مواضيع اليوم

الرؤية عبر مجهر القصيدة

أحمد الشرعبي

2011-07-26 05:00:36

0

 الرؤية عبر مجهر القصيدة . للكاتب / إبراهيم أبو عواد . جريدة العرب اللندنية 25/7/2011

 

تتجلى أهمية القصيدة في كَوْنها استثماراً في جسد اللغة الحي والحركةِ الطبيعية للتاريخ. وبالتالي فإن الكتابة الشعرية تخترع تاريخاً جديداً للعناصر . مما يدفع باتجاه تعميق الدلالة الواعية للبناء الاجتماعي الذي يسبر أغوارَ المجتمع الذي يعيش فينا على شكل أفكار وقصائد وتجارب فلسفية وجدانية تأخذ بأيدينا نحو الضفة الأخرى للحلم ، حيث تقيم ثقافةُ الأسئلة مملكتها الكبرى .
ومن خلال ترسيخ الفكر الشِّعري كحالة معرفية عمومية فإن مبدأ التجاوز سوف يتجذر في الجسد القصائدي ، أي إن تدفق القصيدة السلس والعارم سيجعل تقنياتِ النص الشعري تتجاوز ذاتها نحو شكل ثقافي أكثر تأججاً . وهذه الشكل القصائدي الذي يلد نفسَه باستمرار ضمانةٌ حقيقية للخلود والديمومة، لأنه عملية تكاثر مستمرة لا تتوقف . فالكتابةُ الشعرية هي خلايا فكرية مشتعلة تواصل لمعانها بفعل تراكمها وانقسامها . وهذا الانقسام لا يعني تشتت الفكر الشِّعري وضياعه ، وإنما يعني كثرة الولادات وتزايد الفروع التي تنتهي إلى أصل واحد ( القصيدة ) .
إن البنية الفكرية المرتبطة بتأثير القصيدة في الزمان والمكان نابعة من ثنائية ( الحِراك/ التحريك )، أي صناعة حِراك اجتماعي فعال وقادر على احتضان الجميع بلا إقصاء ، وتحريك الماء الراكد في المجتمع عبر كسر الجمود والملل الوظيفي. فالمجتمعُ المشلول بحاجة إلى الصدمة الكهربائية( القصيدة) التي تعيد الحياة إلى الخلايا الاجتماعية الميتة . وهنا تبرز أهمية الجرعات الشِّعرية في صعق الجسد المريض لإحيائه .
ومن خلال هذا الدور الثقافي الفعال في الإطار الاجتماعي تتضح أهمية الأبجدية الشعرية التي تقاتل على كل الجبهات. فالشِّعرُ أبجديةٌ تلد نفسَها لتعيد الحياة إلى مجتمعها ، وهذا الالتصاق الوثيق بالحياة يُعطي الشرعيةَ لكل الأشكال الثقافية الطامحة إلى تحرير الجماعة البشرية من الخوف والوهم.
وكلما بحثنا عن أدوار اجتماعية للنص الشِّعري اكتشفنا نقاط القوة في كيان المجتمع . فكثيرٌ من المجتمعات تظن نفسها ضعيفة مع أنها عكس ذلك . وهنا يتجلى دور القصيدة في رؤية ما لا تراه العينُ المجرَّدة . وبالتالي فإن النص الشعري _ في حقيقة الأمر _ عبارة عن مجهر يكشف لنا العناصرَ غير الواضحة للعيان . مما يقود إلى اكتشاف رموز جديدة لتاريخ الحلم الاجتماعي ، وتكوين تفسيرات جديدة للسلوك الشِّعري وارتباطه بالحلم الإنساني الطامح إلى التغيير .

http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات