن ينتهي الا بالقفز على مواقع الحكم الشمولي الاقصائي الكامل..وهذا ما يحتم على الكويت كحكومة ومجتمع ان تعمل على التخلص من الابتزاز الفكري الذي يمثله نفر من المسرفين في العداء للحداثة والاصلاح والقيم المجتمعية العليا وحقوق الانسان..لأن كل ما بنته الكويت بسنين ممكن ان يهدم على ايديهم بثوان..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !