مواضيع اليوم

الراحلُ إلى حَتفهِ

Shuwan Hassan

2009-04-06 14:32:42

0

 

 

 

 كانتْ ليلتي مشحونةٌ كمزاجي المتعكر مُنذُ أسابيعْ.

أستيقظت هذا الصباح على صوتِ هاتفي الذي ودعتهُ قبل الفجر ربما بدقائقْ. كان يرن بألم وكانه مرثية كربلائيه. على الطرف الثاني شابٌ ذو صوتٍ مألوف. مقاوماً دمعهُ أخبرني بكل مأوتي الحزنُ من وطأة وجبروت:"عظم الله اجرك في آدم!"

اُسْقِطَ الهاتِفُ مِنْ يدي وتحول الصبح فجاءة الى ظلمه.ُ قُتِلَ آدم اذاً وقُتِلَتْ معه احلامهُ الصغيرة في أَن يعودَ إلى ارضه يوماً ليزرعها ورداً بدلا ً من اشلاء الاهل والاصحابْ. قُتِلَ وقُتِلَتْ مَعَهُ احلامه بتعليم ابناءه وتزويجِ بناته.

رَحلَ ولم يخطر بباله ولا لِلحظه –ولا ببالي، أن تلك الناقة ستعجل بحتفه اليه. ستقتله كما قتلت الكثيرين من قِبلِهِ في هذهِ ألارضِ السخيةِ بالدمْ.

أرضٌ لاتَشْبع ومازالت تصرخُ هلْ مَنْ مَزيدْ! غبيٌ كنتُ حينها يآدم إذْ لَمْ أوقف جنونكْ! ولعلي شاركت في حفلِ توزيعِ دَمِك يومها أو لَعلي تواطئتُ بصمتي؟

لن اسمع سُخريتَكَ من دفتري ومن رحلاتِ البحثِ عَنْ ورقٍ هانذا اكتب فيه نعيك. لن تحدثني عن عن رحلتك الى بَغدادْ ولن تُصَمَ اذاني بعد الان بقصص كمب ساره ومغامراتك في شارع السَعْدونْ وسخريتك من عامل البار المصري الذي كان يسكر اكثر من زوار البار ذاته في شارع ابي نؤاس. كيف تسنى لَكَ أنْ ترى كُلَ ذلك في مدينة شهيةٍ مثلَ بغداد أنا الذي ظننتُ أني اكثر من احبها على وجه هذه الأرض ؟
جسدك سيبقى هنا في هذه البقعة المنسية في الذاكره واعلم ان روحك ستذهب لتطوف ببغداد قبل ان تلقي نظرتك الاخيره على بيتك! غبيٌ لأني تركتك لقَدَرَكْ وصغيرٌ وأنا اكتبُ عَنْ موتِك. ذاتَ يوم سيقتصُ كلانا من الموت يآدم فنم هنيئا ولتقَر عينكْ.
أيقظتني ليلة أمسْ! أتراه كان كابوسُ نباءِ موتِكْ؟ أمْ تُراها كانت رائحةُ البخورِ المعطرَةُ بِدَمِكْ؟

كأنت مُجَرَدَ ناقةٍ يآدمْ. كانت مَشروعا للذبحِ في عيدٍ من الأعيادْ. فأذا بِكَ وإذا بِأهل القريةِ كُلِهم وإذا بِكُلِ أهل الآرض يُقَرِبُونَكَ أُضحية على مَذبحِ الناقةِ !
أم تُراكَ كُنتَ تَظنُ أنَ دمائكَ ستوقِفُ مشروعَ البؤسَ ألغنيِ بالمتطوعين موتاً؟

رحلتَ أيُها القروي الحديثَ العهدِ بالموت ولم تتعَلَمْ مِنْ بَغْدادَ كما تعلمتُ أن أفِرَ من عشقها ألى قدر الله. بغداد التي رحلت هي الاخرى وتركت جرحا عميقا في الذات سأحتاج معه الى عُمرٍ آخر لكي يبراء.

أيها المقتُول خلسةً من الحياةْ
ايها الراحل بدونِ زادْ
سأُعزي النفس فيك من بعيد
وأتقبل العزاء في احياء بغداد
وسأمسح دمعة أُخرى
هبت لنجدتها أُخرى
وتلتها أخرى بعد أخرى
إلى رجل رحل الى الموت على قدميه

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !