مواضيع اليوم

الرئيس أوباما..وصديقه الفشل

كلكامش العراقي

2010-01-14 18:07:28

0

عام مضى على تولي أوباما سدة الحكم في الولايات المتحدة..أي أن ربع فترته الرئاسية قد أنقضى الآن فهل أوباما اليوم على طريق تحقيق وعوده التي قطعها للأمريكيين وللعالم قبل الأنتخابات؟؟
اول وعود أوباما والقاضي بأغلاق معتقل غوانتنامو في كوبا بحلول أواخر كانون الثاني لم يتحقق.وأضطر الرئيس الى تأجيل موعد الأغلاق حتى يتم البت بمصير نزلاء هذا السجن وتهيئة مكان لنقلهم اليه.
وعود أوباما حول أفغانستان هي الأخرى لم تتحقق..بل أن تردده في أتخاذ قرار بتعزيز القوات هناك أدى وبشكل كبير الى أعطاء مزيد من الوقت لأرهابيي طالبان لتنظيم صفوفهم..وزيادة القوات بحد ذاتها في حقيقة الأمر مخالفة لوعود أوباما الأنتخابية التي ركزت على أنهاء الحروب الحالية في أفغانستان والعراق حيث أن الخطة الحاليية تعد أستنساخا لخطة الرئيس بوش في العراق (والتي أنتقدها الديمقراطيون وعارضوها بشدة) والتي قضت بزيادة عديد القوات الأمريكية لقصم ظهر الجماعات الأرهابية ودعم الجهود المحلية في الأنقلاب ضد هذه المجاميع في وقت أنتقد فيه معظم الديمقراطيين تلك الخطة ليتحسن بعدها الوضع في العراق ويوقع أتفاقية أمنية لتقليص الوجود العسكري وسحب القوات تم التفاوض عليها وتوقيعها قبل وصول أوباما الى الحكم وهو بذلك لم يقدم جديدا في هذا الشأن.لكن وفي الشأن العراقي ذاته نرى أن سياسته القاضية بتلافي الصدامات قد هيأت لأيران لأن تقوم بأستفزازها الأخير في بئر الفكة حيث كانت متأكدة من أن الجانب الأمريكي لن يرد على هذا الأمر مستغلا الصمت الرسمي العراقي لتبرير المسألة وأعتبارها شأنا خاصا بينما نتذكر كلنا رسالة بسيطة –لكن مؤثرة- بعثت بها أدارة الرئيس بوش الى جوار العراق بغارتها على مدينة البوكمال السورية الحدودية والتي حملت في حينها معاني عدة كان أبرزها أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري عبر الحدود السورية.
معالجة الرئيس أوباما للشأن الأيراني مشكلة بحد ذاتها...
فأوباما وخلال عامه الأول لم يفلح بتطبيق سياسة العصا والجزرة...فنراه قد أكثر من أستخدام جزرته ونسي التلويح بعصاه مما جعل البعض يظن الولايات المتحدة بموقف ضعيف للتفاوض..ورغم أن العاقل يرى خطأ هذا الأمر الا أن المشكلة أن كل مسببي المشاكل الدولية هم من الحمقى الذين لايرون من الأمور الا ظاهرها وهنا أيران ليست أستثناءا..
فالنظام الأيراني أستغل المهلة الطويلة التي منحت له - والتي بدت أقرب الى الأهمال وغض النظر- من أجل المضي قدما في برنامجه النووي وليس من أجل دراسة المقترحات الدولية لحل الأزمة..ورغم أن المهلة قد أنتهت بنهاية العام العام الماضي ألا أن أدراة أوباما لم تعلن حتى الآن عن تحركات لفرض المزيد من القيود على نظام طهران..
وبكل تأكيد نظام طهران سيواصل مساعيه النووية لأنه يرى أنها الضمانة الوحيدة المتاحة له بوجه التهديدات الخارجية وبالتالي يتسنى له التفرغ لمواجهة التهديد الداخلي الشعبي ومعالجة الأنقسامات التي أصابت أركان النظام نفسه..خاصة وهو يرى أن لاتهديد (بأستثناء التهديد الأسرائيلي بالطبع) يوجهه في حال قرر المضي ببرنامجه النووي حيث أن معظم تصريحات الأدارة الأمريكية أنصبت حول مزيد من العقوبات والخطوات السياسية ولم تشتمل تهديدات أخرى حتى تصريح الجنرال بترايوس الأخير حول أعداد خطط طوارئ لمواجهة التهديد الأيراني والذي تأخر كثيرا..
النظام في طهران نظام لابد من أن يشاهد العصا أمام عينيه كي يتعقل بأتخاذ قراراته أما أن تطرح له الجزرة وهو لايشاهد أي عصى في الأفق فتلك طامة كبرى..الوقت الحالي هو أنسب وقت للضعط على النظام الأيراني من أجل تحقيق مكاسب جيدة.فهو يعاني اليوم من تآكل شعبيته ومن تراخي قبضته وزحف العسكر على كل مؤسساته المدنية كما يعاني من شروخ في أركانه وبالتالي هو الآن في وضع صعب ويجب صب مزيد من الضغوط عليه للوصول الى نتيجة من أثنتين..أما رضوخه للشرعية الدولية وأنصياعه لقرراتها أو تحطيمه أن رفض بتسليط مزيد من الضغوطات عليه وتركه لينهار أمام المعارضة الشعبية المتزايدة له..فأوباما بأشغاله بأمور أخرى هذه الأيام (وخاصة التهديد الأرهابي لأمن الولايات المتحدة) يفوت فرصة ثمينة لتحقيق مكاسب على المحور الأيراني الذي يبدو أن أوباما تخلى عن أدارته للأوربيين حتى أن المتابع يرى أن التصريحات الفرنسية والألمانية أكثر حدة بكثير من التصريحات الأمريكية حول مواضيع ذلك الملف..
في الشرق الأوسط أيضا فشل آخر لأوباما حيث لم تفلح الجهود الأمريكية حتى الآن في دفع مسار التفاوض في المنطقة بين الفلسطينيين والأسرائيليين رغم تعيينه لجورج ميتشل كمبعوث خاص للسلام  في الشرق الأوسط ولم تفلح ضغوطات الجانب الأمريكي في دفع الجانبين الى الجلوس على طاولة المفاوضات.فلا الأسرائيليين جادون في وقف الأستيطان ولا السلطة الفلسطينية قادرة على التفاوض في ظل الأنقسام..كما لم تفلح الجهود المصرية المدعومة أمريكيا بوضع حد للأنقسام الفلسطيني الذي كرس سلطة حماس في غزة وأعطى مزيدا من الحرية لحركة بعض التنظيمات المتطرفة فيها مما يهدد بتحويلها الى حاضنة أخرى من حواضن الأرهاب في المنطقة وهو ماسيعني مزيدا من الأزمات ومزيدا من سفك الدماء والنزاعات في المنطقة.
باكستانيا لم يأت الرئيس أوباما بجديد في سياسته فواصل أستراتيجية الضربات الجوية بالطائرات المسيرة بالتوازي مع العمليات التي ينفذها الجيش في مناطق القبائل التي ينشط فيها أرهابيو طالبان باكستان..
حتى في أمريكا اللاتينية لم يفلح الرئيس أوباما في تحقيق أختراق في العلاقات مع البلدان ذات الحكام اليساريين.بل بالعكس قد أثار حفيظتهم مرات عدة خاصة بعد الأتفاق العسكري الأخير مع كولمبيا ومع أعلانه بالقبول بالأنتخابات في هندوراس بدون أعادة الرئيس المخلوع الى الحكم..
لو أبتعدنا عن البلدان لنناقش الأستراتيجيات بشكل عام لوجدنا أن أوباما وخلافا لمعالجته للملف الأقتصادي بنجاح فشل في مواجهة ملفات عدة أخرى..
فعلى صعيد الحرب ضد الأرهاب والتي طالب أوباما في حملته الأنتخابية بأن تركز كل جهودها على باكستان وأفغانستان بأعتبارهما مصدر التهديد الأساسي للأمن العالمي وأنتقد حينها أدراة الرئيس بوش على فتحها لجبهات عديدة في تلك الحرب..نراه اليوم جر الى فتح جبهات جديدة حاول كثيرا التغاضي عنها خصوصا في اليمن ومنطقة القرن الأفريقي..وما أنتتقد الرئيس بوش على القيام به أستباقيا يقوم به أوباما اليوم مجبرا ولو بطريقة الحرب بالنيابة والتي لن تخلو بكل تأكيد في الحالة اليمنية من التدخل الأمريكي الذي قد يكون غير معلنا لكنه حتما موجود من خلال القوة الجوية والقوات الخاصة وربما بعض عملاء الأجهزة الأستخبارية..
أوباما قد فعل الأمر الصحيح لمعالجة القاعدة في اليمن لكن حله كان متأخرا وكان سيتأخر أكثر فيما لو لم تنفذ القاعدة عمليتها الأرهابية الفاشلة على طائرة الدلتا أيرلاينز أو لو نجحت العملية حيث كان التحقيق وأكتشاف الأسباب ومن ثم تعقب الأرهابي سيأخذ وقتا بالتأكيد مما يعطي القاعدة مهلة للأستعداد. 
بعد تلك الحادثة وحوادث فورت هود وقاعدة خوست الأخيرة يبدو أوباما بحاجة أكثر من أي وقت مضى للعودة الى مفهوم الضربات الأستباقية والتي بكل تأكيد ستجهض نسبة كبيرة من أعمال الأرهابيين ضد السلم العالمي لكنها وفي نفس الوقت ستقتضي زيادة الأنشطة العسكرية وفتح جبهات جديدة في الحرب ضد الأرهاب..فالتركيز على باكستان وأفغانستان وحدهما اليوم لم يعد مجديا..
على صعيد حقوق الأنسان بأستطاعتنا أن نسجل تخفيفا للضغوط على الأنظمة المستبدة والتي تعرضت طوال الثماني من حكم الرئيس بوش لضغوط للقيام بأصلاحات خاصة مع تزايد الحذر العالمي من الأرهاب الذي يعد الكبت والدكتاتورية والقمع أحد أهم أسباب أنتشاره..ورغم أننا قد نعذر الرجل في دعمه للنظام اليمني مثلا لمواجهة القاعدة لكن ذلك لايمنع أن يكون هذا الدعم مرتبطا بأصلاحات ولو بسيطة للأوضاع السياسية وأوضاع الحريات الشخصية والصحفية والكلام هنا ينسحب على واقع البلدان العربية الأخرى الحليفة للولايات المتحدة..
الرئيس أوباما وفي السنوات الثلاث القادمة سيجد نفسه مضطرا للتخلي عن العديد من المشاريع التي تبناها في السابق..فسياسة الأنفتاح على الآخرين لم تأت أكلها حتى الآن بل تزايد التهديد الأرهابي مما يستدعي زيادة في الأجراءات الأحترازية.
لقد نسي الرئيس أوباما أو أنه قد لايعلم نقطة هامة..اليد الممدودة الى البلدان التي يكثر فيها "العداء" للولايات المتحدة لن تغير من واقع الحال شيئا فالعيب كما يبدو ليس في أفعال الأدارة الأمريكية بقدر ماهو خلل في تفكير الجهات المعادية للولايات المتحدة والدليل أنها تعادي كل البلدان الغربية.فالأجندات العدوانية لدى تلك الجهات تقتضي وجود أعداء لها (ولو من أبناء جلدتها) كما تقتضي أيجاد مبررات لتخبطها وفشلها..وبالتأكيد  لن تجد أفضل من دولة عظمى لأقاء تبعات الفشل عليها..فنظرية المؤامرة لاتصلح للأستخدام أن كان المقابل هشا وضعيفا وعاجزا..وتحسين صورة الولايات المتحدة في الخارج لن تنفع مواطنيها أن هدد أمنهم بأحداث 11 أيلول جديدة..
حتى أغلاق غوانتنامو لن يقلل من قدرة القاعدة وأشباهها على تجنيد الأرهابيين فهؤلاء يستطيعون تضخيم بعض الأمور التافهة أو حتى أختلاقها من أجل تجنيد الحمقى (وما أكثرهم)..بالعكس أغلاق غوانتنامو قد يفقد الجانب الأمريكي أحدى وسائل الردع لهؤلاء..كما أن اعادة قسم من نزلائه لبلدانهم قد يدفعهم من جديد للعودة الى التنظيمات الأرهابية كما هو الحال مع بعض اليمنيين والسعوديين..
والأمر نفسه ينطبق على بلدان أمريكا اللاتينية ذات التوجهات اليسارية..فقد نسي أوباما في حملته الأنتخابية بأن الخطأ قد لايكون في سياسات بلده تجاه هذه البلدان بل قد يكون نابعا من سياسات تلك البلدان نفسها..
أفضل وسيلة لأدارة التعامل مع الآخرين هو أن تبرز قوتك أمامهم لكي يتبين لهم حجم المأزق الذي سيقعون فيه أن هم أخطأوا بأتخاذ قرار ما..
فوحدهما الحزم والقوة يردعان المتطرفين والأنظمة الدكتاتورية..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات