مواضيع اليوم

الذكرى المئوية لوفاة العلامة المجاهدالشيخ ماءالعينين

ماءالعينين بوية

2010-10-22 15:38:25

0

ذكر أن أرثى بيت رثى به أحد من العرب قول عبدة بن الطبيب في تأبين الصحابي قيس بن عاصم التميمي رضي الله عنه:

فما كان قيس هلكه هلك واحد لكنه بنيان قوم تهدما


هل أتمثل البيت و أرثي وفاة الشيخ ماءالعينين بعد قرن من الزمن، وهل يصح لي أن أقول أن بنيانا قد تهدم بوفاته رضوان الله عليه، بنيانه باق بذكراه و، وبسيرته التي مازالت تردد و تلقن، و بتراثه و كتبه و تصانيفه، فما تهدم البنيان و ما انطفأت تلك الجذوة التي انبعثت سراجا من بلاد شنقيط لتنير عموم المغرب الأقصى في برهة من زمن.
تمر السنين سراعا لتحل سنة 2010 فتحل معها ذكرى مرور قرن من الزمن على رحيل الشيخ ماءالعينين سيدي المصطفى بن محمد فاضل بن مامين، فالشيخ المزداد سنة 1211 للهجرة الموافق لسنة 1831  ميلادية، توفي يوم 21 شوال 1328 سنة  للهجرة الموافق ليومه 25 اكتوبر 1910 ميلادية، ذكرى من الضروري أن يتم الاحتفاء بها لرد بعض من الجميل لهذا الشيخ العالم المرابط المجاهد المجدد، و للوقوف على ما تم فعله و إنجازه في درب المحافظة على تراثه و السير على نهجه في بناء مجتمع عالم متخلق ومجاهد.فالعلم و التربية و الأخلاق، و الجهاد و الحكم الرشيد مصطلحات كانت بامتياز عناوين لمسيرة الشيخ ماءالعينين في حياته. فقد بدأ حياته بطلب العلم  بجنب والده الشيخ محمد فاضل بن مامين  فلما أجازه  وصدره، انتقل الشيخ راحلا بلاد الساحل و تندوف  طالبا للعلم و داعيا لله ، كما حج الشيخ ماءالعينين بلاد الحرمين فكانت حجته الأولى سنة 1858 للميلاد  فمر على  فاس ثم مصر فالحجاز، رحلة مكنته من الإطلاع على أحوال العالم الإسلامي و المستجد فيه، ومن تطور الحياة و بلوغ الغرب أبواب الشرق بمدنيته و علومه و تقدمه.........رحلة مكنته أيضا من ربط علاقات وطيدة بملوك الدولة العلوية المبهرين بشخصه و علمه و فقهه.....
ولما توطدت للشيخ دعائم في الصحراء و تكالب عليه الخلق حتى عد بالآلاف، بدأ الشيخ في بناء نواة حضرية لمجتمعه الكبير ( مدينة السمارة) لتكون قلعة للجهاد و رباطا للعلم و هنا نقف عند شهادة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه الوسيط في تراجم أدباء شنقيط حين يقول "وقد اجتمعت به.. ورأيت منه ما حيرني، لأنه أقدر من معه في وادي السمارة من الساقية الحمراء – الصحراء – بعشرة آلاف شخص، ما بين أرملة ومزمن، وصحيح البنية، وكل أصناف الناس وكل هؤلاء في أرغد عيشة، كاسيا من ذلك الشيخ، و يزوج الشخص و يدفع لمهر من عنده، و يجهز المرأة من عنده، مع حسن معاشرته لهم، و لا فرق عنده بين ولده و المحسوب عليه...." الكلام للشنقيطي و مما يستجب من كلامه أن الشيخ كان يسير جموعا و يدبر أمورها الحياتية وبجانب الزاد و التسيير الحسن، كان الشيخ ماءالعينين مواظبا على تلقين وتدريس العلم بفروعه و حضور حلقاته.......وحينما أطل رأس الاستعمار من بوابة الجنوب بعث الشيخ رسائل التحريض للقبائل في بلاد شنقيط يحضها على الجهاد و مقاطعة النصارى، وكان حلقة وصل بين المجاهدين في الجنوب و بين إمارة المؤمنين في الشمال فراسل السلطان في فاس كي يدعم المجاهدين بالسلاح و العتاد، و عن دور الشيخ ماءالعينين في الجهاد ضد الفرنسيين يتحدث الضابط جيليله فيقول "إن الرجل الذي سيكون خطر عدو لنا في موريتنايا هو شيخ السمارة، فقد برز جليا للعيان بعد مقتل كوبولاني . فانه هو الذي من زاويته ينظم المقاومة ضدنا، فقد كتب إلى كل المشايخ موريتانيا يستحثهم على حمل السلاح، لمقاومة تقدمنا............." إلى أن يقول " وبدعم من سلطان المغرب"( كتاب الشيخ ماءالعينين أمراء و علماء في مواجهة الاستعمار الأوروبي الجزء الثاني الصفحة 229) و لمطالعة تفاصيل أكثر عن رسائل و مكاتبات الضباط الفرنسيين بشأن الشيخ المرجو مطالعة مذكرات الضابط جيليه أو كتاب الشيخ ماءالعينين أمراء و علماء في مواجهة الاستعمار الأوروبي الجزء الثاني.
إنه لمن النادر أن يجمع شيخ جليل بين سياسة الحكم و النظر في أمور العباد و بين الجهاد و مقارعة الأعداء و كذا بين طلب العلم و تدريسه و تأليف الكتب........ميزات قلما اجتمعت في شخصيات تاريخنا الإسلامي، وهنا أتذكر شهادة المؤرخ الدكتور حماه الله و لد سالم حين قال أن الشيخ رجل في دولة.بل إنه دولة في رجل كما كان الشيخ حجة على من أدعى أن الحركات الصوفية كانت سلبية في مواجهتها للاستعمار إن لم تكن حليفة له، رغم أن الشيخ حقيقة لم ينسب نفسه لطريقة معينة بل جعل نفسه مؤاخ لجميع الطرق.
هذه نظرة سريعة لمسيرة الشيخ المعطاءة و التي مهما كتبت قد لا أبلغ كل جوانبها، غير أنه ولله الحمد توافرت الكتب و التصانيف و الشهادات التي تغني كل باحث يريد معرفة الكثير قبل القليل عن سيرة الشيخ ماءالعينين.

الاحتفال بالذكرى المئوية و التي ستشهده مدن الرباط و تيزنيت و السمارة هاته الأيام المباركة  و بالغض عن جميع الاعتبارات و التساؤلات  التي قد تثار غير أنه يبقى فرصة  جيدة لإلقاء الضوء على الجوانب المشرقة من حياة الشيخ و استثمارها في استشراف المستقبل، كما إنها فرصة لفتح أوراش خاصة بالمحافظة على تراث الشيخ و العمل على ترميمه و صيانته و لا أعني بالتراث جدران الزاوية و الضريح بقدر ما أ قصد المخطوطات و الكتب التي مازالت لم تخرج للعموم، فشكرا للعاملين على تنظيم هذه الاحتفالات و نتمنى أن تكون فاتحة أمل لمزيد من العطاء المتواصل.

لمعرفة المزيد عن سيرة الشيخ ماءالعينين يرجى  زيارة الموقع http://maoulainine.topcities.com/




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات