الربيع الاسرائيلي.. الشعب يريد تحقيق العدل الاجتماعي
انتفاضة الخيام التي مضى على انطلاقها حوالي الاسبوع في اسرائيل اخذت تتزايد حدتها ويتسع نطاقها خلال الايام الاخيرة... فبعد المظاهرة التي شارك فيها عشرات الالاف من الاسرائيليين اول امس وشهدت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين اعقبها عمليات اعتقال لبعض المتظاهرين واستبعاد آخرين من "ميدان الخيام" الذي يشكل معقلا للمحتجين .. وصلت الاحتجاجات امس الاحد الى القدس حيث قام حوالي الف متظاهر بسد الطريق المؤدية الى البرلمان الاسرائيلي "الكنيست".. وسمعت خطابات شديدة اللهجة من منصة المهرجان الخطابي تخللتها رسائل واضحة الى الحكومة الاسرائيلية ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو..
اما الشرارة التي أدت الى اندلاع الاحتجاجات فتعزى الى ارتفاع اسعار السكن في مدينة تل ابيب خصوصا وفي اسرائيل عموما.. الا ان الخلفية وانطلاق اعمال الاحتجاج في هذا الوقت بالذات فلهما علاقة بالاوضاع العامة التي تشهدها البلاد ليس اولها الجمود في عملية السلام مع الفلسطينيين وتدهور الاوضاع في الضفة الغربية وسن مجموعة قوانين تستهدف العرب ومنظمات حقوق الانسان واليسار الاسرائيلي ليس آخرها القانون الذي يمنع الدعوة الصريحة الى مقاطعة منتوجات المستوطنات في الضفة الغربية.. وهي لا تنتهي بحالة الجمود والمراوحة في نفس المكان التي باتت تشكل السمة الابرز لنشاط الحكومة الاسرائيلية في الآونة الاخيرة والعلاقة المريبة بين اصحاب المال والنفوذ وتزايد حالات انفلات المستوطنين من عقال القانون والمحاسبة واتساع الهوة بين الاغنياء وبقية شرائح الشعب وهدر المليارات من اموال الشعب على بناء المستوطنات والتخوف من زعزعة اركان الديمقراطية والمساس بالحريات الفردية والجماعية بعد تغوّل اليمين الاسرائيلي ومحاولات البعض اقصاء المواطنين العرب في اسرائيل وتسلّط جهات دينية باتت تهدد مسألة فصل الدين عن الدولة اضافة الى الضبابية التي تلف مستقبل اليهود والعرب في البلاد واحتدام النقاش بشأن مآل المستوطنين في الضفة الغربية والمطالبة بخفض اسعار السلع الرئيسية والتركيز على رفع مستوى التربية والتعليم وكسر حالة التجاذب والتقطب والتنابذ احيانا بين اقطاب المجتمع الاسرائيلي ورفع اجور مستخدمي القطاع العام وكبح ظاهرة اضراب المعاشات كما يحصل الان في المستشفيات كل هذه العوامل القت بظلالها على المجتمع الاسرائيلي في الآونة الاخيرة وخلقت حالة من التخوف العام من تردي الاوضاع والانحراف القيمي...
وقال ايتاي غوتلر رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة العبرية في القدس خلال كلمة القاها امام جموع من المحتجين إن هذه المسيرة لا يمكن ان تتوقف قبل ان يتحقق العدل الاجتماعي لكافة شرائح الشعب واضاف موجها خطابه الى رئيس الحكومة اين انت مما يجري لماذا لا نسمع صوتك، ولتعلم ان هذه الهبة يشارك فيها كافة شركاء الوطن علمانيين ومتدينين عرب ويهود شيبا وشبابا يمينا ويسارا وان هذه الشعلة لن تنطفئ قبل ان تحقق كل مطالبها...
علما ان اعتصامات الخيام بدأت تزحف الى كبريات المدن الاسرائيلية .. وللذكر لا للحصر نذكر ان منظمة حاخامات من اجل حقوق الانسان الفاعلة في مناطق الضفة الغربية اقامت امس معسكر خيام اعتصام في العاصمة أورشليم.. هذا وكشفت المنظمة في وقت سابق وثيقة حصلت عليها من الادارة المدنية في الضفة الغربية التابعة للجيش الاسرائيلي تكشف محاولات الجيش السيطرة على اراضي خالية في انحاء الضفة الغربية وقد نشر التقرير على عدة مواقع الكترونية عبرية وعربية واثار جدلا حادا في اسرائيل ونشر التقرير على مواقع فلسطينية نقلا عن المصدر الاسرائيلي..
وبالتوازي نشر الموقع الالكتروني لمنظمة حاخامات من اجل حقوق الانسان عدة مقالات تحث على تدعيم وترسيخ معاني المساواة والسلام والعدل في المجتمع الاسرائيلي بوحي القيم اليهودية، مستدلين باحدى مسلمات الديانة اليهودية ان العالم بني على ثلاث: اقامة العدل والقضاء، واظهار الحق، وتحقيق السلام...
وورد في سفر النبي ميخا قوله: إن الله يأمركم باشاعة القضاء، والاحسان، والتواضع امام الخالق.. ما معناه ان تحقيق العدالة يقف في مقدمة الاركان التي تتأسس عليها التوراة .. ويقول العلماء السلف إن بقاء العالم كله مرهون باجراء العدالة في الدنيا وافشاء العدل والحق..
وعن ربان شمعون بن جمليئيل وهو من نسل العلامة هليل مؤسس المذهب الوسطي التيسيري في القرن الاول الميلادي، انه قال: بني العالم على ثلاث العدل والحق والسلام... وتتجسد هذه المعاني الثلاث في قول النبي زكريا: عليكم بالحق والصدق والحكم العادل في اماكن سكناكم...
وكل هبة شعبية وانتم بخير
التعليقات (0)