عجيب أمر هذا الرجل الممدّد على سريره فى محكمة قتل الثوار .. لا يحرك ساكنًا .. لا ينطق ولا يتكلم .. تبدو عيناه زائغتين والخوف يملأ قلبه مما يجرى حوله، ربما يخفى ذلك كله بنظارته السوداء .. لكن السؤال الأهمّ هل هو مريض أم يتمارض؟ هل يسيطر عليه الرعب أم يستجلب عطف الناس والعالم؟ هل هذا الرجل الضعيف فعلا كان يحكمنا بالحديد والنار والكل يرتعد لسلطانه؟ أم كنا جبناء لا نرى خوره وضعفه؟
قطعًا الرئيس المخلوع يمثل دوره فى التمارض بكل اقتدار؛ فمن شاهده داخل أكاديمية الشرطة وهو ينزل من الطائرة العسكرية يرتدى بدلة «شيك» ونظارة سوداء ويمشى بسرعة يُحسد عليها لدرجة أنه كان يسير أسرع من حرسه الخاص يدرك حقيقة تمارض مبارك.
إذا كان الرئيس المخلوع يتمارض ليستجلب عطفًا من الشعب فلماذا لم يشعر مطلقًا بشعبه طوال 30 عامًا كاملة؟ لماذا لم يتعاطف مع الفقراء والمعدومين الذين بلغوا 40% من الشعب المصرى؟ بل لماذا لم يتحسس معاناة سكان القبور والعشوائيات الذين لا يجدون مياهًا نقية وصرفًا صحيًا ولا حياة كريمة، لماذا مات قلبه وهو يسرق أموال هذا الشعب الفقير؟
والله لا أدرى هل لدى هذا الرجل عقل يعى أو قلب يخفق، فما الفائدة التى جناها من وراء نهب وسرق ثروات مصر وهذه المليارات التى خبأها فى بنوك أوروبا؟ ما الذى استفاده وهو الآن فى أرذل العمر، ويقف خلف القضبان مثل المجرمين واللصوص؟ ألا يفكر قليلاً فى أن يشترى نفسه وسمعته وكرامته فيرد الملايين التى سرقها لخزينة الدولة ويعتذر لهذا الشعب الذى خان أمانته؟
والغريب أن المخلوع يسعى لتعاطف العرب والعالم وهو لم يتعاطفْ مع أبناء غزة الذين شارك فى حصارهم بإغلاق المعبر، حقا نشعر بالخزى والعار أن هذا الرجل كان يحكمنا فى يوم من الأيام.
إذا كان «مبارك» مريضًا فيجب أن يعامل ككل السجناء المرضى، ويتم وضعه فى مستشفى طرة «حتى يجرب ما فعله فى الآلاف من المصريين ظلمًا وعدوانًا.
أكبر جريمة فعلها مبارك هى تقزيم دور مصر حتى أضحت دولة ذليلة، بعد أن كانت رائدة الأمة العربية .. تحولت إلى بلد متسول يعيش على الفتات، بعد أن كان بلدًا غنيًا بثرواته وموارده .. أصبحت مصر فى عهد مبارك حليفًا بلا ثمن لأمريكا المتغطرسة وكنزًا استراتيجيًا لإسرائيل، وهو ما دعا نتنياهو إلى وصفه بـ "الصديق العظيم".
أعتقد أن محاكمة الرئيس المخلوع حسنى مبارك سابقة تاريخية، قد تكون الأهم منذ قرون، فقد جرت العادة، أن يفعل الحكام المستبدون ما شاءوا من قتل وسفك ونهب دون حساب أو محاكمة.. ربما يستخدم مبارك كافة الألاعيب للإفلات من العقاب على جرائمه، وأظن أن ذلك صعب للغاية مع يقظة الثوار والشعب المصرى الذى يريد محاكمة عادلة لكن محكمة التاريخ ستكون أشد وأنكى على ما اقترف فى حق مصر والعرب، فضلا عن محاكمة رب العالمين التى قال فيها: " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ "
مقال ل
خالد الشريف
التعليقات (0)