الرادار والمجتمع
الرادار الذي يستخدمه رجال المرور علي الطرقات غني عن التعريف والشرح لأنه ببساطه هو الجهاز المستخدم في كشف التجاوز عن السرعات المحدده علي الطرقات ودائما ما يوضع الرادار بطريقه مخفيه علي جانب الطريق وبالتالي لا تلحظه السيارات الماره وعلي الأخص المتجاوزه منها الحد الأقصي المسموح به للسرعات وبالتالي يلتقطها وتفاجأ بعد ذلك في الكمين التالي بالمخالفه والغرامه وكل هذا لا يهمنا ولكن ما يهمنا هنا هو السلوك المجتمعي حيال الرادار فمخالفه الحد الأقصي للسرعه هو مخالفه للقانون تستوجب العقاب ومرتكبها يعرف هذا جيدا وبالرغم من هذا يرتكبها ولا يخشي من مخاطر الحوادث التي ربما تؤدي بحياته هو ومن معه عندما يعلم بأنه لا يوجد رادار يراقبه …
والسلوك المجتمعي المعني هنا ليس المخالف للقانون والمتجاوز للسرعات المقرره ولكن سلوك السيارات المقابله في الإتجاه المعاكس والتي بمجرد أن تكتشف وجود الرادار وتتجاوزه تبدأ في تحذير السيارات المقابله بإطلاق الأنوار وإستعمال الآت التنبيه حتي يتنبه المخالف ويهدئ من سرعته ليجتاز الرادار بأمان ثم يعود الي سيرته الأولي …
والسؤال هنا لماذا يتأتي قائدوا السيارات هذا السلوك ؟؟
ربما تأتي الإجابه بكل بساطه وتلقائيه .. “لوجه الله حتي لايدفع المسكين الغرامه" …
وهذه الإجابه تحتاج الي دراسه مستفيضه ويجب الا تمر مرور الكرام فهي سلوك مجتمعي فكيف تكون لوجه الله وأنت تعرف أنه مخالف للقانون وأرعن وربما يذهب العديد من الضحايا الأبرياء وربما هو نفسه ضحيه لهذه الرعونه ؟؟
كذلك كيف يكون مسكين وهو أرعن فهل إختص المساكين بالرعونه ؟؟
ولكن من منظور أخر لهذا الرد ممكن أن نقول أن "لوجه الله والمسكين" تحتسب جميعها في مواجهه الدوله والتي يشعر المواطن حيالها بنوع من عدم الإرتياح والألفه بل ويشعر بالأنفه تجاهها وتجاه ما يصدر منها من قوانين يستشعر أنها تطبق علي البعض ولا تطبق علي البعض الآخر ...
كذلك إستشعار هذا المواطن بسياده فكر الجبايه الحكوميه علي كل التصرفات الحكوميه والقوانين المنظمه لعلاقتها بالمواطنين فكلمه "غرامه" ليست من الغرام ولكن من الغرم والتي يستشعرها المواطن "جبايه" ولا يتلمس لها مقابل سوي الغرم البين وبالتالي فهو يسعي جاهدا ليس للهروب منها فقط ولكن لتحذير أخيه المواطن منها حتي يتلافاها ولا تصيبه وكأن هناك إتحاد وتضامن غير معلن بين المواطنين وبعضهم البعض في مواجهه سلطه وسلطان الحكومه …
وإن كان هذا هو التحليل والتفسير المنطقي لهذا الفعل فهو مؤشر ونذير لإنفصام العلاقه الإفتراضيه بين الحكومه ومواطنيها والنزوع الي الإنعزال المجتمعي عن الحكومه وبالتالي الرفض لكل ما هو صادر عنها وهو مؤشر خطير يجب إتخاذ التدابير اللازمه وليست الحازمه لمعالجته …
مجدي المصري
التعليقات (0)