مواضيع اليوم

الذّات أو (الأنا) المتمردة

رَوان إرشيد

2010-11-08 20:26:14

0

الذّات أو (الأنا) المتمردة
بقلم: رَوان إرشيد - النّاصِرة

يُقال: (إنَّ الأنا تتوقف على معرفة الذّات من خلال الوعي بذاتها. ودون حدث النّفس لا يمكن أن نحيّا إدراك تميزنا عن غيرنا مهما كانت تأثيرات اللّغة، ومهما كانت حدود الخِبرة، ومهما كانت القوالب الإجتماعيّة).


استوقفني موضوع كلمة (أنا) المتمردة كثيرًا، كنتُ ولا زِلتُ كثيرة التساؤلات حول (الأنا) كحقيقة نفسيّة وفكريّة، وحينما أُخاطبها وأكرر مخاطبتها أجد صُعوبة بالغة في التركيز. وجميع من حولي عاتبني ظنّها غرورًا يعتلي النفس. ولم يعلمون أنّني هكذا أستمع لنفسي، وحواسي، وادراكي.
لا زِلتُ أتساءل عمن يُحدد الأنا!.. أهِي الذّات الّتي تنعكس على نفسها في معرفة أحوالها؟ أم هو الجوهر المُخالف للجسم وأحواله؟ أم هُو ذلكَ الشيء المختبئ وراءَ البدن؟!..
كيف لنا أن نجعل (الأنا) تعرّف نفسها من غير وسيط؟
كيف لنا أن نعيش سُعداء ونحن دائمًا في تلكَ الدّوامة النفسيّة بين (الأنا) الفِكريّة؟
كيف لا تتألم أجواء (الأنا)؟ وكيف لها بعدما أصبحت غريبة تنظُر الى نفسها بنظرة الآخر لها؟

كيف لها أن تدفع التفكير الفلسفي بأن يهتم بمفهوم الغير محاولاً تحديد مدى تأثير احداهُما على الآخر، وطبيعة كل منهما بالنظر إلى الطرف الآخر؟
كيف لها (الأنا) ألاّ تكون مثلها مثل تلكَ الإشكاليّة الّتي لها علاقة بين السَلب والمُماثلة؟
متى ستستيقظ تلكَ الأفئدة المُخدّرة؟
وما هو التأثير الّذي يجعل الغير أن يُؤثر وجوده في (الأنا)؟
وكيف لنا أن نقيس سّعادتنا كونها موجودة في (الأنا)؟
ولِمَ لم نَعُد ندرك أن إنارة المصباح في المساء كَشروق الشمس بعد الفجر؟
هكذا غنى الأخطل الصغير «اليومَ أصبحتُ، لا شمسي ولا قمري/ مَن ذا يغنّي على عودٍ بلا وترِ».


صديقتي هي صَديقتي الّتي فارقت الحياة والّتي كتبتها في روايّة من رِواياتي، في صفحة من صَفحاتي، بقلمًا من أقلامي.. كانت تقيس سعادتها على أنّها حكمةً أثمن من اللآلئ، وجميع الجواهر لا تساويها، وكما قالت الأديبة كلثوم عودة في سيرتها الذاتيّة: "إنَّ تذْليل المصاعِب لبُلوغِ المُراد هُو أكبر عواملِ السّعادةِ". كثيرًا ما كنتُ أعارضها الرأي بهذا الأمر، وبنفس اللّحظة أكون مندهشة بردّي وبانفعالي، أُحاول أن أقنع نفسي بإجابتي بشتى الوسائل والطرق وهي: "بأنَّ السّعادة باهِظة الثمن"، ولكنّها سُرعان ما تقول لي: "انَّ الباهظ هو عدم الإكتِفاء بِها"...

تبقى علاقة (الأنا) هي علاقة صِراع ذاتي، تجعلنا بأن نشعر أنّنا مديونين للسّعادة وللإنسانيّة بكل ما نملك من مواهب وَقُدرات ماديّة ومعنويّة.
فعندما نتلقى جُرعة حُزن يبلغ تمرد (الأنا) أقصاها فنتلملم حول أنفُسنا ونصغي الى أنينها حتى تستغرقنا شكواها وتجعلنا لا نشعر بِسواها. وتبقى (للأنا) ثرثرة وثورة متمردة تزداد جهادنا لها وزجرنا لها وصبرنا على نزواتها ورغباتها.

وهكذا تلاشت وَذابت (الأنا) في ذلكَ الوجود وترفعت من سُلطة الغير. ونحنُ غائِبون والكُل عنّا غائِب حدّ اللآشعور، حدّ الإنصهار، حدّ النهايات، حدّ اللآمعقول .. وما زِلتُ أتساءَل ذات الأسئلة الأزليّة المعتادة.


فعبثًا من هذه (الأنا) الّتي تأتينا في جميع الفُصول وتحوّلنا رمادًا أشبه بجثة هامده على عرش سحيق، حتّى أُصبحتُ أنا لستُ أنا في ذاتَ الوَقت الّذي يجب عليّ أن أكون أنا هي أنا.. فجعلتُ نفسي مخالفةً لقانون الهويّة من خلال أنّني أُحاول البحث عن الهويّة. ويبقى التضّاد والتناغم في محاولة البحث عن (الأنا) المتمردة والمجردة من الغرائز، والمشاعِر، واخضاع الضمير. ولم يتبقى سِوى الرّبط بين الوعي واللآوعي وتجاوز (الأنا) دون إلغائها.
وتبقى (الأنا) بوسطيّتها كالشعرة الدقيقة يُصعب فرزها ويُصعب استخلاصها.
ويمضون ونمضي.. مهرولون مع عقارب السّاعة المعلّقة على حائِط العُمر. وتختفي الملامح تغيّرًا مع عقرب الثواني.
وما زلنا نعيش الصّراع الى ذلك الحدّ ..
الحدّ الّذي لا نفهمه، والّذي لا نستوعبهُ ..
حدّ اللآحدّ.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات