الرئيس محمود عباس بين المصلحة الوطنية والمواقف الإنسانية
د-ناصر اسماعيل جربوع اليافاوي
في زمن بات الكل يبحث عن مصالحه الشخصية أو الحزبية الضيقة ، في زمن ظهرت فيه اعلي مراحل تبدل القيم ، ومحاولة الكثير ربط مصالح شعب – بل أمه – مرهونة بعتبات خارجية ، كان لفلسطين رجل من نوع آخر ، رجل رضي لنفسه ولتاريخه أن يكون إنساناً فلسطينياً يمتاز بالبساطة الفلسطينية والواقعية ، التي تغيظ كل من يخالفه ، انه محمود عباس الرئيس الجماهيري الشرعي الذي تسلل بمنطقية إلى قلوب الناس العقلاء والبسطاء والوطنيين ، واقتنع الكثير ممن يضعون فلسطين في وجدانهم وعقلهم الظاهري والباطني، اقتنع هؤلاء أن المشوار الوطني النقي النظيف لا يمكن أن يستمر دون محمود عباس ، لأنهم شاهدوا فيه انه مثلهم يفرح بفرحتهم ويحزن مع أحزانهم .
زاود الكثير من الخراصين على السيد الرئيس ومنهم من تشدق بالثوابت وتغنى بالشعارات الملونة بألوان مستوردة ، وكثرت الأقلام المسمومة المغمسة بالزعاف ، وانتقلت الأقلام من وصفه بفخامة الرئيس الديمقراطي العادل وشبهوه حينا من الدهر بالفاروق عمر ، ولكن يا سبحان الله عندما تمسك بصخرة الثوابت واسقط الأقنعة ، أصبح ينعت بألوان مختلفة ، ووقف المتعنتون الخراصون في مواقف منسجمة مع أعداء أبو مازن من المستوطنين وأنصار اليمين المتطرف في إسرائيل والمحافظين في أمريكا وأوربا .
محمود عباس وهو الأدري بسيكولوجية المجتمع الإسرائيلي والأوربي يدرك مفاتيح المعادلة ويدرك بشكل يقيني أين تتجه الأمور ، رغم الظروف والمؤامرة الجسام التي تعرض لها ، ورغم ممارسة أمريكيا معه كافة التجارب السيكولوجية ابتداءاً من سياسة العصا والجزرة مروراً بالتجارب الإشتراطية إلا انه كان أكثر ثباتا ً وذكاءاً ، وقام بجولاته المكوكية واستطاع أن يضع إسرائيل وأمريكا ومن يحالفهما بشكل مقصود أو غير مقصود في زاوية ضيقة ، لأنه الأقدر في هذه المرحلة على فهم اللعبة ، ورغم الإغراءات والوعود الخادعة إلا انه رفض أن يستمر في سلسلة واهية قد لا تؤدى للوصول إلى نهاية الطريق التي رسمها لنفسه ، وفى تقديره أن الشعب الفلسطيني الطيب الذي اختاره بناءا على رؤيته وبرنامجه السياسي الواضح البعيد عن الوعود- المغلفة بصبغة مقدسة - التي تدخل الفلسطينيين في أهرامات من الخيالات التي يصعب تحقيقها في الزمان والمكان الراهنين ، وصمم حتى آخر لحظه - من قرار عدم الاستمرار- بأن يكون واقعيا وصادقا مع شعبه الذي أحبه ، فرفض الاستيطان، ورفض المفاوضات دون جدوى وسقف زمني ، ورفض التنازل عن الثوابت وتحدى المزاودين ، وخرج في أكثر من مرة من الأزمات التي رسمت ودبرت له ، خرج خروج الواثق المنتصر بواقعيته انتصر في معركته الإعلامية بأساليب نظيفة غير قذرة ، تمثلت برزانته البعيدة عن الردح الأعمى لأنه يري بأربع عيون وعين خامسة هي عين الشعب ، أتدرون لماذا ؟ لأنه يفكر بعقلية محمود عباس الفلسطيني الصفدى المشربة برياح فلسطينية خالصة غير المحتاجة إلى رياح غربية، ولا شرقية واعتاد أن يتحدث دون ملقن ودون مساندة من احد مستشاريه ، وشعر الفلسطيني الأصيل أن حديث محمود عباس دوما يخرج من القلب والى العقل والقلب ،
في سؤالي أمس للنائب المناضل – ضمير غزة- الأخ الصديق أشرف جمعة عن تقيمه للقاء الرئيس أبو مازن في تلفزيون أوربت ، فكان حديث هذا النائب الشعبي الجماهيري ينسجم مع موقف الشارع الغزي ، وتحدث ببساطه الواثق قائلا (أبو مازن ربان سفينة ، تسير في بحر لجي ، كثرت فيه الأنواء ، واثبت انه رجل شديد المراس ، ورؤيته الوطنية الخالصة بعيدة عن التعقيدات ، لأنه رجل وبشكل واضح صادق في نهجه وفلسفته الوطنية وراسخ في أذهاننا وقيمنا الفلسطينية رسوخ الجبال ، لذا أنصح كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حماس أن تتوجه بصدر رحب وتتمسك بمحمود عباس لأنه الأقدر – في هذه المرحلة التاريخية العصيبة – أن يقود هذه السفينة الفلسطينية في وسط هذه الأمواج الدولية المتلاطمة )وأضاف النائب اشرف جمعة في سياق آخر ( الأخ الرئيس محمود عباس يذكرني بشخصيات وضعت بصماتها في الإعداد النقي غير الشوب لمراحل البناء الوطني أمثال ( المهاتما غاندي والراحل ياسر عرفات وسوار الذهب ) ،، ويعقب النائب جمعة - وشعرت الصدق في كلماته الخارجة من قلب فلسطيني غيور – بالقول أن لقاء السيد الرئيس الأخير على قناة أوربت ، كان حديث ذو شجون هز قلوبنا ومشاعرنا ، خاصة نحن أبناء قطاع غزة المنتظرين منه الكثير ليكمل معهم المشوار الوطني لان الطريق لا زالت في بدايتها )
وانسجاما مع قول النائب اشرف جمعة المنتخب جماهيرياً، نسحب كلامه على الجماهير المحبة لأشرف جمعة والتي أعطته الثقة لأنه يسير على نهج أبو مازن ، لان غالبية الشارع الغزى بات يكره الشعارات الزائفة ، وتيقنوا من خلال لقاءات وحوارات أبو مازن في العديد من المحافل المحلية والدولية أن أبو مازن الرجل التي عرفته أروقة الدبلوماسية العالمية ، رجل فلسطيني خالص مثلهم يكره الشعارات والكلمات المرونقة ، وكل جل تفكيره أن ينسج لمجتمعه الفلسطيني بيتًا خيوطه مصنعة من ارض فلسطين الذهبية ، لا خيوط مستوردة تصبح اوهن من خيوط العنكبوت ، وانطلاقاً من هذه الرؤى الفلسطينية ومعرفة مدركات الشعب الحسية والعقلية ، أصبح من المستحيل عليهم أن يتخيلوا مستقبل فلسطين الراهن دون رؤيتك يا سيادة الرئيس ، لأنهم بدءوا معك مشوارهم الوطني ويتأملون أن يكملوه معك ، واعتقد أن البديل الآن مستحيل ،، لأنك الأقدر، والأكفأ والأكثر إنسانية وجماهيرية ، قلوب أطفالنا ترنو إليك وعيونهم الدامعة تنظر إلى عيونك الفلسطينية الصادقة، وتنتظر أن تصنع معك غد مشرق ، ويفتح التاريخ المشرف لك أوسع أبوابه
التعليقات (0)