الذين يعلمون والذين لا يعلمون

قد تكون الثروة بين يديك وأنت لا تعرف... وكثيرا ما يأتي عالم بحقيقة ما في يدك فيأخذه منك دون أن تشعر أنه خدعك لأنه يأخذها وهو متظاهر أنه يأخذ شيئا لا قيمة له وبعد أن يبتعد عنك يضحك من قلبه علي غفلتك وجهلك. فمثلا قد يكون في حديقتك أو في الأرض التي تمر عليها كل يوم ما تعتقد أنه حصي يختلط بالرمل وقد تكون فيه حصوات من الجواهر الثمينة لكنك لا تعرفها ولم تثر اهتمامك رغم شفافيتها أو لونها الغريب لأنك رأيت الآلاف منها قبل ذلك ولم تدرسها...وقد يكون عندك من المخلفات مثل الأجهزة القديمة أو بعض القطع التالفة من سيارتك معادن غالية الثمن تبيعها بأرخص الأسعار أو حتي تلقيها في مكبات النفاية لأنك لا تعرف قيمتها ولا أين تسوقها...وقد يكون في عقلك حرفة مميزة أو معلومات لها قيمة كبيرة لكنك لا تعرف أين تستغلها ولا أين الذين يحتاجونها ولن يسألك أحد عنها لأنك لم تعلن عنها...كل ذلك يمكن تطبيقه حرفيا في شأن الدول.... فالدول التي لديها علم بالمعادن وطريقة استخراجها تري الرمل الذي في دولتك بصورة مختلفة عن رؤيتك له فشعبك يصنع منه أحجارا للبناء... والشعب الخبير يأخذه ليصنع منه الحاسوب ...هذه حقيقة تحدث فعلا وليست مثلا..وإذا كان هذا هو الواقع فهل تكون الثروة في الملكية أم في العلم بماهية الملكية؟ ..لم تكن الدول العربية لتستخرج البترول ولا أن تفكر فيه إلا بعد أن اكتشفه الغرب ودرسوا فوائده وجهزوا معدات نوعية للتنقيب عنه واستطاعوا أن يستخرجوه وفرضوا علي الدول العربية سعره وكلفة استخراجه وقوانين الحفر والتنقيب والنقل والتسويق والاستغلال وهكذا ...ومثال آخر... كل ما تستورده الدول العربية من منتجات مثل المنسوجات المصنعة من البترول باستخدام عمليات البلمرة الصناعية والمصنوعات الدقيقة والأجهزة والسيارات والطائرات والأسلحة وكل شيء تقريبا توجد خاماته عندنا ولكن الفرق هو أنهم يعلمون ونحن لا نعلم هم ناشطون ونحن متكاسلون هم يصنعون الحاسوب ونحن بالكاد نتعلم كيف نستخدمه هم يصنعون السيارات ونحن نركبها ....هم يصنعون كل شيء ونحن نشتري كل شيء.... هم يفكرون ويتعلمون ويصنعون ....ونحن نملأ الفضاء بالصراخ والغناء والضجيج. وكرة القدم والباقي مما تعرفون... ونملأ أيضا الهواء بالروائح التي تخرج من حيث تعلمون