الذاكرة- ( قناديل لامي)
اليوم تتنقل الذاكرة إلى الرابية لتتمشط ،
و تسدل الشعر على أسوار مدينة فاطمية
و تتبرج برؤوس القصائد الأولى ،
أمام الكلم المنحول من عمامة الحروف السائبة ،
اليوم تمارس الذاكرة الغواية و تكتحل أمام الرابية
و تتمدد سهلا فسيحا و شجرة وارفة
ثم تغني ،
ستستسمحنا أن نحسن بغنائها الضن
وربما ان نغني معا ،
صوتا أو صوتين،
وان نبكي في الحلم سويا،
ستستسمحنا أن نبني لها منصة عالية،
و أن يكون لها مثل الغابرين مسلة تتلى على ضلالها القصائد الطويلة،
و أن تعود مثلما يعود المطر الزاجل إلى سحابته الأولى
سنختار لها رصيفا و ملحمة جديدة نضيفها إلى القصص
التي نحكيها عند النوم لطفل صغير، يأخذ بعد الرضاعة حكاية،
سنسمي كل هذا مزاجا ،
أو مقامة ،
أو ربما سنسميه شعرا.
و سنسلم المفتاح لدواة حبر معبأة من كل نهر مات فيه كتاب،
سنسميها بطلا قوميا لأنها احترفت الفرار منذ أن أهرق التتار
في دجلة الكتاب و الأوراق و الأرواح.
كيف يتمدد الكلم ليصبح واديا و يصبح ضفة،
لا تذكر كل القطارات التي مرت بها ،
و كيف لا تشبه مآقيه مآقي الساحرات،
كيف يصنع الموسيقى و كيف يخرج من جوف القلب الكنوز،
و كيف يكون حلما و كيف يضيع كالدنانير في صبوة
العشق و في صدى الذاكرة ،
كيف يكون نهرا إذا انسكب الماء على الأوراق الأولى للصباح ،
كيف يقنعك أن الصخرة ليست سوى الحصى الواقف
منذ البارحة على محطة لن يمر بها القطار ،
وكيف علقت حبيبتي القمر على مسمار.
ما ترى تكون الأخبار الآتية من خلف ستارة تخبأ الأفق
كيف تنصب المسارح على ظهر حصان يركض
لتتأفف من قيض الطريق
أتجول الآن بين أصابعي واقف على الأنامل لأرى قمة
الرابية التي تتبرج عندها الذاكرة،
وارى القصة تأتي خلف الأسوار لتحكي الزجل الصامت،
لأنها اختارت من كل الأدوار القديمة كلمات مشطوبة ،
و اختارت
الأنين لهاثي
لتشد أزر نجمة تبكي بعد الموت نور قنديلي الصغير،
وجذاذات كنت اقتلها في الكلام ،
حين كان الصيف باب
و الشمس قيثارة بدوية يحملها عندي كل صباح
طائر متورد أو ربما يحملها العقاب .
لا تحب سمكتي الماء وتصر على اصطحابي إلى غابة الصنوبر،
تريد الأرقام أن تقفز إلى قعر في وجهي المشوه بالفرح
و يريد غصن أن يطول مثل علامة طريق فاسدة و مثل
تفاحة خضراء تباع في سوق القماش .
ليفتح قوسا ، ربما ليفتح قوسين ،
و ربما ثلاثا حتى يعرف كيف يخرج الغزاة من نار القناديل
وكيف يشتد على السامرين الظلام ،
حين يرقص نجم على نور بعيد يأتي من
فصول طويلة و احتفال صغير بين ولادة طارئة و موت
يتواتر كرقة عين مكتحلة
ستسمحون بكل الألوان أن أخرج من الأرض شتيمة
تحمر من خجل و من وجل
ليست الذاكرة متأكدة من قدرتها على فتح الدرج السفلي للخزانة،
لتنظر في الصور القديمة المنثورة في ظلامه
اما الرابية فتخاف المارد و تخاف العنقاء و تخاف أن تذكر للمخدة حلما
الفيض يخرج من بين الحرف العاري
و من كل تلك الصور المقلوبة
و يخرج مني
هل أنا أرض أم قدم
سعيف الظريف /ديوان مقتطعات للصباح2007
التعليقات (0)